|
|
|
|
الحلقي رئيس مجلس الوزراء لـ البعث: لاتدخل من الحزب ومؤسساته في صميم عمل الحكومة مشاريع قوانين مكافحة الفساد و الكسب غير المشروع و الرقابة والتفتيش أصبحت في عهدة مجلس الشعب.. |
|
ليس غريباً أن يميل الدكتور وائل الحلقي في أحاديثه ومداخلاته الى استخدام لغة الأرقام، وأن يعطي الإحصاء أهمية بالغة، فالرجل طبيب ناجح قبل أن يبدأ رحلة العمل الحكومي، وقد حمل معه الى الحكومة عقلية الدقة في الفحص والتشخيص، والصرامة في تحديد نسب المشكلات والحلول. ومؤخراً لقيت لغة الأرقام الشفافة التي خاطب بها أعضاء مجلس الشعب ارتياحاً عميقاً داخل المجلس وخارجه، كما لقيت إطلالاته الإعلامية التي لم نألفها من سابقيه ارتياحاً مماثلاً لما عكسته من فهم جديد لدور الإعلام وتعامل إيجابي معه. وفي هذا السياق كانت استجابة رئيس مجلس الوزراء لطلب صحيفة البعث وموقع البعث ميديا وصحيفة صدى الأسواق إجراء حوار مشترك معه، لكنه اشترط أن تكون الأسئلة مختلفة حتى لايتكرر ماجاء في المقابلات السابقة التي أجرتها وسائل إعلامية أخرى معه، وهو ماأكد اعتقادنا بأن الرجل يحترم الإعلام ويعتبره أداة عمومية هادفة وليس أداة حكومية لبروظة المسؤولين وتلميع صورهم... وكان الحوار الذي أجريناه مع الدكتور الحلقي في مكتبه الجميل بمقر رئاسة مجلس الوزراء مناسبة لمعرفته عن قرب. ومن إيجابيات المقابلة الصحفية أنها تمكّن من فهم أفضل لشخصية المحاوَر واكتشافٍ أعمق لمعالمها. وكان الانطباع الأساسي الذي خرجنا به هو أن الرجل الذي يعتصر الألم قلبه على سورية التي تتعرض لتدمير إرهابي منهجي، كان آخر فصوله السوداء تفجيرات حلب التي خلفت أضراراً قدرت أولياً بأكثر من 4 مليارات دولار، كما ذكر لنا، هو مسؤول مسكون بهاجس المسؤولية، شغوف بالعمل، ومستقبلي التفكير. ووجدناه محيطاً إحاطة واسعة وعميقة بمجريات الأمور السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد بشكل عام، وبأسباب الأزمة التي نعيشها وأبعادها وتطوراتها وآثارها بشكل خاص. ولعل هذه الإحاطة التي تعكس انشغالاً عميقاً بالشأن العام - وهو بالمناسبة قد راكم خبرة مهمة في العمل الحزبي والنقابي أيضاً - هي إحدى ركائز خطابه الواقعي والمتوازن التي تجعله على عكس الخطاب المتطرف، تفاؤلياً أو تشاؤمياً كان، خطاباً مقنعاً ومثيراً للارتياح... وللدكتور الحلقي شخصية طافحة باللطف والود، كما أنه يمتلك حس الفكاهة التي ظهرت عندما تمادى زميلنا المصور وائل خليفة في الطلب منه تغيير وضعية جلوسه لتلائم أكثر التقاط الصورة، بل وحاول وائل «تضبيط» قميص رئيس الحكومة، فما كان من الأخير إلا أن قال له مازحاً: هل تريد أن أخلعه!... وقد أضفت تلك الفكاهة العفوية وكذلك ما كان لنا مع الدكتور الحلقي من دردشة منفلتة من قواعد الحوار الرسمي، وإن دارت على هامشه، أضفت على اللقاء جواً لطيفاً مميزاً هو ما حرصنا على نقله أيضاً للقارئ في هذه المقدمة، أما الحوار ذاته فقد أجاب فيه الدكتور الحلقي على أسئلتنا التي حاولنا فيها طرح مارأيناه إشكالياً أو ملحاً من موضوعات، كان من بينها، العلاقة بين الحزب والسلطة في ظل الدستور الجديد، ومشاركة المعارضة الوطنية في إدارة شؤون البلاد، والتحديات الجديدة التي خلقتها الأزمة، وسياسة الاعتماد على الذات في مواجهة تلك التحديات، ومعضلة الفساد... وغيرها من الموضوعات. ولفتتنا بشكل خاص في أجوبة رئيس مجلس الوزراء