استحوذ معرض التصوير الضوئي «الإصغاء لما وراء الكلمات» للفنانة «أنجليك سانوسيان» في مقهى نهر الفن على متابعة واسعة، لما تركته صور المعرض من تأثير ولما رصدته عدسة الفنانة من محادثة تمثل لغة الإشارة لدى الأطفال الصم والبكم، لتؤكد تلك الصور أن لغة الإشارة ولغة التخاطب ليست بالضرورة «الصوت» وحده، بل إن لدى الإنسان طاقات أكبر وأعمق من الممكن أن يرسلها وأن يتعلمها.
تقول «أنجليك» المثل القائل :«الصورة تساوي بقيمتها آلافاً من الكلمات.. لطالما استوقفتني هذه العبارة طويلاً, في محاولة لفهمها..واليوم, أستطيع أن أقول إن تجربتي في فن التصوير الضوئي, جعلتني أدرك معناها أخيرا...في البداية, كان التصوير بالنسبة لي مجرد هواية, حيث كنت ألتقط الصور باستخدام آلة تصوير عادية للهواة..ولكن, منذ ذلك الوقت, اكتشفت أن للتصوير أبعاداً أكثر عمقاً مما تخيلت واكتشفت قدرته على إيجاد مكامن للجمال، حتى في كومة من النفايات, وإعطاء القيمة والمعنى لما قد يبدو لنا للوهلة الأولى عديم الجدوى والأهمية».
قوة الصورة
هاجس المعرض هو التعبير بحق عن أولئك الأطفال ولغة الإشارة الخاصة بهم، لتتحول الصور من صور ساكنة إلى صور تتحدث وتعبّر عن نفسها وعن تجربتها، ولما اختارت أن ترصد آلة التصوير الخاصة بها «لغة الإشارة» فالإجابة كانت بالنسبة لها هي الدخول إلى عالم آخر وإلى لغة تخاطب جديدة وكشفها للناس.
« جاء يوم بدأت العمل فيه مع الأطفال الصم, وتعلمت التكلم بلغتهم «لغة الإشارة...في تلك الفترة أصبح كل شيء واضحاً بالنسبة لي..عرفت ماذا أريد, و اكتشفت قوة التصوير , وكيف أن بإمكاني استخدام الصورة كأداة للتواصل وأصبح هذا هدفي وبدأت أعمل على ذلك, وتفاجأت خلال عملي بأن التصوير في حد ذاته هو تواصل الفنانة أنجليك حين أقامت معرضها في مقهى نهر الفن وبالتعاون مع جمعية الأحلام للصم والبكم رصدت ريع اللوحات إلى أصحابها أي لأطفال لغة الإشارة، لكن الفنانة أنجليك لم تتعلم فقط الإصغاء في لغة الإشارة، بل تعلمت الإصغاء إلى الصورة نفسها, وتأكدت حينها أن الصورة تساوي بقيمتها آلافاً من الكلمات, بل أكثر؛ فهي يمكن أن تقول أكثر من شيء واحد لأكثر من شخص..
ماذا تريد أنجليك؟!....
أرادت من خلال معرضها أن تتيح للناس الفرصة ليصغوا فعلا لما هو أبعد من الكلمات، وليصغوا بكل ما للكلمة من معنى, وليس لمجرد الاستماع. وليدركوا قيمة ما يملكون, وليكونوا شاكرين على ذلك؛ فكثيراً ما تكون أبسط الأشياء التي نملكها والتي نعتقد أنها من الأمور المقدرة هي فعلاً أكبر نعمة في حياتنا.
أنجليك تقول في معرضها «الإصغاء لما وراء الكلمات» أن المعرض ساعدها في تطوير قاموسها الخاص بالتواصل, متخطية الحدود التي يفرضها المجتمع..فالتصوير, ساعدها على تحطيم حواجز اللغات, وإيجاد عالم مختلف كلياً لنفسها؛ هو عالمها الخاص (بالشكل الذي أراه, وبالطريقة التي أصغي فيها إليه).