لاشك أن أي أمة تزهو وتكبر بمبدعيها, ومن حق هؤلاء علينا أن نحتفي بهم ونتابعهم وننقل آراءهم للأجيال القادمة...
هادي دانيال الشاعر والكاتب السوري, رحلة عمر مليئة بالعطاء, أعماله الإبداعية تجاوزت أربعة وثلاثين كتابا بينها ثماني عشرة مجموعة شعرية, لم يصمت يوماً لا بل ازداد صوته علوّاً في دواوينه التي صدرت بعد عام 2010.
جديد هادي دانيال هو كتاب (مرآة الحياة في شعر هادي دانيال) - صدر عن دار بيرم للنشر والتوزيع - صفاقس - للأديب حمدي مخلف الحديثي الكاتب العراقي الذي يكتب القصة والرواية والنقد الأدبي منذ عشرات السنين.
يسرد الكتاب سيرة حياة الشاعر هادي دانيال وقصائده الشعرية فهو صاحب شجرة شعرية نادرة غرسها وهو في السابعة عشرة من عمره... وقد مرّ الكاتب على بعض أفكار الشاعر من خلال بعض الإجابات فوجد أن هناك الكثير من الوجع الشعري, السياسي, الفلسطيني, الحياة, النقد..الخ 58.
يقول المؤلف أن هادي دانيال قد قسّم مراحله الشعرية كما يأتي: مرحلة البدايات في سورية, كانت محاكاة لنماذج شعرية أبرزها من نزار قباني, ممدوح عدوان, محمود درويش...
المرحلة الثانية: من تجربتي الشعرية المستندة هذه المرّة إلى مراجع شعرية كبرى فتحت آفاقاً خلاّقة شعرت باختلافها الشعري منذ ألقيت بروحي وجسدي بين أحراش شتورة اللبنانية.
بعد الخروج من بيروت بدأت المرحلة الثالثة من تونس تحديداً... ونجد في المرحلة الأولى قصيدة التفعيلة والقفلة الصاعدة.
المرحلة الثانية قصيدة التفعيلة ثم المرحلة الثالثة, التفعيلة, مقاطع عمودية, وقصيدة النثر وبعدها العودة إلى التفعيلة.
العنوان.. دلالة
دلالة مكانية, دلالة للسكن, لعمل, لأي مكان.. لكن العنوان المتعلق بالنص الأدبي, هل يجب أن يكون دلالة للمحتوى, أو لصيقاً, وقد يكون من متن النصّ؟!
يرى المؤلف أن عناوين دواوين أو قصائد الشاعر هادي دانيال مختلفة الجذور, بعيدة عن عناوين الآخرين وذات خصوصية.
الدواوين: (بردى ووفود الجوع) بردى النهر الذي تغزل به الشعر السوري والعربي وصار رمزاً.... وفود الجوع... عن حياة الفقراء.62
(رؤى الفتى) - (غليون لتدخين الأحلام) - (قصائد الحرب) - (أناشيد النورس) (عشبة على حجر) - (رأس تداولته القبّعات).
المكان
أي مكان.. ومهما يكن حجمه, شكله, وضعه الاجتماعي, طبيعته, له الأثر البالغ في شعر أي شاعر, وتكون بينهما علاقة متينة, لكنها ذات أشكال متعددة.
والشاعر هادي دانيال كتب الكثير من قصائده في المقاهي, خصوصاً بعد سكنه الطويل في تونس, لكنه نادراً ماذكر بعض أسماء المقاهي في نصوصه, وكثيراً ماذكر (مقهى) وتركها عائمة, مجردة من هويتها الثبوتية, لكن في نهاية النص يذكر اسم المقهى وتاريخ كتابة القصيدة وهذا يعد توثيقاً للقصيدة (زمان ومكان للكتابة)92
133ولاننسى أن الشاعر دانيال كتب بعض القصائد المتعلقة بالمدن, سواء كانت القصيدة كاملة الرؤيا بالمدينة أو بعض صور منها... وأكثر مكان ارتبط به دانيال مكان طفولته كفريّة إلى جانب معشوقته دمشق.
في الفصل الخامس يعرج المؤلف على القصة القصيرة جداً وكيف سميت منذ القدم ليطلعنا على قصيدة هادي دانيال القصيرة فيقول هي:
قطعة شعرية مكثفة, جاهزة للكتابة في لحظة تأملية تأتيه دوماً في المقاهي.
قصيدة ذات صيغ راقية مبتكرة
قصيدة نابعة من دواخل ذاتية ممزوجة بذات الآخر
لم تقم قصيدته القصيرة على خبر اعتيادي أو حالة بسيطة, بل هي تشكيل شعري فني مستقل يشعّ إحساساً إنسانياً.
ويختتم بالقول الشيء المميز أن القارئ يلاحق قصائد هادي دانيال مثل صياد يلاحق فريسته, وإن مسك بها يتوقف عند كل صورة محاولاً التوغل فيها
