تظاهرة تلألأت حلما وأدبا لتصبح سوسة جوهرة الشعر كما هي جوهرة للساحل التونسي كان رذاذ المطر الذي زارها مع الشعر يوم الافتتاح يحمل بشرى الأدب المتخم بالبديع وكان حفل الافتتاح الذي غص بحضور نوعي من شعراء وفنانين ومهتمين بالأدب في المركز الثقافي بسوسة دلالة على تعطش الجمهور التونسي العالي الذائقية للأدب .
وقد افتتحت التظاهرة بأمسية نقدية لجيلين نقديين عبد المجيد يوسف حول الحكي في الشعر والشاب أسامة بن فريخة حول النص الشعريوإشكالية القراءة ،قدمها الشاعر الدكتور المنصف الوهايبي انتهت ورقتهما على عجل وتساقطت الأسئلة المطالبة بالاستزادة ...في فقرة ضاع فيها حساب الزمن
وكانت الفقرة الثانية أمسية للشعراء الشباب الواعدين الذين ألقوا نصا من نصوص أساتذتهم في الشعر فتميزوا إلقاء وباحوا بما فاضت به قرائحهم بنصوص تبشر بمستقبل شعري زاهر حيث كان النضج الموسيقي والرؤيا الموضوعية الواضحة من علامات النصوص البارزة وكان ختام الافتتاح بأمسية شعرية للشعراء كبار بإدارة الشاعر عبد الوهاب الملوح من أمثال شاعر القيروان الشاعر منتصف الوهيبي وشاعر القطيف السعودي رائد الجشي والشاعر الجزائري عاشور بوكلوة وغيرهم وقد تمايل معهم الحضور سنابل بديع حتى اختتمت الأمسية وما زال شوق الجمهور للاستزادة,ثم انتقل الحضور إلى صالة الاحتفالات بفندق نجمة أبو نؤاس المطل على البحر وتتابعت الأمسيات الأدبية المتنوعة بين النقد والشعر وعرض النتاج الشعري المطبوع والتحدث عن التجارب المطبوعة في عام 2009 وعند المنتديات الإلكترونية الأدبية وأمسية حول دور النشر وواقع النشر الأدبي ومسرحة الشعر ودورة في التناغم الجسدي الصوتي وتمت مفاجئة الشاعر الكبير المنتصف الوهيبي بالاحتفل بعيد ميلاده الستين واستمرت الأمسيات حتى صباح اليوم الثاني شارك به العديد من الأدباء المشهورين والمميزين في الوطن العربي وكان اتحاد الكتاب حاضرا بمشاركة الشاعر مراد العمدوني وسيد السالك ورئيسة رابطة شاعرات سوسة والعقل المدبر والمدير للتظاهرة المبدعة راضية الشهابي والعديد من الشعراء والشاعرات ثم انتقلت الفعاليات في الصباح إلى موقعين الأول في مرسم النجمة وكانت ورشة مكنت بعض الشعراء من تحويل نتاجهم الشعري إلى لوحة فنية بإشراف فنانين متخصصين والموقع الآخر كان في المكتبة العامة حيث قدم الأطفال عرضا من الإلقاء الشعري باللغتين الفرنسية والعربية بطريقة مسرحية أعجبت الجمهور الكبير مما جعلته يطالبهم بإعادة فقرات العرض وكانت هناك تجربة مميزة لطفلة قرأت محاولتها بجرأة جميلة وتمكنت من إيصال فكرتها بشكل سهل وسلس ينم عن موهبة أدبية تكاد أن تتدفق لو وجهت في الاتجاه الصحيح
ثم عقدت أمسية في الترجمة من العربية إلى الفرنسية والإيطالية والإنجليزية
وعرض لتجارب الشعراء الشعبيين بلغات البلدان الدارجة شارك فيها شعراء شعبيون و فصيحون بعرض نتاجهم الشعبي ثم عادت الفعاليات مرة أخرى لتتواصل في صالة الاحتفالات بفندق أبو نؤاس حضر التظاهرة الآلاف من عشاق الأدب والشعر وشارك بها أكثر من 100 شاعر وشاعرة ومن الغريب أن ال 24 ساعة شعر لم تكن كافية لإشباع نهم عشاق الشعر والأدب وكان معظم الحضور يطالب بالمزيد وعدم إنهاء الفعالية رغم الإرهاق الذي صاحب الكثيرين ممن تابعو الفعاليات كلها دون نوم والمعدين الذي قضوا في تحضير التظاهرة لتبدو كما بدت عليه علامة فارقة ومميزة تؤكد أن الشعر بكل مذاهبه واتجاهاته قابل للتوحد وأنه لا زال عمل فرجوي يراهن على ثقافة المتلقي والجمهور وذائقيتهم وارتفاع مستوى وعيهم الأدبي بتقبل كل التجارب بذاتها دون حكم مسبق
بدليل استعادة الجمهور للومضات الشعرية المكثفة الصور وتفاعله معها كتفاعله مع المقطوعات الشعبية .. تظاهرة ال 24ساعة في تونس تظاهرة ملفتة لأنظار العالم تثبت تحضّر ورقي الأدب العربي ..والجمهور العربي ...قد احتضنتها تونس الخضراء ... فأصبحت أكثر رونقا وخضرة بها