خاص- سيريانديز
"منذ أكثر من شهرين عرضت سيارتي وهي موديل 2012 للبيع وكان أكبر سعر دفع لي 5000 دولار وفي صبيحة هذا اليوم تلقيت 5 اتصالات دفع خلالها أحد المتصلين مبلغ 7000 دولار" يقول الصيدلاني ميلاد لشبكة سيريانديز وذلك في انعكاس فوري لقرار وزير الاقتصاد والصناعة الذي يرى فيه خبراء ومتخصصون بسوق السيارات المستعملة بداية لمرحلة جديدة تسودها الفوضى والابتزاز لاسيما في ظل دخول "شقيعة" امتهنوا حديثا استيراد السيارات من الخارج دون أي ضوابط أو قوانين تنظم عملهم.
القرار الجديد لوزير الاقتصاد والصناعة استثنى استيراد السيارات المستعملة الرؤوس القاطرة والشاحنات وآليات الأشغال العامة والجرارارت الزراعية والحافلات التي يزيد عدد مقاعدها عن 32 مقعدا في سياق حرص الدولة السورية على الاستمرار في تعزيز ودعم قطاعات الانشاءات والزارعة ونقل الركاب بينما سمح باستيراد السيارات الجديدة وغير المستعملة شريطة ألا تزيد سنة الصنع عن سنتين فقط في خطوة رأى الكثيرون أنها قد تشكل نقطة تحول حقيقية في تحديث أسطول السيارات في البلاد شريطة استتباعها بخطوات جريئة ومسؤولة تستكمل هذا الملف بشكل نهائي.
الخبير الاقتصادي تمام ديبو اعتبر في حديث لشبكة سيريانديز أن أولى هذه الخطوات الجريئة تتمثل في اصدار حزمة قوانين وتشريعات كفيلة بتشجيع مالكي السيارات القديمة، موديل الثمانينات والتسعينات، على استبدال سياراتهم بسيارات جديدة، مضيفا "ولا ضير في إعطاء مهلة زمنية محددة لمالكي هذه السيارات وفي مقدمتها سيارات الأجرة يمنعون بعدها من العمل في هذا المجال".
وتباينت الآراء لا بل تناقصت حيال قرار منع استيراد السيارات المستعملة حيث رأى سليمان صاحب مكتب بيع وتأجير سيارات أنه "سيضع حدا لفوضى استيراد السيارات لاسيما بعد أن دخل هذا المجال أشخاص عاديون يملكون بضعة آلاف من الدولارات وقاموا باستيراد سيارات من دول الجوار وطرحها في الأسواق دون أن يكون لديهم أي خبرة في حاجة السوق المحلية ومواصفات السيارات المستوردة وكان هذا كفيلا بزيادة الفوضى في الأسعار وتكدس آلاف السيارات في السوق السورية".
فريق آخر اعتبر أن توقيت القرار غير مدروس وغير مناسب حيث اعتبر سامر شعال أنه كان الأجدر تسجيل السيارات المستوردة في المواصلات الحكومية وفراغها بشكل كامل قبل إصدار القرار لمنع حدوث أي حالات ابتزاز من قبل البائعين بذريعة تعرضهم للغبن في الأسعار التي باعوا بها سابقا، كما حذر من اختلاق واصطناع تضخم في سوق السيارات وزيادة الجمود الذي يسيطر على السوق بدلا من تحفيز عمليات البيع، خاصة مع تحول بعض التجار في الفترة الماضية إلى عرض سياراتهم بأساليب تسويقية غير تقليدية وصلت حد البيع على الأرصفة.
وتشير احصائيات شبه رسمية إلى أنه منذ سقوط النظام البائد دخلت إلى البلاد ما يزد عن 300 ألف مركبة بأنواع وموديلات حديثة لا تتوفر لها خدمات صيانة ولا قطع غيار محليا الأمر الذي ينذر بظهور أعباء مالية جديدة على المالكين مع مرور الوقت وفي هذا السياق يعرب الاقتصادي ديبو عن أمله في أن يشجع القرار الجديد رؤوس الأموال الكبيرة على دخول سوق السيارات وتأسيس صالات ومعارض متخصّصة، وتقديم خدمات ما بعد البيع التي تشمل الصيانة الدورية وتوفير قطع الغيار بشكل دائم، مما يمنح هذا القطاع بُعدًا تنظيميًا وقيمة مضافة أعلى.
وفي المحصلة قرار منع استيراد السيارات المستعملة يحمل في طياته تحديات وفرصا وفي مقدمتها إعادة احياء مصانع السيارات المحلية عبر تشجيع الحكومة على تقديم حوافز للشركات الوطنية، وتوفير بيئة مناسبة لتطوير منتجات تتوافق مع المعايير الدولية ما يعزز من قدرات السوق ويقلل من الاعتمادية على السيارات المستوردة.