رؤيته لمكافحة الفساد والتي تقوم على المعالجة الوقائية المنهجية، وتوظيف جهود الجميع حكومة ومجتمعاً فيها، ومحاسبة الفاسدين. على أن مالم يقله الدكتور الحلقي مباشرة وفي جملة محددة، يمكن استخلاصه من مجمل اللقاء، وهو أن العمل الحكومي يدار اليوم بعقلية جديدة تقوم على احترام المواطن، والتفكير بمصالحه، والانفتاح على المعارضة، وتسمية الأمور بمسمياتها بعيداً عن كل تصغير أو تضخيم لها، وأن السياسة هي جزء لايتجزأ من عمل رئيس مجلس الوزراء، ولذلك لم يتردد الدكتور الحلقي في الرد على سؤالنا «عالماشي» ونحن نودعه: هل استعاد منصب رئيس الحكومة ألقه السياسي ولم يعد مجرد منصب إداري؟ بالقول: - هو منصب سياسي وإداري معاً . - وهل لشاغله علاقة بتفعيل طبيعته السياسية؟ - بالتأكيد. هنا نص الحوار مع الدكتور وائل الحلقي رئيس مجلس الوزراء: < في ظل المضي قدما بتنفيذ برنامج الإصلاح ولاسيما بعد غياب المادة (8) من الدستور السابق، برأيكم إلى أي حد تغيرت علاقة الحزب بالسلطة؟ << لا شك هناك تغّيرات حقيقية ملموسة آخذة في الاتساع والوضوح، وهي تنطلق من تنفيذ بنود مشروع الإصلاح الوطني الديمقراطي الشامل، وتأتي في سياق الإفادة من كافة الإمكانات والتجارب للقوى السياسية الوطنية في البلاد، ولا شك هنا أن حزب البعث باتساع قاعدته وعمق تجربته وفوزه انتخابياًً وديمقراطياً بالكتلة البرلمانية الأوسع سيكون –الآن وهذا حقه- الأكبر تأثيراً في الصلة بين الحكومة والقوى السياسية الوطنية، هذه الصلة التي تحددها الحكومة وتطلقها على قاعدة المصلحة الوطنية أولاً. ولا بد من التنويه إلى انه قد سبق تعديل الدستور وإلغاء المادة الثامنة منه ، صدور قرار القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي في عام2003 والذي ينظم علاقة السلطة بالحزب وتكريس ذلك كعمل وممارسة ، لضمان تفعيل الأداء وتحسين آليات العمل والحد من التدخل في عمل المؤسسات الحكومية ، وجعل الحزب منفذاً لمهامه الأساسية كقائد وموجه للدولة والمجتمع من خلال التوجهات الرئيسة ورسم السياسات العامة للدولة والإشراف على تنفيذها ، ومن ثم المحاسبة بالتنسيق مع السلطة التشريعية والمؤسسات الرقابية ، مع فسح المجال بشكل اكبر للحكومة لتنفيذ مهامها كسلطة تنفيذية ضمن أطر وبرامج محددة وواضحة المعالم ... وبالتالي فقد جاء التعديل الدستوري الأخير كتأطير قانوني دستوري لهذا التوجه ، وعليه لم تتغير العلاقة بين الحزب والحكومة بشكل جذري ، بل كان ذلك ترسيخاً للعمل المؤسساتي في إطار التعددية السياسية انسجاماً مع مواد الدستور الجديد ، وبالتالي لم يطرأ ذاك التغيير الكبير على جوهر هذه العلاقة باعتباره حزباً حاكماً إلا في حدود تكريس صلاحيات الحكومة كسلطة تنفيذية بكامل هياكلها ومؤسساتها دون تدخل مباشر من الحزب ومؤسساته في صميم عملها وهذا الأمر إيجابي جداً ومطلوب بإلحاح في إطار مسيرة الإصلاح والتطوير القائمة على تكريس الفكر والعمل المؤسساتي بكل مجالاته وتجلياته. < في ظل الظروف الراهنة التي تعيشها البلاد كيف تنظرون إلى عمل فريق الحكومة التي تضم أطيافاً أوسع من السابق وذلك بين الجانب السياسي والجانبين الاقتصادي والإداري؟ << الواقع أن وجود طيف من المعارضة الوطنية في الحكومة، ولأول مرة في تاريخ البلاد يضفي – وكما هو واضح - نوعا من الحيوية والغنى والتباين على أداء الحكومة وتوجهاتها، وهذا ما لا نتحدث عنه كثيرا الآن، لكن آثاره ستتضح وتزداد أكثر ولاسيما بعد أن نتجاوز الأزمة قريبا. فمنذ مطلع السبعينات بدأ التوجه بتعزيز دور القوى الوطنية الفاعلة للمشاركة في بناء الوطن حيث تم إشراك العديد من الأحزاب ذات التوجهات الوطنية والتقدمية في كافة المؤسسات : كالحكومة ومجلس الشعب والإدارة المحلية والوظائف الرفيعة ، وتم اعتماد ذلك كنهج في الإطار العام ، وبالتالي فان مشاركة أطياف سياسية جديدة في الحكومة أمر إيجابي جداً وبنّاء ، خاصة أنه يغني العمل الحكومي من خلال رؤى وأفكار جديدة لقوى سياسية لها استراتيجياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية الوطنية وهذا الأمر طبيعي في ظل نظام سياسي ديمقراطي تعددي. ونعتبر أن أي حزب أو تيار سياسي وطني هو قيمة مضافة في بنية الدولة السورية لأننا نعمل معاً لأجل وطننا سورية ، لكن من المبكر حتى الآن الحكم على أداء فريق الحكومة الحالي خاصة في ظل الأوضاع الراهنة التي تعيشها البلاد والتي تجعل هذا الأداء يواجه الكثير من الصعوبات والتحديات ، وبالتالي يصعب تقييم نتائجه بشكل موضوعي من قبل المواطنين إضافة إلى إعادة رسم إستراتيجية الحكومة وسياساتها بما يتناسب مع الظرف الراهن ومسار تطور الوضع في سورية وصولاً لتحقيق الأهداف المأمولة وفق الأولويات ، لكن فريق الحكومة يتابع عن كثب كل التطورات والمستجدات الحاصلة في سورية ويتعامل معها بشكل سريع ويعالج ما ينبغي معالجته بأفضل الوسائل لضمان مصلحة المواطنين ، فهو على المستوى الخدمي يقوم بإعادة تأهيل البنى التحتية المتضررة من العمليات الإرهابية التي تقوم بها المجموعات المسلحة ، ليتاح للمواطنين العودة إلى منازلهم بأسرع وقت ، حيث تقوم ورش الصيانة بالعمل على مدار الساعة لترميم وإصلاح شبكات الكهرباء و المياه والهاتف والمشافي ، وعلى المستوى الاقتصادي فالحكومة تعمل على مستويين الأول هو توفير مقومات صمود شعبنا من خلال تأمين المستلزمات الأساسية من مواد غذائية ومشتقات نفطية وتأمين توافرها في الأسواق بأسعار مقبولة إضافة إلى الحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية ، أما المستوى الثاني فهو بناء جسور التعاون مع الدول الصديقة وبحث سبل تكثيف وتعزيز التعاون الاقتصادي في كل المجالات ونثق بان المرحلة المقبلة ستشهد انتعاشاً حقيقياً ملموساً للاقتصاد السوري على كل المستويات على الرغم من كل التأثيرات السلبية المؤقتة التي لحقت به جراء الحصار والعقوبات المفروضة عليه .. لذلك نطمئن أبناء شعبنا بأن الحكومة بدأت بإعداد الدراسات اللازمة لمرحلة ما بعد الأزمة وهيأت التشريعات الملائمة لذلك لتنطلق عملية بناء وإعمار لسورية الجديدة المتجددة. < يرى البعض أن دخول المعارضة إلى الحكومة تم بشكل خافت ومحدود سياسياً ولا يعول عليه كثيراً للخروج من الأزمة، بماذا تعلقون على هذا الرأي؟ << إن حضور المعارضة في أداء الحكومة ليس خافتاً قياساً إلى عمر التجربة الذي لم يتجاوز بعد أشهر قليلة، ونأمل مع الزمن أن يتطور ويتعزز الأداء الوطني في عمل الحكومة والأحزاب والمنظمات، ومن القوى السياسية كافة لأن الوطن يتسع لجميع أبنائه، ويحتاج إلى مبادراتهم. فلا تزال المعارضة أو القوى السياسية الجديدة كأحزاب وقوى وتيارات في مرحلة تكوينها السياسي والهيكلي وبناء قاعدتها الشعبية ، من خلال برامجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولذلك فمن الطبيعي