12 عاماً وشمس الممثل الراحل أحمد زكي لا تغيب عن سماء الفن، رغم أنّه قدّم فقط 90 عملاً ما بين أفلام السينما، والدراما التليفزيونية، والمسرح، والمسلسلات الإذاعية، والمفاجأة أنّ قائمة الأفلام التي كُتبت من أجله وذهبت لغيره ، تستحقّ وحدها تكريماً خاصاً، فيكفي أن تعرف أنّه كان المرشّح الأول لبطولة أفلام الإرهابيّ والكيت وكات، والكرنك، وكاد أن ينتحر بسبب استبعاده من الفيلم الأخير.
أنا راجل طبيعي، اللي بيحصل في العالم هو اللي مش طبيعي، لمّا ألاقي الكذب حواليّة في كل مكان، لازم أزعل، لازم أبقى قلقان لمّا ألاقي النفاق والضرب في الضهر، وسيناريوهات بتتّاخد منّي، ومشاكل في التوزيع، وناس بتاخد أكتر من حقّها لمجرد إن ليهم علاقات، لازم أبقى قلقان وأزعل وأتضايق" هذه الصرخة أطلقها احمد زكي وكشف عنها السيناريست بلال فضل، في برنامجه "الموهوبون في الأرض"، للتأكيد على أنّ أحمد زكي هو أكثر نجم عانى سرقة أدواره لصالح نجوم آخرين .
الزعيم عادل أمام، حظي بعلاقة جيدة وممتدة مع كل أبطال مسرحيته الشهيرة "مدرسة المشاغبين"، إلّا أحمد زكي، ويتردد أنّ الأخير لم يكن يتحمّل "أفيهات" الكوميديان إمام على ملامحه، ونشبت بينهما أزمة كبرى تضاعفت، عندما بكى زكي على ضياع شخصيّة "فارس" في فيلم "الحرّيف"، بعدما ذهب للزعيم بعد خلاف بسيط بين الفتى الأسمر والمخرج محمد خان، والمثير أنّ خان كان قد سجّل القصيدة الافتتاحية للفيلم بصوت زكي، وتمّ عرض الفيلم من دون تغييرها.
عادل أمام، خطف من زكي دوراً آخر، لا يقلّ أهميّة عن الحرّيف وهو "الإرهابي"، فقد كُتب السيناريو خصّيصاً من أجل زكي، وكان على وشك اطلاق دعاية التصوير، ولكن صدفة جمعت المخرج نادر جلال بالزعيم ، جعلت الصحف كلّها تكتب في اليوم التالي عن توقيع عادل أمام لبطولة الفيلم، وأصيب زكي وقتها بحالة حزن شديدة.
الصدمة الكبرى في حياة أحمد زكي كانت مع المنتج رمسيس، أثناء التحضير لبطولته الأولى أمام سعاد حسني "الكرنك"، فقد كتب الفيلم السيناريست ممدوح الليثي ورشح زكي للبطولة، واصطحبه للمنتج لتوقيع العقود، ولكنّ رمسيس وجّه إهانات قاسية لزكي وقال: أجيب الواد ده وأخلّي سعاد حسني تحبّه!.. طيب إزاي، واتصل بعدها بنور الشريف وقام ببطولة الفيلم بالفعل، وكاد أحمد زكي أن ينتحر بعدما ضرب رأسه بكوب زجاجي، وظلّ ينزف طوال الطريق من مكتب المنتج لمنزله.
المخرج داود عبد السيد كشف مؤخرا عن مفاجاة كبرى، تتعلّق بالعمل الأهمّ للنجم محمود عبد العزيز "الكيت كات"، مؤكداً أنّ دور الشيخ حسني كان مكتوباً خصيصاً للنجم الراحل أحمد زكي، وأنّ الأخير توجّه بالفعل للملحن الشهير سيد مكاوي ليتعلّم منه، لكنّ الخلافات المادية وقتها، ذهبت بالدور للساحر الذي أعاد نفسه كواحد من أبرز نجوم السينما بفضل شخصية الشيخ حسني.
صنع النجم الراحل ممدوح عبد العليم اسطورته عام 1988 بفيلمه الشهير "بطل من ورق" بشخصيّة رامي قشوع، وهو مَدين بالفضل للاسطورة أحمد زكي، فالدور كان مكتوباً بالأساس له، وظل ينتظره لفترة طويلة جدا، وكان زكي متردداً لأنه قدّم أدواراً كوميدية عدّة قبلها، مثل "البيه البواب" و"أربعة في مهمّة رسمية"، وكان يريد تقديم فيلم جادّ، فاختارت الشركة المنتجة النجم الشاب وقتها ممدوح عبد العليم لأداء الدور.
النجم الكبير محمود حميدة مَدين بالفضل ايضا للنجم أحمد زكي، فلولا استبعاد الأخير من بطولة فيلم "فارس المدينة" لما حظي حميدة على البطولة أبداً، والقصة قدّمها مخرج الفيلم محمد خان في كتابه "مخرج على الطريق"، تحت عنوان "البدلاء"، مؤكداً أنّ زكي تعاقد على بطولة الفيلم بالفعل، ولكنه اختفى قبل التصوير، وهي طريقة اعتذار ضمنيّة معروفة في الوسط الفني، كما يشرح خان، فأسند المخرج دور بطولة الفيلم لمحمود عبد العزيز، لكنه طلب مهلة لبدء التصوير لانشغاله في عمل آخر، وهو ما رفضه خان، وقرّر بدء التصوير في الموعد المحدّد لـ"فارس المدينة"، لذلك غامر وأعطى الفيلم للممثل الصاعد الذي لم يقُم بدور بطولة من قبل وهو محمود حميدة.
النجم أحمد زكي ظلّ حتى قبل أيام من وفاته، يتابع تطورات التحضير لفيلمه المنتظر "من ضهر راجل" وفي الوقت نفسه، كتابة فيلمه "رسائل البحر"، ولكنّ أزماته الصحيّة ووفاته المفاجئة، أجبرت المخرج والمؤلف أحمد ماهر على منح بطولة الفيلم الأول لآسر ياسين، كما اختار المخرج داود عبد السيد، الممثل نفسه لبطولة "رسائل البحر"، وهما آخر عملين كُتبا خصيصاً لأحمد زكي، ولكن أدّاهما ممثل آخر.