بدأت في السراي الحكومي في العاصمة اللبنانية بيروت اليوم اجتماعات وزراء الزراعة السوري المهندس محمد حسان قطنا واللبناني عباس الحاج حسن والأردني خالد الحنيفات والعراقي محمد كريم الخفاجي بحضور رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي.
وأكد ميقاتي في كلمة له في افتتاح الاجتماعات أن تحقيق الأمن الغذائي للجميع يشكل إحدى الأولويات الرئيسية للدول الأربع وسائر البلدان العربية ولا سيما في ضوء الأحداث الأخيرة في العالم والتي كشفت فعلياً فجوة عميقة ينبغي التنبه لها وتتعلق بضرورة تعديل سلم الأولويات والتركيز بشكل أساسي على القطاعات الزراعية والغذائية وتبادل الإنتاج وتكامله إضافة إلى تبسيط إجراءات التصدير والاستيراد وانسياب الأشخاص والخبرات.
وقال ميقاتي: أمام ما يعانيه العالم من أزمات اقتصادية وغذائية أصبح لزاماً علينا كدول عربية متجاورة حتمية التعاون التكاملي من حيث الإنتاج والتسويق مع ضرورة التنسيق فيما بيننا في المجالات الزراعية والصناعية.
بدوره قال الوزير قطنا في كلمته انطلقت نواة هذا الاجتماع على هامش المؤتمر الإقليمي للشرق الأدنى لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في جمهورية العراق في شباط 2022 والذي اتفقنا من خلاله على تعزيز وتطوير التبادل التجاري الزراعي وتذليل العقبات المتعلقة بإجراءات الحجر الصحي الزراعي والبيطري بين الدول ومراجعة الروزنامة الزراعية مع مراعاة فترات الإنتاج المحلي في كل دولة ودراسة إمكانية صياغة اتفاقية تعاون مشترك بالمجال الزراعي العلمي والفني والاقتصادي واعتماد خطة عمل مشتركة لمواجهة التحديات التي تواجه القطاع الزراعي في المنطقة وأثرها على الموارد وعلى تراجع الإنتاج الزراعي وعلى الأمن الغذائي الوطني.
وأوضح قطنا أنه حان الوقت لكي نعالج المشاكل الزراعية والبيئية التي تواجه المنطقة وأن تتضافر جهودنا المشتركة لتوفير فرص أفضل لتأمين احتياجات السكان من المنتجات الزراعية وفق إمكانيات وموارد كل دولة من دولنا الأربع مشيراً إلى أن سورية عملت خلال العقود الماضية على حوكمة القطاع الزراعي واتباع سياسات زراعية تنموية استطاعت من خلالها تحقيق استقرار في الإنتاج الزراعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي من خلال زيادة الإنتاج من المحاصيل الاستراتيجية والاحتفاظ بمخزون استراتيجي منها يكفي لعدة سنوات.
ولفت قطنا إلى أنه رغم الحرب التي تعرضت لها سورية على مدى السنوات الماضية والتي أدت إلى تدمير معظم الموارد الطبيعية والبنى التحتية والخدمية للإنتاج الزراعي فقد استمر تأمين احتياج السكان من الغذاء من الإنتاج المحلي من الذي كان يحقق الاكتفاء الذاتي منها إلا في السنوات الأخيرة حيث بدأت سورية باستيراد القمح نتيجة سرقة الإرهابيين للحبوب وتهريبها إلى دول الجوار واستمرار الحصار الاقتصادي الجائر والعقوبات القسرية أحادية الجانب التي حدت من إمكانية استيراد مستلزمات الإنتاج إضافة إلى قيام الإرهابيين بحرق المحاصيل والمساحات المزروعة بالقمح وأراضي الغابات وغيرها.
وقال قطنا إنه لمعالجة آثار الحرب أولت الحكومة السورية القطاع الزراعي الاهتمام الأكبر بين كل القطاعات وهذا الأمر يأتي من عدة إجراءات قامت بها خلال المرحلة السابقة كان أبرزها رعاية ملتقى القطاع الزراعي 2021 والذي تم من خلاله صياغة الأولويات ومراجعة السياسات في كل المجالات الإنتاجية والموارد الطبيعية والاقتصاد الزراعي والتنمية الريفية مبيناً أن التعاون المشترك والتضامن والتكامل الاقتصادي الزراعي فيما بين الدول الأربع يرفع من قدرات بلداننا على التصدي للأزمات العالمية الكبرى الناشئة ومنها نقص إمدادات الغذاء واضطرابات في أسواق الطاقة وصعوبات النقل وتغير المناخ ويعزز إمكانياتها على احتواء تبعات هذه الأزمات والتعافي من آثارها.
