تحضر المؤسسة العامة للإنتاج الاذاعي والتلفزيوني في الموسم الرمضاني الحالي بخمسة أعمال درامية سورية تحمل توقيع عدد من أهم الكتاب والمخرجين وبمشاركة نخبة من النجوم السوريين وتقدم مضامين معاصرة وتاريخية مهمة تناسب المرحلة الحالية التي تمر بها سورية والمنطقة العربية من محاولات لهدم الشخصية العربية والمجتمع العربي.

ويأتي مسلسل “شهر زمان” الذي تم إنجازه نهاية العام الماضي وتم تأجيل اطلاقه لهذا الموسم ليكون من ضمن باقة انتاجات المؤسسة في شهر رمضان وهو من تأليف واخراج زهير قنوع ومن بطولة عباس النوري و سمر سامي و ديمة قندلفت “ميسون أبو أسعد” ومجموعة كبيرة من الممثلين حيث تدور قصته في زمن واقعي لمدة شهر وعبره نلامس انعكاسات الأزمة السورية على مصائر الشخصيات وتجلياتها على الناس وامكانية تحدي الذات لإظهار الجوانب الايجابية داخل الانسان إضافة إلى ظهور ما سموا “تجار الأزمات” الذين يريدون أن يستغلوا الظروف لمصلحتهم الشخصية.

أما العمل الثاني الذي تم انتاجه من قبل المؤسسة فهو “حارة المشرقة” تأليف أيمن الدقر واخراج ناجي طعمي ومن بطولة أسعد فضة وسلاف فواخرجي و عبد المنعم عمايري و أيمن رضا وزهير رمضان ومحمد حداقي وآخرين حيث تدور احداثه قبل الأزمة وفيه محاولة لتتبع مخطط سابق لهذه الأزمة والذي كان يهدف لتفريغ سورية من عقولها وامكاناتها البشرية ضمن اطار جذاب يحتوي حبكة مشوقة.

مسلسل “دامسكو” من تأليف عثمان جحي وسليمان عبد العزيز واخراج سامي جنادي وبطولة أيمن زيدان و سامية الجزائري و رنا أبيض و محمد حداقي وتدور أحداثه في عام 2010 حيث يقدم صراعا بين ممثلي الاصالة والاتقان وممثلي النزعات الاستهلاكية والاستسهال والسوقية وغيرها من الامور السلبية.

وجاء رابع الأعمال لهذا الموسم مسلسل “امرأة من رماد” تأليف جورج عربجي ومن اخراج نجدة إسماعيل انزور وبطولة سوزان نجم الدين وسعد مينا وآخرين وتدور أحداثه خلال الأزمة مع تلافي الإمعان في الاصطفافات السياسية لكون هذا الامر لا يحتمله مسلسل تلفزيوني دون ان يخفي العمل هويته الوطنية فهناك تحديد للأصيل وللوافد وللوطني والعميل عبر حكاية مشوقة عن امرأة تكاد تكون واقفة على حافة الانهيار العصبي والجنون بسبب اعتقادها بأنها فقدت ابنها في تفجير ارهابي وتتوالى الاحداث حتى نهاية المسلسل.

وآخر انتاجات هذا الموسم من قبل المؤسسة هو مسلسل “حرائر” من كتابة عنود الخالد واخراج باسل الخطيب ويضم مجموعة من النجوم منهم أيمن زيدان وسلاف فواخرجي وصباح الجزائري وميسون أبو أسعد ومحمود نصر وآخرين وفي هذا العمل محاولة لتقديم اقتراح بديل عن اعمال البيئة الشامية التي قدمت صورة سلبية عن المرأة وأظهرتها كائنا متفرغا للمنزل وتابعا للرجل ليقدم هذا المسلسل عصر النهضة السورية في بداية القرن الماضي عبر عمل درامي في جزء منه يعتمد على وقائع حقيقية وشخصيتين واقعيتين هما ماري العجمي و نازك العابد والجزء الآخر له مسارات درامية مفترضة ويتم الربط بين الجزأين بخطوط درامية.

وعن ظروف الانتاج والتسويق لهذه الأعمال الخمسة قالت ديانا جبور مديرة المؤسسة في حديث لـ سانا : “إن الظرف الراهن كان اهم صعوبة واجهتنا أثناء انتاج هذه الاعمال فأحيانا كان هناك خطر يتهدد حياة كادر العمل اثناء التصوير عبر القذائف العشوائية التي تتساقط على المدن من قبل الارهابيين حيث تكرر سقوط قذائف في جوار وفي مواقع التصوير ولكن العناية الإلهية

حمت الكادر من اي اصابة ومع ذلك فإن العاملين من فنيين وفنانين كانوا ممتلئين بالحماسة والرغبة في الاستمرار بالعمل لأنهم رأوا مستقبلهم المهني في اكمال التصوير وتجاهلوا الموت الذي يتهددهم وذهبوا في طريق انجاز عملهم”.

