تتميز سوريا بموقع جغرافي مميز يؤهلها للاستثمار في موضوع الطاقات البديلة، وبخاصة الطاقة الشمسية حيث يتوفر المناخ المشمس عموماً لمدد زمنية تتراوح فيها ساعات السطوع –والتسخين الشمسي- بين 3000 إلى 3500 ساعة في السنة (أي حوالي خمسة أشهر تقريباً)..
كما يمكن أن يوفر الإشعاع الشمسي في سورية من 5 إلى 6 كيلو واط ساعي على المتر المربع الواحد يومياً، وهو ما يعادل 925 مليون كيلو واط ساعي على مساحة البلد ككل، والبالغة 185000كم مربع.
وقد بدأت تباشير العمل الميداني لاعتماد بعض نظم الطاقات البديلة تظهر في بلدنا، حيث سمعنا وقرأنا منذ عدة أيام عن توقيع اتفاقية بين المؤسسة العامة للصناعات الهندسية وإحدى الشركات التركية (شركة برق للتجارة والاستثمار) لإنشاء مصنع خاص بإنتاج أجهزة الطاقة الشمسية في منطقة عدرا.. كما قرأنا عن مشروع لإنتاج الطاقة الكهربائية بقوة الرياح، إضافة إلى إصدار الحكومة لقرار يلزم المتعهدين والمقاولين بتجهيز المباني السكنية والتجارية وغيرها بالبنية التحتية المتعلقة بتركيب أجهزة الطاقة الشمسية.
وقد جاءت تلك الخطوات استكمالاً لما قامت به الحكومة سابقاً من خطوة إصدار قروض الطاقة الشمسية في بعض البنوك العامة، ومنحها لمن يرغب من الأخوة المواطنين في تركيب أجهزة الطاقة الشمسية التي باتت متوافرة على نطاق واسع في كافة محافظات القطر، حيث لاحظنا كثرة الشركات وتعدد الوكالات المعتمدة لبيع تلك الأجهزة، وبأسعار تنافسية تقريباً.
وإذا كان من الطبيعي هنا أن نشدد على أهمية تلك الخطوات التي تشكر الحكومة على توجهها في اعتماد بعض نظم الطاقات البديلة، فإننا نطرح السؤال التالي: لماذا لا تزال ثقافة الطاقة البديلة ضعيفة عندنا؟ وكتجسيد عملي للسؤال السابق: لماذا بقي تركيب أجهزة الطاقة الشمسية موضوعاً غير ذي بعد شعبي، ودون حجم الآمال والتوقعات والنسب والحدود المتوقعة والمنشودة على عكس معظم الدول المجاورة لنا (مثل تركيا) التي لا يوجد فيها بيت (ومبنى ولا منشأة ولا مصنع ولا غيره) تقريباً إلا ويشاهد المرء جهاز طاقة شمسية مركب عليه للاستفادة من تلك الطاقة النظيفة والمجانية؟!!
وربما يقول البعض –في محاولة للإجابة على السؤالين السابقين- أن بناء الاستراتيجيات المتعلقة بموضوع الطاقة الشمسية (والطاقات البديلة والمتجددة عموماً) يقوم على تبني وتوفير أسس ومقدمات لازمة لتحقيقها وإنجازها.
والأسس المطلوب تبنيها هنا والعمل عليها لا تقتصر فقط على إصدار القوانين والتشريعات المتصلة بالموضوع الطاقي فقط، فهذا جزء من الاستراتيجية العامة لمشروع الطاقات البديلة، ولكن يجب اتخاذ خطوات تنفيذية جادة متلاحقة على الصعيد الشعبي مثل:
- القيام بحملات توعية واسعة وكبيرة بين مختلف الشرائح الاجتماعية حول هذا الموضوع بهدف تشجيع المواطنين على استخدام الطاقة الشمسية في منازلهم لأغراض التدفئة وتسخين المياه.
-تقليل التكاليف على جيوب المواطنين، وبصراحة أكثر لا يزال جهاز الطاقة الشمسية مرهقاً جداً لدخل الفرد ولا يتناسب إطلاقاً مع الإمكانيات المادية للأسرة السورية عموماً، حيث أن أقل جهاز طاقة شمسية ذي مواصفات جيدة ونوعية مكفولة يكلف أكثر من 35000 ليرة سورية إذا كان من نوع الأنابيب الزجاجية المفرغة، وحوالي 50000 ليرة إذا كان من نوع الخلايا أو اللواقط الشمسية النحاسية.
-ضبط ومعالجة موضوع الفاقد الكهربائي الكبير الناجم عن (الفاقدية الفنية والتجارية وغيرها) بصورة علمية وقانونية حازمة وحاسمة.. حيث أن تأمين التدفئة (وتسخين المياه المنزلية) عن طريق الكهرباء المسروقة من خزينة الدولة بالمجان أقل تكلفةً –وأرخص على جيبة أي مواطن- بكثير من جهاز الطاقة الشمسية المكلف مادياً.
-زيادة قيمة القروض الممنوحة للمواطنين عن طريق المصارف (الخاصة والعامة) لأغراض استخدامات الطاقة الشمسية وبشروط أكثر سهولة ويسراً.. كما من الممكن جداً أن تعمد الدولة إلى اقتطاع جزء من الراتب الشهري (بالنسبة للموظفين والعاملين في مؤسسات الدولة) لكي يتمكن الموظف من تركيب جهاز طاقة شمسية