بدوره قال الوزير الأردني إنه رغم ادعاء العالم وقوفه مع مبادئ العدالة والمساواة وحق الشعوب في تحديد مصيرها إلا أن ذلك لم يترجم على أرض الواقع خلافاً للقرارات الأممية والمواقف المعلنة من المجتمع الدولي مشيراً إلى أن الأزمات والحروب والاضطرابات انعكست على حركة التجارة والزراعة وكل الأنشطة وانخفض حجم الصادرات والواردات الزراعية بشكل كبير خلال العقد الماضي.
وأشار الحنيفات في كلمته إلى أن الأردن قام بإعادة النظر بالاستراتيجية الوطنية للتنمية الزراعية والاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي بهدف زيادة القدرة على إدارة المخاطر والصمود في مواجهة الكوارث وعمل من أجل تطوير البنى التحتية اللازمة للري وتوفير مدخلات الإنتاج وتوجيه المزارعين لاعتماد التكنولوجيا الحديثة في الإنتاج وتشجيع الاستثمارات الخاصة والعامة وإعادة تكييف التقويم الزراعي على أساس أنماط الطقس المتغيرة من خلال وضع سياسة للزراعة الذكية مناخياً والتركيز على التجارة الدولية والخدمات اللوجستية والاكتفاء الذاتي المحلي والمخزون الاستراتيجي وسلاسل الإمداد والإشراف على إصدار شهادات الجودة بشكل أكثر فعالية ومراجعة وتعديل التشريعات الخاصة بسلامة الغذاء.
من جانبه أكد وزير الزراعة اللبناني في كلمته ضرورة الارتقاء بالقطاع الزراعي لما له من انعكاس على الإنتاج والتعافي الاقتصادي ليس فقط في لبنان وسورية والأردن والعراق بل على الدول أجمع.
وقال الحاج حسن إن لبنان اليوم يواجه تحديات وضغوطاً غير مسبوقة تستدعي تضافر الجهود لتحديد الأولويات الوطنية وبناء شراكات متينة وتماسك اجتماعي بهدف تحقيق التعافي الفوري وبناء القدرة على الصمود في وجه الأزمات تمهيداً لتنمية تحويلية مستدامة.
الوزير العراقي قال في كلمته إن البنية التحتية في القطاع الزراعي في العراق انهارت بين عامي 2008 و2009 وتمت إعادة النظر بالسياسة الزراعية العراقية وتم وضع خطط كبيرة جدا للنهوض بالقطاع الزراعي.
وأضاف الخفاجي أنه تم الاتفاق لقيام جمعية تسويقية مشتركة للبلدان الأربعة لتسهيل إجراءات دخول البضائع ولإقامة المخازن المبردة وتسهيل عملية السيطرة على الروزنامة الزراعية فالعراق لديه انحسار في بعض المواسم ومن خلال الروزنامة الزراعية والجمعية التسويقية يمكن أن نستغني عن كل المؤتمرات والكلمات وهي ستأتي بنتائج على أرض الواقع وينتظر منا اليوم كل المنتجين في الأردن وسورية ولبنان ما سيخرج من مخرجات هذه الاجتماعات.
حضر افتتاح الاجتماعات وزراء ونواب لبنانيون والسفير السوري في بيروت علي عبد الكريم إضافة إلى سفراء الأردن والعراق ومدير عام منظمة المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة “أكساد” نصر الدين العبيد وعدد من رؤساء الاتحادات والمديرين العامين اللبنانيين والفعاليات والنقابات والهيئات الاقتصادية والزراعية.
وبعد الكلمات بدأت في فندق الكومودور ببيروت اجتماعات الوزراء الأربعة للبحث في مجمل الموضوعات والقضايا الزراعية المدرجة على جدول أعمالهم والتي ترمي إلى تعزيز التعاون والتآزر في المجال الزراعي بما يحقق الأمن الغذائي لبلدانهم.