سيريانديز - خاص
لم تهدأ مطالب الصناعيين بضرورة حماية الصناعة الوطنية من حالة الإغراق التي تشهدها الأسواق المحلية نتيجة استيراد السلع والمنتجات بمختلف أنواعها والتي لها مقابل بالصناعة الوطنية وخاصة (الألبسة والأغذية والأحذية والمنتجات الجلدية وغيرها). وقبل يوم من لقاء وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور نضال الشعار مع الفعاليات التجارية والصناعية بغرف تجارة وصناعة حلب، كان منتجو الأحذية في حلب قد جددوا مطالبتهم للحكومة ووزارة الاقتصاد بضرورة حماية الإنتاج المحلي مبينين أنه ومنذ ثمانية أشهر وهم يطالبون بمنع استيراد الأحذية الأجنبية دون أن تلقى مطالبهم أية استجابة من المعنيين.
فهناك أكثر من 7500 معمل أحذية في سوريا تعثرت أعمالهم بسبب البضائع المستوردة علماً أن أقل معمل يؤمن دخلاً لأكثر من 20 عائلة. وبين الصناعيون بأنهم حالياً غير قادرين على منافسة البضائع الأجنبية وذلك بسبب ظروف الكهرباء وتأمين المواد الأولية وتكاليفها المرتفعة واستنزاف مقدراتهم على مدى 14 عاماً، وعليه فقد طالب الصناعيون بوقف استيراد كل أنواع الأحذية أو فرض رسوم جمركية عالية ودعم وتشجيع المنتج المحلي، علماً أن حلب تعتبر العاصمة الاقتصادية لسوريا والأغلبية فيها يعملون بالتجارة والصناعة، وهي محافظة مصدرة وليست مستوردة وتعتمد على الإنتاج بشكل كبير وإنتاجها قادر على تغطية أسواق البلدان العربية وليس فقط الأسواق المحلية.
وفي هذا السياق علق عدد من المستهلكين مشيرين إلى تراجع جودة المنتج المحلي من الأحذية مقارنة بالأجنبي، وهذا سيدفع بالمستهلك إلى الإقبال على المنتج الأجنبي لأنه يعرف أن الحذاء الوطني سيصيبه العطب خلال شهرين أو ثلاثة، في حين أن الأجنبي يمكن أن يبقى سليماً دون أي عطب لأكثر من سنة وبالتالي فإن عامل السعر هنا لن يكون عائقاً أمام المستهلك الباحث عن الجودة والمتانة وحتى الأمبلاج الأفضل.
ورأى البعض إن المنافسة تتطلب إعادة النظر بمستويات أسعار المنتج المحلي ذي الجودة الأقل ليكون هناك تصريف وبيع، وإلا فإن الطلب سيتراجع على المنتج المحلي مقابل ارتفاع الطلب على المنتج الأجنبي. صاحب معمل حقائب نسائية قال هناك دور غير جيد يلعبه تجار الجملة، فهو كصاحب معمل يضع ربح على القطعة مبلغ 7 آلاف ليرة، في حين أن تاجر الجملة يضع أكثر من 20 ألف ليرة كربح على القطعة، وصاحب المحل (تاجر المفرق) يضع أضعاف هذا الرقم كربح، ولذلك نجد أن البضاعة المحلية أسعارها مرتفعة، وبما أن جودتها منخفضة فإن الطلب عليها سيتراجع وسيكون المنتج الأجنبي رقم واحد بأسواقنا المحلية.
وبدوره قال الصناعي رامي عرب الحلبي في منشور له: نحن لسنا ضد الاستيراد، ولسنا ضد السوق المفتوح، لكننا نطالب بمنافسة عادلة، لا أن يكون هناك طرف (المستورد) مدعوم، والطرف الآخر (الصناعي المحلي) محاصر ومطارد بالضرائب والمصاريف والاتهامات، فعندما يعمل الصناعي في ظل نقص في المواد الأولية وارتفاع الدولار وصعوبة الاستيراد، وانقطاع الكهرباء، وغياب التسهيلات والدعم الحكومي وسوق مفتوح بلا ضوابط ولا حماية، فإنه من غير المنطق أن نطالب الصناعي أن ينافس البضائع المستوردة المدعومة في دولها.
وأضاف عرب الحلبي إذا أغلقت المعامل وتوقفت الورش لن يتأثر فقط الصناعي بل ستفقد آلاف فرص العمل وسيتحول البلد إلى سوق استهلاكي تابع لا يملك قراره ولا رغيفه ولا لباسه، وعليه وجد الحلبي إن الصناعة الوطنية ليست فاشلة بل مظلومة ومحاصرة وهي شريان الاقتصاد تؤمن دخلاً لآلاف العائلات، والورش والمشاغل الصغيرة، وفيها أيدي عاملة خبيرة بالمهنة، فهي ليست سلعة وإنما هي منظومة إنتاج وبقاء وفرصة للشباب للعمل بدلاً من الهجرة أو البطالة.
ودعا الصناعي عرب الحلبي إلى انتهاج الدولة لسياسة اقتصادية وطنية متوازنة تعطي الأولوية للصناعة الوطنية، وتُرَشِّد الاستيراد وتعيد الاعتبار للإنتاج لا للاستهلاك، وللتشغيل لا للتكديس، وقال نحن لا نطلب من المستهلك أن يشتري سلعة سيئة بل نطلب أن يدعم المنتج الوطني مشيراً إلى أنه يقدر رأي المستهلك وملاحظاته حول جودة وسعر المنتجات المحلية، واعداً بتقديم الأفضل فيما لو توفر الدعم.
وأكد عرب الحلبي أنه على الصناعيين أن يكملوا عملهم وألا ينكسروا أمام موجات التثبيط والتشكيك، لكونهم أساس البناء والنهوض، والتاريخ لن ينسى من بقي يعمل حين توقف الجميع. وقد تلقى قطاع الأعمال في حلب وعوداً تبدو جدية من السيد وزير الاقتصاد الدكتور نضال الشعار بتقديم الدعم اللازم للصناعة وما يتطلبه الإنتاج المحلي للاستمرار والمنافسة، وذلك خلال اللقاء الذي جرى أمس مع الفعاليات في كل من غرف التجارة والصناعة بحلب.