أن تكون نسبة مشاركتها محدودة لأن تجربتها السياسية لم تتبلور بعد ولم يتسن للشعب الاطلاع الفعلي على برامجها السياسية ، لكن مع ذلك فهناك جهد نوعي يبذل من القوى المشاركة في الحكومة وبالتالي القضية ليست قضية حصص سياسية بالدرجة الأولى ولا نتعامل معها نحن بهذا الاتجاه فنحن في نهاية المطاف سوريون نتطلع لتطوير سورية وتقويتها على كل المستويات .. في إطار تكامل وطني، أما ما ذكرتموه عن أن هذه المشاركة لا يعول عليها للخروج من الأزمة فلا أعتقد أن هناك علاقة مباشرة بنسب مشاركة قوى المعارضة في الحكومة والخروج من الأزمة خاصة أن الأزمة كما تعلمون هي أزمة خارجية بمعظمها وهي مشروع أمريكي صهيوني كبير على مستوى المنطقة إضافة إلى أن تزايد نسب مشاركة قوى المعارضة في الحكومة يخضع لاعتبارات قانونية وانتخابية لا لاعتبارات سياسية فصندوق الاقتراع هو الحكم في نهاية المطاف. < ما موقف الحكومة من التوجهات السياسية الجارية لتوحيد المعارضة الوطنية من حيث أن ذلك سيعزز موقع الحكومة أو سيقوي المعارضة أمام الحكومة في أي حوار قادم من السلطة التنفيذية؟ << هناك تباينات واضحة بين تلك القوى على مستوى الطروحات والمواقف من قضايا كثيرة وأساسية ، لذلك لا يصح هذا التوصيف على جميع القوى الموجودة في صف المعارضة اليوم ، ودون الخوض في تفاصيل أكبر، الحكومة ترحب بأي جهد يصب في إطار توحيد الصفوف والرؤى وتقريب وجهات النظر لكننا نحن لا ننظر إلى الموضوع ، من سيكون الأقوى ومن الأضعف فنحن جميعاً يجب أن يكون هاجسنا أن تكون سورية الأقوى والأكثر منعة، وليس واحد منا على حساب الآخر، ففي ذلك إضعاف لسورية كونها تكبر وتقوى بكل أبنائها وليس بواحد دون الآخر والحوار مفتوح لكل سوري صادق في تطوير بلده وإعلاء مصلحة شعبه ونحن لم نضع شروطاً مسبقة للحوار مع أي طرف ، لكن هناك بعض الأطراف هي من يضع شروطاً ولم تستطع حتى الآن أن تمتلك قرارها بنفسها ، لكن ما نأمله أن يكون الجميع في خندق واحد هو الدفاع عن الوطن وتطويره ليرقى إلى مستوى تطلعات جماهير شعبنا. < هناك من ينظر برؤية مستقبلية إلى الأزمة من الناحية الايجابية باعتبار ذلك يتطلب من الحكومة توجهات جديدة منها زيادة الاعتماد على الموارد الذاتية، وتعزيز دور العامل المحلي والمنتج الوطني إضافة إلى التوجه نحو الشرق .. و ما يتصل بذلك ، هل هناك من إستراتيجية جديدة واضحة الملامح في هذا الجانب ؟ << سياسة الاعتماد على الذات هي سياسة قديمة ونتذكر منعكساتها الإيجابية في أواخر الثمانينات ومطلع التسعينات حيث أدى ذلك إلى تطور المنتج الوطني من حيث الصناعات المحلية، والإنتاج النباتي والحيواني وهذه السياسة فرضها الاستهداف الدائم لسورية على خلفية مواقفها القومية والممانعة ، إضافة إلى متطلبات بناء اقتصاد وطني مستقل وبالتالي قرار سياسي مستقل ولم تفرضها الأزمة بل على العكس الأزمة وما رافقها من تداعيات أثبتت صوابية النهج الاقتصادي السوري القائم على مبدأ الاعتماد على الذات وسياسة الاكتفاء الذاتي من السلع الأساسية وتعزيز الموارد الذاتية ودعم المنتج المحلي ، وفي ضوء متطلبات المرحلة وما ظهر من نقاط قوة ونقاط ضعف في هذه المرحلة بالذات، تنطلق الحكومة بإعداد إستراتيجية تنموية شاملة اقتصادية واجتماعية مبنية على مرتكزات القوة الاقتصادية السورية وهي كثيرة .. وتعمل لتهيئة هياكل الاقتصاد السوري للتوجه نحو الشرق ، ويتم العمل حالياً