تنطلق في الرياض غداً فعاليات النسخة الثالثة من معرض “صُنع في السعودية 2025″، الحدث الصناعي الأبرز في المملكة، الذي يجسّد طموحات رؤية 2030 في تنويع الاقتصاد، وتعزيز المحتوى المحلي، وترسيخ مكانة المملكة كقوة صناعية عالمية صاعدة.
ويكتسب المعرض هذا العام بُعداً إقليمياً مميزاً مع مشاركة سوريا كضيف شرف، في خطوة تعكس عمق الروابط الأخوية، وتفتح آفاقاً جديدة للتكامل الصناعي والاقتصادي بين البلدين، ضمن توجه سعودي متزايد لدعم مسار التعافي والانفتاح الإقليمي.
لم يعد “صُنع في السعودية” مجرد شعار أو علامة تجارية، بل تحول إلى منظومة صناعية متكاملة أُطلقت عام 2021 برعاية ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، لتكون رافعة وطنية لتسويق السلع والخدمات السعودية محلياً وعالمياً.
ويهدف البرنامج، الذي تشرف عليه هيئة تنمية الصادرات السعودية ضمن برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، إلى جعل المنتج السعودي الخيار الأول للمستهلك، وبناء هوية صناعية موحدة تعزز الثقة والجودة والقدرة التنافسية.
حتى اليوم، بلغ عدد الشركات الوطنية المسجلة أكثر من 3350 شركة، فيما تجاوز عدد المنتجات المسجلة 18 ألف منتج تحمل الهوية الوطنية “صناعة سعودية”.
وفي هذا السياق، يؤكد وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر بن إبراهيم الخريّف أن الثروة الحقيقية للمملكة تكمن في شبابها وإمكاناتها الصناعية، مشدداً على أن المرحلة الحالية تمثل نقطة تحوّل نحو صناعة غير نفطية رائدة عالمياً، قائمة على الابتكار والتكامل والشراكات.
يقام المعرض خلال الفترة من الـ 15 إلى 17 من كانون الأول 2025 في مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات، بمشاركة:
25 جهة حكومية.
أكثر من 500 علامة تجارية.
110متحدثين من قادة الفكر وصنّاع القرار.
تنظيم 25 ورشة عمل متخصصة.
يُتوقع أن يستقطب المعرض نحو 100 ألف زائر من مختلف أنحاء العالم.
وسيستعرض الحدث منظومة صناعية وطنية متكاملة تشمل قطاعات حيوية، من الطاقة والبتروكيماويات والصناعات التحويلية والآلات والمعدات، وصولاً إلى الاتصالات والاقتصاد الرقمي والرعاية الصحية والموضة والسياحة والصناعات المتقدمة.
تنوّع يقود التحوّل الاقتصادي
يشكّل القطاع الصناعي أحد أعمدة رؤية 2030، مع توجه واضح لتقليل الاعتماد على النفط وبناء اقتصاد متنوع ومستدام.
وتبرز الصناعات البترولية والبتروكيماوية كقاعدة تاريخية للاقتصاد الوطني، مدعومة بتطوير سلاسل القيمة المضافة، إلى جانب صناعات التعدين والإسمنت، والصناعات الغذائية التي تعزز الأمن الغذائي وتلبي الطلب المحلي والتصديري.
في المقابل، تشهد المملكة توسعاً متسارعاً في الصناعات التقنية والإلكترونية، والطاقة المتجددة، والصناعات العسكرية، فضلاً عن دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة بوصفها محركاً رئيسياً لخلق فرص العمل وتعزيز الابتكار.
هذا التنوع يعكس طموح السعودية للتحوّل إلى مركز صناعي إقليمي وعالمي، مستند إلى بنية تحتية متطورة، وبيئة استثمارية جاذبة، وشراكات دولية تدعم نقل المعرفة وتوطين التقنيات الحديثة.
تجربة صناعية وثقافية متكاملة
لا يقتصر “صُنع في السعودية 2025” على العروض الصناعية، بل يقدم تجربة متكاملة تجمع بين التصنيع الحي والابتكار والهوية الثقافية، عبر أجنحة ومناطق تفاعلية مثل:
الحي السعودي الذي يعكس نمط الحياة والمنتج الوطني.
هاكاثون صُنع في السعودية لابتكار حلول رقمية في التصدير وسلاسل الإمداد.
مصنع التمكين الذي يبسّط رحلة المستثمر الصناعي من الفكرة إلى التشغيل.
سوريا ضيف شرف… “نشبه بعضنا”
تحلّ سوريا ضيف شرف على المعرض عبر جناح خاص يضم أكثر من 25 شركة من مختلف القطاعات الصناعية والخدمية، تحت شعار “نشبه بعضنا”، تأكيداً على القيم المشتركة وامتداداً لمشاركة السعودية بالعنوان ذاته في معرض دمشق الدولي هذا العام.
ويشارك وزير الاقتصاد والصناعة السوري نضال الشعار في الفعاليات، حيث تُطرح رؤية سوريا لتعافي الصناعة، وبحث فرص التعاون الإقليمي في مجالات التصنيع وسلاسل الإمداد والاستثمار، بما يعزز النمو المشترك والاستقرار الاقتصادي.
من خلال “صُنع في السعودية 2025″، توجه المملكة رسالة واضحة مفادها بأن الصناعة السعودية لم تعد محلية الطموح، بل عالمية الرؤية، تستند إلى جودة المنتج وكفاءة الإنسان وشراكات استراتيجية عابرة للحدود.
وتأتي مشاركة سوريا ضيف شرف، لتؤكد أن المستقبل الصناعي في المنطقة يُبنى بالتكامل لا بالعزلة، وبالاستثمار في الإنسان قبل كل شيء.