لم تفلح مساعي إعادة التوصيف وهيكلة المهام التي انشغلت بها مؤسساتنا، منذ حوالى 6- 7 سنوات، في تفعيل مقونن وواضح لحلقة بالغة الأهمية اسمها «المعاون» أي معاون وزير، وهو موقع رغم أهميته، لم يتعد في أغلب تطبيقات الميدان، «البريستيج» مع بعض الاستثناءات المتعلقة بحزمة صلاحيات يمنحها الوزير لمعاونه أو معاونيه - وهنا المشكلة - فالموقع مرتهن بفعاليته وقيمته العملية لشخص الوزير، وليس لنصوص ومواد تنظيمية أو تشريعية، تبلور مهام من نوع معين.
الإشكال هو قيد التداول الآن، لكن ربما بشيء من الخجل المترافق دوماً مع حالة الوقار والرصانة وعدم «النّق» التي يتطلبها موقع رفيع كموقع معاون وزير، ونادراً ما يرفع معاون صوته في شكواه من وزير، لأن في ذلك خروجاً عن أدبيات العمل ومقتضيات المسؤولية و«الأكابرية» المفترضة، لكن هذا لايعني أن الخلل غير موجود، وأنه ليس في وزاراتنا معاونون بلا مهام وبلا صلاحيات، لا يوقّعون ورقة واحدة في اليوم، ولايحضرون اجتماعاً، فلمَ وإلى متى ندخر هكذا كوادر من المفترض أنها خبرات وطاقات، وهذا مارشحها ورجح كفة اختيارها للمواقع التي اختيرت لها؟!
الحالة كما قلنا ليست عامة، فثمّة وزارات يعتمد أداؤها بشكل غالب على جهد معاون أو معاوني الوزير، لكن هذا يعود للوزير وذهنيته في العمل، إن رغب يمنح الصلاحيات، وإن رغب يسحبها، والأمور دوماً تبقى مرشحة لحالة من التنازع، غالباً لن تكون نتائجها لصالح الوزارة، وإن حُسمت لصالح أحد طرفي التنازع وغالباً هو الوزير.
المطلوب الآن محاولة جديدة لتوصيف هكذا موقع أو ما نسميه «منصب» بما أن للكلمة بريقها في ثقافتنا، وبلورة مهام محددة ومفصلة لمعاون الوزير في أي وزارة كان، وحسب خصوصية وهيكلية كل وزارة، ولانعتقد أن في ذلك تقليلاً من مساحات حركة الوزير بل إن في ذلك فرصاً إضافية لنجاحه، بدليل التجربة، فالوقائع تؤشر باتجاه نجاح الوزراء الذين وزعوا الصلاحيات على معاونيهم، وكما يقال "أعطوا الخبز للخباز" بما أن مقتضيات العمل الفني تتطلب أحياناً الإشراف فقط وليس بالضرورة تدخل الوزير بالتفاصيل.
المهم في المحصلة علينا أن نختار ونعيد حساباتنا، فإما وجود المعاون الفاعل والفعّال، وإما إلغاء الموقع من الوزارات التي لم تجد طريقة للاستفادة منه.