على وضع البرامج التنفيذية لتطبيق أهداف وتوجهات هذه الإستراتيجية، بما يضمن كسر الحصار الاقتصادي بكافة مندرجاته وتأمين خطوط النقل للتبادل التجاري الخارجي بالسلع الإستراتيجية واستمرار استيراد وتصدير النفط ومشتقاته وتأمين استثمارات خارجية في قطاعات الإنتاج الحقيقي أولاً، والحفاظ على البنى التحتية وتطويرها . < كيف تتعامل الحكومة مع الواقع الصعب المتمثل بالعقوبات الاقتصادية وبآثار التخريب الذي سببته العصابات الإرهابية المسلحة للممتلكات العامة والخاصة وبالصدع الاجتماعي المؤلم وما يتصل بذلك من تحديات أمامكم؟ << طبعاً هناك آثار سلبية لهذه العقوبات وهناك أضرار مادية لحقت بالبنى التحتية من جسور وطرقات وسكك حديدية ومحطات كهرباء ومقاسم اتصالات ومنشآت وخطوط النفط والمشافي ، والعديد من المنشآت الحكومية والخاصة من معامل وورش حرفية ، والحكومة لديها بدائلها الاقتصادية التي تعمل عليها على مستوى حركة الصادرات والمستوردات لتأمين حاجات السوق من السلع والمنتجات إضافة إلى أن الحكومة اليوم تقوم بإعادة تأهيل البنى التحتية المتضررة نتيجة الأعمال الإرهابية ، لتمكين كافة المناطق من استعادة نشاطها الاقتصادي والاجتماعي ، وعليه تم تشكيل لجنة الإنجاز برئاسة السيد نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات مع العديد من السادة الوزراء، وبالنسبة لرأب الصدع الاجتماعي الحاصل في بعض المناطق السورية فالحكومة تعمل من خلال وزارة الدولة للمصالحة الوطنية على التلاقي بين أبناء الوطن على أساس المحبة والتآخي وحب الوطن وهذا المسار تستمر فيه الحكومة ومؤسساتها كاملة لتخفيف وطأة الآثار السلبية الناجمة خلال الأزمة ، وتهيئة العمل لإيقاف نزيف الدم السوري والانسجام مع قيم العفو والمصالحة المتأصلة في ضمير ووجدان الشعب السوري ، ودعوة جميع المواطنين لدخول العملية السياسية والتخلي عن السلاح عبر إجراء مصالحة وطنية عامة للنهوض بالبلاد وبناء سورية المنشودة. < وصفت الحكومة السابقة بأنها حكومة أزمة أو حل أزمة ، كيف تصفون حكومتكم ولا سيما أن هناك من يتطلع إلى حكومة ما بعد الأزمة وأن تنهض بإستراتيجيات الاستدراك والترميم والانطلاق إلى آفاق جديدة ومغايرة ؟ << لا يهم الوصف بل يهم العمل والإنتاجية فمن خلال العمل الدؤوب تحل الأزمة وتخفف أثارها السلبية وبغض النظر إذا ما بقيت الحكومة إلى ما بعد انتهاء الأزمة أو لم تبق فالحكومة يجب أن تقوم بواجباتها على أكمل وجه وهذا ما تفعله الحكومة الحالية في إطار المحافظة على أمن الوطن والمواطن والنهوض بالواقع الاقتصادي والاجتماعي للخروج من الأزمة الراهنة وتجاوز كل التحديات ، وقد نجحت حتى الآن في تخطي المرحلة الأصعب وهي مستمرة في عملها حتى عودة سورية أقوى مما كانت عليه سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ولاشك أن هناك آفاق ايجابية لمستقبل أفضل ينتظره الشعب السوري الذي شكل محور الصمود والانتصار بصبره ومكابرته على الجراح وتصديه لكل المؤامرات وإفشالها محاطاً برعاية الجيش العربي السوري الباسل المقدام الذي قدم ويقدم التضحيات تلو التضحيات لتبقى سورية منيعة حصينة بوحي من حكمة السيد الرئيس بشار الأسد . < يقال إن الفساد يكلف الدولة30% من الناتج المحلي الإجمالي وهناك من يرى أنه تضاعف خلال الأزمة ، هل تنظر الحكومة إلى مكافحة الفساد كمشروع يهدف إلى تأمين الموارد المالية لتمويل نفقات تجاوز الأزمة ، أم إن المكافحة ستبقى غاية في حد ذاتها؟ << بمعزل عن الكلفة المالية للفساد التي تتكبدها الدولة فهناك ما هو أخطر وأهم وهو الكلفة الأخلاقية فالفساد هو فساد الأخلاق قبل الممارسات والمخالفة للقانون ، ولذلك فمشروع مكافحة الفساد ليس تعاملاً ارتكاسياً مع نتائج الفساد بل معالجة لأسبابه المباشرة وغير المباشرة ، ومن خلال المعالجة الوقائية المنهجية للفساد لا نقلل الهدر الحاصل في المال العام فحسب بل تزداد الإنتاجية في كل قطاعات العمل الأمر الذي يرتقي بكل البنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى المستويات المنشودة ولذلك تعمل الحكومة بكل مؤسساتها على وضع منظومة شاملة للعمل والتقييم والمتابعة وبالتعاون مع كل المؤسسات و الأشخاص في المجتمع الأهلي لتفعيل دور الرقابة الشعبية على عمل أجهزة الدولة ومؤسساتها ولا ننسى الدور الهام للمؤسسة الإعلامية ، إضافة إلى اعتماد منظومة إدارية كفوءة تزيد من الإنتاجية وتقلل الهدر في كل القطاعات وتفرز بين العامل الكفوء والمقصر ، يواكبها نظام رواتب وأجور يعزز دور الكفاءات في بناء وتطوير المؤسسات الأمر الذي يؤسس لثقافة عمل راقية تلغي كل رواسب الثقافة السلبية في عمل مؤسسات الدولة وتحل محلها ثقافة بناءة منتجة تقوم على مبدأ سيادة القانون وخدمة المواطن وتكافؤ الفرص بين العاملين وإعطاء الأفضلية لريادة الكفاءة الوطنية لبلوغ مستوى الجودة المطلوب في أداء المؤسسات وخدمة المواطن بأفضل مستوى كما تجدر الإشارة في النهاية أن مكافحة الفساد هو عمل مستمر ويتطلب تضافر جهود الجميع كل من موقعه ، وليس فقط الحكومة لأننا كلنا مستفيدون من مكافحة الفساد بكل أشكاله ، ولن تتوانى الحكومة عن محاسبة الفاسدين وإحالتهم إلى المؤسسات الرقابية المختصة لينالوا ما يستحقون من عقوبات. على كل حال انتهينا في مجلس الوزراء مؤخراً من ثلاثة مشاريع قوانين وهي الآن في مجلس الشعب. الأول: يتعلق بإحداث هيئة مكافحة الفساد. والثاني: يخص هيئة الكسب غير المشروع. والثالث: بإدارة الرقابة والتفتيش. وقد لحظ مشروع إحداث هيئة مكافحة الفساد أن تكون الهيئة وقائية، أي استباقية تعالج الأسباب وليس النتائج، ويتضمن المشروع حزمة من النواظم والضوابط التي من شأنها تبسيط الإجراءات وإضفاء المرونة على أداء المؤسسات والجهات العامة.. كما من شأنها تحقيق جملة من الأهداف التي تندرج تحت عنوان العدالة الاجتماعية. أما بالنسبة لهيئة الكسب غير المشروع فتقوم على مبدأ غاية في الشفافية عبر أن يكون لكل موظف في الدولة ملف خاص – كل موظف دون استثناء- بدءاً من كبار الموظفين في الدولة، يتضمن هذا الملف تفاصيل عن الممتلكات العينية والمالية تكتب من قبل صاحب العلاقة وتوضع في ظرف مغلق يمنع فتحه بتاتاً إلا في حالة واحدة وهي حصول إشكال ما.. فتقوم اللجنة الخاصة بالكسب غير المشروع بفتح الملف للبحث والإحالة إلى القضاء. وفيما يخص إدارة الرقابة والتفتيش.. سيكون هناك مفتش عام في كل وزارة بدلاً من مديرية الرقابة الداخلية.. وعندما يتم اكتشاف حالة فساد ما ترسل القضية إلى هيئة مكافحة الفساد. أي على العموم سيكون لدينا منظومة متكاملة تتكفل بالمعالجة الفاعلة لأشكال الفساد تبدأ من إجراءات الاحتراز من الظاهرة وتنتهي بمعالجة النتائج ومحاسبة المرتكبين وفق أصول قانونية دقيقة.
|
البعث |
|
الإثنين 2012-10-08 00:38:17 |
|
|
|
|
|
|
|