كنت أود التحليق في فضاء اللقاء المفتوح الذي جمعني مع أبناء صافيتا مساء الأربعاء الماضي وكان تحت عنوان جدلية الوطن والمواطن في الإعلام السوري فما شهده هذا اللقاء الذي نظمته ودعت إليه شعبة الحزب والمركز الثقافي العربي في صافيتا بالتعاون مع المنظمات الشعبية ودام ثلاث ساعات متواصلة بحضور ومشاركة حشد كبير من أبناء المنطقة"مدينة وريفا"ً وفعالياتها السياسية والإدارية والشعبية،يستحق التوقف عند جوانب كثيرة منه ولاسيما الجوانب المتعلقة بالإعلام ونظرة الناس للدور الذي يلعبه أو يفترض أن يلعبه في حياتهم وحياة وطنهم وفي تصويب عمل الحكومة وفي مكافحة الفساد والفاسدين وأيضاً الجوانب المتعلقة بقضايا تنموية مختلفة تعانيها المنطقة بشكل خاص والمحافظة بشكل عام
ولكن الطروحات الساخنة التي شهدها مجلس الاتحاد العام لنقابات العمال الأسبوع الماضي بحضورعضو القيادة القطرية أسامة عدي والحكومة ممثلة بالنائب الاقتصادي"رئيس الفريق الاقتصادي"وبعض الوزراء والمتعلقة بالسياسة الاقتصادية المتبعة،وانعكاسها السلبي على حياة الناس والعمال وذوي الدخل المحدود جعلتني اتجه نحو فضاء هذا المجلس تاركاً فضاء لقائنا الإعلامي إلى الزاوية أو مادة صحفية لاحقة
بداية أشير إلى إن أهم معاناة ذكرها رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال تتمثل في عدم تشميل العمال بالرعاية الصحية وفي عدم تسوية أوضاع العمال المؤقتين وفي عدم ضخ استثمارات حكومية في القطاع العام وفي عدم معالجة صعوبات الشركات العامة
أما النقاشات والطروحات التي شهدها المجلس وكانت حادة في معظمها فأظهرت أن العمال وقيادتهم النقابية لايثقون بالسياسات الاقتصادية المتبعة وان الحكومة لا تشاركهم قرارها وان الهواة كبيرة بين ما يفكرون ويريدون وبين ما تخطط له الحكومة وما تقوم به وان التنظيم النقابي في واد والقائمين على السياسة الاقتصادية في واد أخر
ولعل من أبرز ما ذهب إليه تقرير المكتب التنفيذي أولاً ومداخلات أعضاء المجلس ثانيا هو عملية التحول إلى اقتصاد السوق الاجتماعي لاتسير بالشكل الصحيح حيث إن دور الدولة حسب رأيهم-تراجع في مختلف القطاعات بدل أن يتقدم انسجاما مع الجانب الاجتماعي في اقتصاد السوق وإن عملية التحول تتم على حساب الشرائح الفقيرة وإن الحكومة لم تنجح في إصلاح القطاع العام الصناعي حيث اتجهت إلى إغلاق الشركات الخاسرة بعيداً عن معالجة الأسباب الحقيقة لخسارتها ولطرح الشركات الرابحة منها للاستثمار من قبل القطاع الخاص
واللافت أكثر أن المداخلات اتهمت الفريق الاقتصادي في الحكومة علناً وبجرأة لم نعهدها سابقاً بالتوجه إلى الخصخصة بكل أبعادها بدلاً من العمل على مكافحة الخلل والفساد والذي يخيم على على قطاعنا العام واتهمته واتهمت الحكومة بالفشل في تحقيق النمو المخطط في(الخمسية العاشرة ) وفي توفير فرص العمل ما أدى إلى زيادة معدل البطالة وازدادت نسبة الفقر وفي ردم الهوة بين الأجور والأسعار وفي امتصاص العمالة الفائضة ووصل الأمر بأحد المداخلين (نائب رئيس اتحاد العمال العام ) إلى اعتبار كل من يدعو إلى تراجع دور الدولة في وطننا بعدم الدقة فيما يعلنه من التقدم في الإصلاح الاقتصادي متسائلاً ( في أي مجال هذا التقدم ونحن لم نلمسه وخاصة إذا علمنا أن معدل الفقر ارتفع من11%إلى15%وأن عجز الميزان التجاري ارتفع إلى184 مليار ليرة وإن....الخ
كما وصل الأمر بإحدى المتحدثات إلى اتهام الحكومة وفريقها الاقتصادي لجهة عدم الشعور بأي إنجازات اقتصادية ولجهة الاستياء الكبير الذي لاقاه قرار الدعم الأخير ولجهة ما سيحدث للزراعة والمزارعين بعد رفع الدعم عنهم
طبعا شهد المجلس الكثير من الاتهامات الأخرى التي يتسع المجال لذكرها وشهد حديثاً ودفاعاً وردوداً من النائب الاقتصادي ووزيري الصناعة والزراعة وكلاماً مريحاً من عضو القيادة لكن لابد من القول في ختام هذه الزاوية إن الاتهامات (الخطرة ) الموجهة للحكومة وفريقها الاقتصادي يفترض ألا تمر مرور الكرام إنما يفترض أن تدرس دراسة معمقة من قبل القيادة السياسية تمهيداً لاتخاذ قرارات مناسبة في ضوء نتائجها وذلك عبر فريق فتي محايد يملك أعضاءه الخبرة الكافية والتخصص المطلوب والكفاءة العالية والإحساس العالي بمصلحة الوطن ومصلحة أبنائه بشكل عام وشرائحه الأوسع بشكل خاص فلا يجوز أن نسمع اتهامات من عمالنا بهذا المستوى ونسمع رد النائب الاقتصادي،ومن ثم يذهب كل طرف إلى عمله ليستأنف حربه الكلامية أوغيرالكلامية على الطرف الآخر بعد أن تبين غياب الثقة واستمرار الهواة بينهما
