تتضمن مجموعة “كسراب أو أصدق” مجموعة نصوص من النثر الشعري بقلم نصيرة عيسى تحاول أن تحلق فيها لتصل إلى مستوى الشعر في بناء عاطفي درامي متصاعد ضمن قالب سردي يحمل فكرة واحدة تأخذ بالقارئ إلى نهاية الحدث بتشويق وإثارة عاطفيتين فتقول في قصيدة “شغف الهواء”.. “وكي تعرفني الجهات .. أغنية ..أغنية .. أفرط لك شعري في الريح وحتى في الغياب .. تبقى يداي مفتوحتين كالمدى لغمرك”.

ثم تشكل عيسى لوحاتها الشعورية بانتقاء مفردات عفوية تذهب إليها بدلالة العاطفة لتأتي لوحتها مليئة باللهفة والشوق والأحلام تقول في نصها “اسمي في آخر الليل”.. “على المسافات .. تنثر اسمي في الظهيرة..وتنتظره ..ليزهر زهرة رمان في المساء..على الياسمين أنثر اسمك في الليل .. وأنتظره .. ليزهر باب بيت في الصباح”.

وفي أغلب قصائدها تظهر النزعة الأنثوية واضحة بهدوئها ونزوعها إلى النقاء الذي يكمن بين مكونات الألفاظ وروابط الأدوات لتشغل المتلقي عن الوزن الخليلي بعذوبة بعض الأنغام الموسيقية الداخلية المتكونة مع أسسها الجديدة الحداثوية تقول في نص “طفولة بلون الغيم”.. “هي كف الريح لي .. حين النسيم يداعب وجهك .. وأضيعني إليك .. وحدك من برقة نوره عبرني كماء ..كيف لا أحبك أكثر وأنت من أعادني طفلة .. طفلة تعبر عن إعجابها بالأشياء كغيمة صيف”.

وفي نصها “على مفارق الشعر” تتجه عيسى في بوحها إلى فلسفة الحب الذي يأخذ إلى تساؤلات مختلفة وإجابات متنوعة ترتبط بمدى الأحلام البعيدة لتنساب المشاعر كنهر يجري بهدوء ليصب في قلب القارئ فتقول..”على مفارق الشعر .. نتركها الإجابات مفتوحة لكل الاحتمالات .. نتركها أبعد من سماء .. وأقرب من عناق .. نتركها نصلا معقوفا على شكل سؤال في حناجرنا”.

وبرغم كل الأسى والألم تدعو نصيرة عيسى إلى بقاء الفرح وسط المصاعب والمتاعب مستخدمة في ذلك دلالات إيحائية تدل على أهمية السلوك الإنساني في حياتنا فتقول في نص حمل عنوان “ما تبق”.. ولأننا محملون بجراحنا المفتوحة ..لا نتوقف عن رشوة الفرح..بضحكاتنا بموسيقانا المفضلة .. وبكل ما تبقى فينا من روح”.

وللحرب الظالمة على سورية نص بعنوان “عتبات الأغاني” رأت فيه الشاعرة أن الجمال سيعود وأن الدموع سيمسحها الحب القادم من انتمائنا الذي يبعثنا إلى أقصى درجات الأمل بمستقبل جميل فتقول ..”سنورق أيتها الحرب .. سنلملم الدموع على العتبات..ونعيدها فراشات نجو وجه السماء .. سنحفظها بين صفحات الكتب..سنعلقها تمائم حب في جيوب قمصاننا”.

وفي قصيدتها كسراب أو أصدق التي جاءت عنوانا للمجموعة ترسم الشاعرة لوحة تشكيلية ثم تربط بينها وبين عاطفتها لتؤدي إلى أنسنة تلك اللوحة ومشاركتها بالحالة العاطفية التي تعيشها خلال كتابة النص فتقول ..”إني احتمال التراب..أتشقق حين يجافيني الماء”.

الكتاب الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب يقع في 91 صفحة من القطع المتوسط يعتمد أسلوب قصيدة النثر بشكل إبداعي يهدف إلى تقديس المحبة وجعلها حالة إنسانية عامة وسائدة في المجتمع.

يشار إلى أن الشاعرة نصيرة عيسى مهندسة كهربائية من مدينة سلمية بريف حماة لها مشاركات عديدة في الأنشطة الثقافية والأدبية بمحافظتها وكتاب “كسراب أو أصدق” هو باكورة أعمالها الشعرية