كتب المهندس محمد غياث الحبال
تمر سوريا اليوم بمرحلة تاريخية نادرة، قد لا تتكرر. إنها لحظة مصيرية تتيح لنا أن نعيد صياغة الحاضر من أجل مستقبل نطمح إليه جميعاً:
سوريا المواطنة، سوريا الجامعة لا المفرِّقة، سوريا التي تبني ولا تهدم، سوريا التي تضع الإنسان في قلب المعادلة قبل الحجر والمشاريع.
في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ وطننا، لم يعد كافياً أن نحلم بسوريا الجديدة، بل أصبح لزاماً علينا أن نرسم معاً رؤية وطنية جامعة، نستلهمها من تاريخنا العريق، ونبنيها بعقولنا وسواعدنا، ونسير بها إلى مستقبل مزدهر ومتوازن.
إننا نؤمن أن سوريا قادرة أن تكون منارة حضارية للإنسانية، إذا أعدنا بناء الإنسان، واستثمرنا مواردنا بحكمة، وأعدنا الثقة بين الدولة والمجتمع.
هذه الرؤية ليست خطة حكومية، وليست بياناً سياسياً.
إنها مشروع وطني تشاركي ينتمي إلى كل السوريين، ويحتاج إلى وعيهم، ومشاركتهم، وضميرهم الحي.
ملامح سوريا الجديدة كما نراها:
أولاً – بناء الإنسان:
من خلال تعليم عصري منفتح على العالم و دعوة الجامعات العالميه لتوطين التعليم و البحث العلمي في سوريه ، وثقافة وطنية جامعة، وقيم أخلاقية تسامحية. فالنهضة تبدأ من العقل، وتنضج في الضمير.
ثانياً – اقتصاد منفتح وطني منتج ومستقل:
نعيد الاعتبار للزراعة والصناعة، نستثمر في الطاقة المتجددة، نفعّل صناديق سيادية وطنية يملكها الشعب السوري تقود المشاريع الكبرى، ونضمن الشفافية في إدارة الثروات.
ثالثاً – حكم رشيد ومؤسسات عادلة:
نحتاج إلى إدارة فعّالة، وقضاء مستقل، ودولة قانون، لا مكان فيها للفساد أو المحسوبيات، حيث لا أحد فوق المساءلة.
رابعاً – علاقات خارجية متوازنة:
نطمح إلى سياسة مستقلة، متوازنة، تحفظ السيادة، وتنفتح على العالم وفق منطق الشراكة والمصالح المتبادلة.
خامساً – علم وتكنولوجيا وتحول رقمي:
جامعات منتجة للمعرفة تقوده اهم الجامعات والمدارس العالميه بالتوازن مع البحث العلمي ، اقتصاد معرفي، خدمات حكومية إلكترونية، وتشجيع لريادة الأعمال والشركات الناشئة.
سادساً – سياحة وهوية حضارية:
ترميم للآثار، تنشيط السياحة الدينية والعلاجية، تنظيم معارض ومهرجانات ثقافية تُعيد لسوريا وجهها الحضاري المفتوح.
سابعاً – مشاريع استراتيجية محلية:
أبرزها مشروع “البيت الأول لكل مواطن”، كمركز تنموي في كل مدينة سورية، يقدّم السكن والخدمات والتدريب وفرص العمل، ويكون نواة تنمية محلية حقيقية.
ثامناً – خصخصة وطنية واعية:
تمليك الشعب للقطاعات الاقتصادية الاستراتيجية عبر صناديق استثمار وطنية، وفصل الملكية عن الإدارة لضمان الكفاءة والشفافية، بعيداً عن المصالح الضيقة أو السياسية.
إن هذه الرؤية ليست نهاية الطريق، بل بدايته.
هي دعوة مفتوحة للجميع، للانخراط في مشروع وطني جامع، يعيد لنا كرامتنا، ويعيد لسوريا موقعها الذي يليق بها.
لنبنِ معا سوريا المنفتحة، المزدهرة، الحرة، العادلة… سوريا التي تستحق أن تكون منارة للعالم.