وتتابع .. إن صعوبة التصوير في عدد من المواقع شكلت صعوبة جديدة في محدودية الأماكن القابلة للتصوير بعد ان كانت سورية كلها استديو طبيعيا متنوعا من الصحراء للجبل والسهل والبحر مبينة أنه خلال الأزمة “تم ايقاف تصوير بعض الاعمال التي لا يمكن تصويرها الا في الاماكن الساخنة و تأجيل انجازها لحين تحسن الأوضاع العامة و إتاحة امكانية التصوير فيها”.

وأوضحت جبور أن تسرب عدد من الفنيين لخارج البلد سعيا للعمل شكل صعوبة جديدة في تأمين الكوادر الفنية لافتة الى أنه دائما يوجد امكانية لترميم النقص من خلال الخريجين الجدد من الشباب وهم على سوية عملية جيدة وقادرون على سد هذا النقص.

اما من ناحية الفنانين فالفجوة كانت اكبر كما تبين جبور بعد ان خرج العديد منهم لخارج سورية لعدة اسباب منها السعي للعمل في الدراما العربية بأجور أكبر ومنهم من خرج نتيجة الاعتداءات الإرهابية التي طالت عددا من المناطق ما حد من خيارات المخرجين في اختيار الفنانين المشاركين بالأعمال المنتجة خلال هذه الفترة.

وحول التفاوت في الأجور بين الدراما التي تنتج داخل سورية والدراما التي تنتج خارجها أقرت جبور بوجود تفاوت كبير بين الاجور معتبرة في الوقت نفسه أن المقارنة لا تجوز لاسيما في ظل هذه الظروف لأننا داخل بلدنا نعتمد العملة السورية في انتاجنا وفي كل أمور حياتنا وقادرون مع ذلك على تقديم أعمال درامية راقية تتهافت عليها المحطات العربية لشرائها رغم الصعوبات التي نواجهها والحرب القائمة علينا.

وأوضحت أن الظرف الصعب والاستثنائي الذي تعمل به الدراما السورية ولد نوعا من العقد التضامني بين المؤسسة العامة للإنتاج الاذاعي والتلفزيوني من جهة وبين الفنانين والفنيين وكادر العمل ككل من جهة أخرى لتقديم منتج درامي سوري محترم دون بخس المشاركين حقهم المادي أو مطالبة جهة الانتاج بأجور تفوق امكاناتها المادية مع اعطاء الأولوية لإيصال رسالة هذه الصناعة الدرامية الوطنية للجمهور دون خسارة طرف ما.

ولفتت مديرة المؤسسة الى أن التسويق للأعمال في هذا العام كان افضل من العام الماضي وجاء ذلك من خلال عدد من الموزعين الذين استطاعوا تسويق أعمال المؤسسة لعدد مقبول من المحطات وصل عددها لسبع محطات عربية الى جانب القنوات السورية مبينة أن هناك عمليات تفاوض حاليا مع عدد اخر من المحطات العربية التي لم تتعامل معها المؤسسة في السابق لشراء الاعمال المنتجة هذا العام.

وحول حجم ميزانية المؤسسة لهذا العام أكدت جبور أن الحكومة استجابت لطلب زيادة ميزانية المؤسسة ما ساعد على زيادة عدد الاعمال المنتجة هذا العام عن العام الماضي وقالت.. ان الظرف العام في السنة الماضية لم يساعد على انتاج عدد اكبر من المسلسلات بسبب تزامن مونديال كأس العالم 2014 مع رمضان الماضي ما أثر على الإنتاج والتسويق إلى جانب عقبات في التحويلات المالية فتأخر توقيع العقود وتأجل إطلاق عدد من الأعمال كي يتم إنتاجها في ظروف أفضل تحافظ على سوية العمل الدرامي.

ورفضت مديرة المؤسسة فكرة السعي للتنافسية في انتاجات المؤسسة مع غيرها من الاعمال الدرامية معبرة عن رضاها عن الأعمال المقدمة هذا الموسم وقالت : “إن على الدراما السورية ان تتحرر من عقلية المنافسة وتقدم أعمالا ترضي القائمين عليها وتعبر عن الواقع الحقيقي وعن البيئة التي احتضنت هذا المنتج الدرامي عندها نقدم عملا دراميا سوريا حقيقيا وبنوعية عالية يحمل امكانية المنافسة”.

وبينت جبور أن المؤسسة تعمل على ايصال الصورة الصادقة للمجتمع السوري وما يعيشه شعبنا خلال هذه الأزمة عبر انتاجاتها الدرامية كجزء من واجبها الوطني لافتة الى أن هذه المهمة هي جماعية ولا يمكن لجهة واحدة أن تحتكرها ليكتمل العمل في إيصال الرسالة الصحيحة للناس.

المؤسسة التي ستبدأ في تصوير عمل درامي جديد بعد عيد الفطر مباشرة بعنوان “نبتدي منين الحكاية” من كتابة  فادي قوشقجي واخراج سيف الدين سبيعي تطمح لتقديم عمل درامي سوري للفنان دريد لحام في هذا العام حيث أوضحت جبور في ختام حديثها أن هناك رغبة حقيقية وعملا جاريا لكتابة مسلسل من بطولة الكبير دريد لحام ليتم انتاجه من ضمن انتاجات هذا العام للمساهمة في اعطاء هذا الفنان السوري الكبير التقدير الذي يستحقه.