سيريانديز – فريال أبو فخر
كثيراً ما نرى إبتذالاً كبيراً وتهريجاً واضحاً في بعض أعمالنا الكوميدية التي تعرض على شاشاتنا ، فيكفي أن تأتي الشركة المنتجة بممثلة أو ممثل يملك الحس الكوميدي ومعروف لدى الناس بإتقانه لهذا اللون ، حتى تغرق " السوق " بمجموعة أعمال كوميدية تتمحور حول هذه الشخصية وتعتمد بالدرجة الأولى على التهريج والهزل في المواقف المطروحة وبالتالي تحقق هذه الأعمال أكبر نسبة مشاهدة لتعطش الجمهور للضحك والترفيه والمتعة والتسلية .
سيريانديز إلتقى مجموعة من فنانينا السوريين الذين تحدثوا لنا عن مفهومهم لهذا المصطلح وعن نوعية الكوميديا التي يرغبون بتقديمها ، وكان أول من إلتقيناهم الفنان فائق عرقسوسي فقال :
الكوميديا أولاً وأخيراً هي فعل إنساني وحالة فعل ونوع درامي إنساني يميل للمشاركة عن طريق الضحك ، ولكن على أن يأتي هذا الفعل بشكل تلقائي بعيداً عن التصنع والإعتماد على اللفظ وحركة خارجية معينة ، ولابد من تناغم الفعل الإنساني مع الحركة واللغة ليكون العرض الكوميدي مميزاً ولطيفاً ، وأعتقد أن الكوميديا أصعب من الدراما نظراً لطبيعتنا وتركيبتنا الميالة ِأكثر للتراجيديا ، فمن السهل أن يتفاعل معك الإنسان عندما تقدم له عملاً مأساوياً ، ولكن من الصعب أن تجعله يضحك من أعماقه ، قد يتألم الإنسان نتيجة الضحك – بمعنى - نتيجة لإكتشافه حالة جديدة ومختلفة تماماًُ عما يضحك عليه ، وعليه فإن الكوميديا فعل إنساني له علاقة بكينونة الإنسان ، بمصيره ، وبأسئلة وجوده الكبرى .
وبلقائنا المخرج محمد الشيخ نجيب قال :
أحب أن أقدم الكوميديا السوداء وهي كوميديا لاتعرف نفسك هل تضحك عليها أم تبكي ، بلحظة تشاهد نفسك تضحك وبعد قليل تبكي وتحزن على الشخصية التي ضحكت عليها ، يمكن أن نقدم كوميديا الضحك من أجل الضحك مثلما نقدم المتعة من أجل المتعة ، ولكن بعيداً عن التهريج .
وكانت إجابة الفنانة أمانة والي عن سؤالنا :
إلى الآن لايوجد عندنا دراما كوميديا على المستوى المطلوب ، يجب أن يتواجد النص وكذلك أن يعرض عليك ، فهنا الفنان يجب أن يكون محظوظاً مرتين أولاً بوجود النص وثانياً أن يأتيه هذا النص ، أنا أحب الكوميديا وأحسها لغة العصر وخصوصاً الكوميديا الساخرة ، لأن عصرنا عصر ساخر ما أن ينام الإنسان حتى يستيقظ على أخبار غريبة أناس وصلوا إلى القمر والمريخ والسكن فيه ( كمبيوتر ، إنترنت ، إكتشافات علمية وتقنية مبهرة ) والكوميديا هي النوع الأنسب لهذه الحياة التي نعيشها ، فهي مختلفة عن القرون الوسطى وعن الزمن الذي ينتمي إليه شكسبير وعن زمن الوقوف على المسرح وقول المونولوج من 300 صفحة ، فحياتنا إختلفت وأصبحت كوميديا .
الفنان جهاد عبدو قال :
الكوميديا التي أعمل عليها منطلقة من مبدأ شر البلية ما يضحك ، وهناك مفارقات مضحكة في الحياة وهذا ما يثيرني كممثل وسبق أن قدمت هذا النوع أثناء الدراسة ،
أما الفنانة ليلى سمور فقد علقت :
على الجهات المنتجة التي تهتم بالنوعية وليس بالكمية وأن تحرص على عدم أخذ النصوص الهشة الخالية من المضمون وخصوصاً النصوص الكوميدية ، أحب أن أقدم الكوميديا السوداء ، فمن قلب الموقف الجاد المؤلم تأتي الكوميديا والضحك ، وهذا الأمر ينطبق على سلسلة مرايا مثلاً التي تهدف إلى تقديم الكوميديا الراقية والهادفة وكوميديا الموقف ولاأقول هذا الكلام لأنني شاركت فيها .
الفنان أديب قدورة شاركنا برأيه قائلاً : أحب أن أقدم كوميديا الموقف التي تعالج مواضيعاً مهمة وحساسة ، ولقد قدمت شخصية مميزة تنتمي لهذا النوع في فيلم بقايا صور عن رواية بالإسم نفسه للكاتب الكبير حنا مينا ، وهي شخصية " أبو سالم " التي جسدت مفارقات عميقة في حياة مجتمعنا قبل الإستقلال وأذكر أن هذه الشخصية أضحت الحضور في أكثر من بلد أجنبي عرض فيه الفيلم .