انطلاقا من كون الثقافة الشكل الأرقى للحوار بين الحضارات وتعزيزا للتبادل الثقافي بين البلدين افتتح مساء اليوم الأيام الثقافية الهندية بالتعاون بين وزارة الثقافة والمجلس الهندي للعلاقات الثقافية وسفارة جمهورية الهند بدمشق وذلك على مسرح الأوبرا بدار الأسد للثقافة والفنون.
وبدأت فعاليات الأيام الثقافية بافتتاح معرض للصور تضمن قسمين الأول بعنوان “علاقة حب” وهو عبارة عن 20 صورة من مقتنيات السفير الهندي في دمشق تعكس ما تشكله جبال الهيمالايا من قيمة روحية في الثقافة الهندية أما القسم الثاني فهو عبارة عن صور لاثار ومعابد ومعالم هندية ورقصات فلكلورية وموسيقا ومسرح وصناعات يدوية تشتهر بها هذه البلاد إضافة إلى معرض كتاب احتوى إصدارات مترجمة عن اللغة الهندية والانكليزية تتضمن سيرا لشخصيات مفكرين وشعراء وأدباء هنود وأساطير وملاحم وقصصا هندية.
كما عرض فيلم وثائقي بعنوان “يوم من الحياة في الهند” تناول تطور الحياة فيها على مختلف الصعد والتقدم الذي أحرزته في العلوم التقنية والاتصالات والسينما والطب إضافة إلى الطقوس الدينية وجمال المناطق الطبيعية الهندية.
وفي كلمته خلال افتتاح فعاليات اليوم قال وزير الثقافة محمد الأحمد “إن الثقافة بين الشعبين السوري والهندي ليست وليدة اليوم بل انها تغوص عميقا إلى أيام طريق الحرير التي مرت عليها القوافل السورية والهندية حاملة البضائع المتبادلة بين البلدين وقبل ذلك عبر الحكايات والأساطير التي تلتقي وتتشابه في الكثير من مفرداتها ومضامينها”.
وأضاف وزير الثقافة خضنا معا غمار النضال ضد الاستعمار وحصلنا على الاستقلال بفضل جهود وكفاح شعبينا ومعا تكاتفنا في حركة عدم الانحياز من أجل طريقنا المستقل بعيدا عن إملاءات وولاءات خارجية ومعا نخوض اليوم حربا على الإرهاب الذي يهدف إلى تقويض بيتنا الداخلي وسلامة شعبنا.
واعتبر الأحمد أن الهند بلد متعدد الأديان والأعراف وذو حضارة عريقة ويضرب مثلا بأن التعددية تمنح القوة لأي شعب وليست عنصر ضعف مؤكدا أن المحاولات التي يقوم بها الحاقدون والظلاميون على سورية لن تنال من وحدة مكونات الشعب السوري.
وأعرب وزير الثقافة عن سعادته بإقامة هذه الأيام الثقافية كونها تجمع بين رغبة واحدة في جعل هذا العالم خاليا من الحروب والظلم والاضطهاد وجعل الثقافة بكل أشكالها هي الشكل الأرقى للحوار بين الأمم والبلدان والنهج الأسمى للعلاقات المتبادلة فيما بينها معتبرا أن هذا الأسبوع خطوة جديدة على طريق تعميق الحوار الثقافي والإنساني الخلاق بين الشعبين اللذين تربطهما هموم وطموحات مشتركة.
بدوره استعرض السفير الهندي في سورية مانموهان بانوت واقع الحياة الثقافية الاجتماعية في بلاده التي تضم 900 لغة وتنظم 60 مهرجانا كبيرا وتنتج قرابة 2000 فيلم سينمائي سنويا مشيرا إلى القاسم المشترك الذي يجمع مكونات بلاده والمتمثلة بالثقافة والروح الاحتفالية التي لا تتوقف في الهند.
وبين السفير الهندي أن مفهوم الثقافة بالمنظور الهندي يتماشى مع حاجات الجسد والعقل والروح وأن الثقافة الهندية تتميز بمرونتها كما أن قدرة الهند على الاندماج مكنها من إثراء حضارتها دون توقف بعد تفاعلها مع المجتمعات الأخرى عبر العصور مع الحفاظ على تقاليد تعود لآلاف الأعوام ولا سيما الرقص الكلاسيكي الهندي، معربا عن شكره لوزارة الثقافة ولدار الأسد على تعاونهما القيم في تنظيم هذه الفعالية.
ثم قدمت الفنانة الراقصة جانهابي بيهيرا وفرقتها الموسيقية عرضا من الرقص الهندي الكلاسيكي بعنوان “راقصة الأوديسي” تضمن لوحات تعبر عن حكاية الخلق في الثقافة الهندية حيث تعرض لوحة “بنشابوتا” العناصر الخمسة لخلق الله العظيم فيما تعني لوحة “راجشري بالافي” الإيضاح وتعتمد اللحن الإيقاعي أما لوحة “مدهوراستاكا” فتمجد “الإله كريشنا” في الحضارة الهندية القديمة.
وتحكي لوحة “فارسافيسارا” عن ترحيب التراب في الهند بوصول المطر أما لوحة “ياهي مدهافا” فتروي حكاية حب في التراث الهندي القديم في حين حملت اللوحة الأخيرة عنوان “هانسادواني بالافي” وتستعيد بها الإيقاع الرقيق المرح ذاته في اللوحة الثانية.
ويعد الرقص الكلاسيكي أهم الفنون الحضارية في الهند والذي يتميز بثلاثية المعاني المتضمنة فيه من اسم المؤلف واللحن والإيقاع كما يروي في “رسالة درامية” قصة تعبر عنها فوارق دقيقة في تعبير الوجه وحركات اليدين وخطوات القدمين المحبوكة مع الإصوات المرافقة حيث يتطلب اتقانه من قبل الراقصين عقودا من الزمن.
حضر حفل الافتتاح نائب وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد وسفراء كوبا وفنزويلا واليمن وأرمينيا وحشد من الشخصيات الثقافية والفنية.
ويعرض يوم غد الفيلم السينمائي الهندي “كسبا” أي البلدة وذلك في القاعة متعددة الاستعمالات في دار الأسد عند الساعة الواحدة ظهرا ويعاد عند الساعة الرابعة عصرا.
وتستمر فعاليات الأسبوع الثقافي الهندي لغاية الـ 14 من الشهر الحالي في كل دمشق واللاذقية وحمص.