سيريانديز ــ خاص
لا يزال آلاف الموظفين الممنوحين إجازات مأجورة، بينهم "صحفيون وأطباء وعمال ومهندسون .." وغيرهم , يعيشون حالة من الضبابية بشأن مستقبلهم الوظيفي في ظل عدم وضوح الأسباب وفق رأيهم من جهة، وضبابية أو غياب المرجع الحكومي الإداري القادر على إعطاء أجوبة دقيقة حول مستقبلهم الوظيفي.
هذه الحالة من الضبابية وضعت الموظفين خصوصا الذين لا يملكون أعمالا أخرى سوى تلك الوظيفة ويعتمدون بشكل مطلق على رواتب الدولة في تأمين مستلزمات معيشتهم في حيرة من أمرهم، فالبعض منهم قال لشبكة "سيريانديز": لم تصلنا حتى الآن الأسباب الحقيقية وراء منحنا هذه الإجازة رغم إلحاحنا لمعرفة الأسباب الحقيقية من جهة , ومن جهة ثانية لا نملك أعمالا أخرى غير هذه الوظيفة الحكومية التي نعيش من راتبها وبالتالي أصبحنا على "محك الحياة" مع التوجس من مستقبلنا الوظيفي.
صيدلانية تعمل في القطاع الطبي بمحافظة طرطوس طلبت عدم ذكر اسمها ,قالت للشبكة لقد تم منحي إجازة مأجورة دون معرفة الأسباب الحقيقية رغم حاجة القطاع لخدمات عملي كصيدلانية في مشفى بانياس الوطني ، وإن الادعاء بأننا فائض يجافي الحقيقة فالمشفى يعاني أساسا من نقص في الكوادر الطبية والتخصصية.
العامل محمد الإبراهيم / وزارة الكهرباء / يقول لشبكة سيريانديز": أعطوني إجازة مأجورة دون أن أطلبها, واليوم أنتظر مصيري الوظيفي فيما الشك يراودني بشأنه خشية إنهاء عملي وبالتالي يؤثر على معيشة أسرتي حيث لا يوجد لدي عمل آخر أتقنه سوى هذه الوظيفة الحكومية.
عدد آخر من الموظفين الممنوحين إجازات مأجورة في مؤسسات مختلفة التقهم سيريانديز أبدوا خشية كبيرة على مستقبلهم حيث تصلهم الكثير من الشائعات بشأن عدم عودتهم للعمل، وبالتالي إمكانية فصلهم أصبحت واردة.
وبين الشك والتوجس والضبابية يعيش آلاف الموظفين الممنوحين تلك الإجازات في حيرة من أمرهم، فلا رأي حكوميا يفيد بشأن مستقبلهم الوظيفي يكون كفيلا بتأمين حياة كريمة لهم، ولا إجابات مقنعة من إدارتهم بشأن وضعهم المستقبلي.
ويرى بعضهم أن مبررات استبعادهم عن العمل غير صحيحة من الأصل، فمنها مثلا أنهم "فائض" فيما المؤسسات الحكومية تقوم بتوظيف عمال آخرين أقل كفاءة منهم "وفق تعبيرهم"، كما تعلن تلك المؤسسات عن مسابقات عمل جديدة وبالتالي زيف ادعاء وجود الفائض في العديد من المؤسسات.
حاولت سيريانديز التواصل والبحث عن رأي إداري يخص هؤلاء الموظفين دون الحصول على معلومة وافية من الجهات المعنية ليبقى القرار الوحيد الواضح بشأن هؤلاء الموظفين ما صدر مؤخرا عن شؤون مجلس الوزراء في الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية في الخامس عشر من الشهر الماضي من قرار تمديد الإجازات التي منحت للعاملين ثلاثة أشهر إضافية بتمام الأجر الشهري المقطوع، وفق أجر الشهر الأول لعام 2025، وذلك لغاية 31 من آب 2025، لحين بحث وضعهم مستقبلًا.
وتبقى قانونية هذه القرارات معلّقة في وقت لم تتجاوب فيه الحكومة مع طلبات التعليق، وسط حالة من الضبابية أمام رؤية الموظفين لمستقبلهم المهني بعد سنوات أمضوها بالخدمة في هذه المؤسسات.
وأبعدت الحكومة الجديدة مع بداية العام عددا كبيرا من العاملين في مؤسسات الدولة، بين قرارات فصل، وكف يد، وإجازات طويلة الأمد مأجورة أو غير مأجورة، إلى جانب الامتناع عن تجديد عقود المتعاقدين المؤقتين، ما خلق حالة من القلق بين الموظفين في القطاع العام بعموم المحافظات السورية.
ويتضمن القانون الأساسي للعاملين (رقم 50 لعام 2004)، والذي يعد ساري المفعول حتى اليوم، الأوضاع القانونية للعاملين، مثل أصول التعيين والدرجات والتثبيت، كما يتضمّن فقرات خاصة بالتسريح مثل حالات عدم الترفيع في التقييم الدوري مرّتين متتاليتين أو ثلاث خلال خدمته.
وينصّ في المادة 137 على أنه "يجوز بقرار من رئيس مجلس الوزراء صرف العامل من الخدمة من دون ذكر الأسباب التي دعت لهذا الصرف".
ويرى باحثون في الشأن الاجتماعي أن إيقاف أعداد كبيرة من الموظفين عن العمل سيؤدي إلى "تفاقم انعدام الأمن الاجتماعي"، إذ إن أغلب الموظفين القدامى من أصحاب الدخل المحدود وليس لديهم مورد رزق غير رواتبهم.
وكان استشاري التدريب والتطوير الإداري عبد الرحمن تيشوري تمنى في تصريح سابق له من الحكومة السورية أن تنظر بشكل مختلف إلى موضوع القطاع العام وتطويره وتخليصه من مشكلاته الإدارية والتقنية والمالية، وقال "ليس بهذه الطريقة يمكن إصلاح القطاع العام رغم وجود فائض عمالة" ويقترح إبعاد من ليس لديه عمل حقيقي ومن لا ينتج ويحقّق قيمة مضافة بعد إجراء تقييم أداء للعاملين وفق مؤشّرات تقيس الأداء، إذ هناك فصل لبعض العاملين ومنهم كفاءات وخبرات معروفة تملك القدرة على إدارة المرفق العام.