ككل الدول المتحضرة لدينا قانون لحماية المستهلك، ومديريات لضبط الأسعار ومعاقبة المحتكرين، وجمعية أهلية بدون صلاحيات اسمها جمعية حماية المستهلك التي تعمل بشكل تطوعي، وفقط لا يتجاوز دورها التحذير، ودعوة المواطن عند الغلاء لمقاطعة اللحمة الحمراء.
وفي ظل الأزمة التي تعيشها البلاد كثرت شكاوى الناس من فلتان الأسعار، وكثرة المواد المغشوشة،وغياب دور الدولة، وظهور حيتان جدد انتهزوا حاجة الناس،وأوضاع الناس لزيادة أرباحهم، واحتكار المواد الأساسية واليومية للمواطن، وتكشفت خلال الأزمة أن اختفاء بعض المواد الرئيسية لحياة المواطن كان وراءها تجار لا يرون إلا مصالحهم فقط.
جمال الدين شعيب مدير مديرية حماية المستهلك يتحدث لبورصات وأسواق في هذا الحوار عن الدور المناط بالمديرية والصعوبات التي تواجهها.

طرق جديدة ابتدعها التجار للغش مستغلين انشغال الحكومة بمجريات الوضع الأمني في البلاد، ما هي أساليب الغش التي اكتشفتموها من خلال عملكم؟.
للغش أساليب كثيرة، وطرق التهرب منها والحؤول دون اكتشافها أكثر، فقد يكون الغش في تاريخ صنع العبوات حيث نجد اليوم في الأسواق مواد ومستحضرات تحمل تاريخ إنتاج جديد، ومغلفة بطريقة جيدة ومع هذا هي مغشوشة فالبعض من ضعاف النفوس يقومون اليوم باستخدام عبوات منتهية الصلاحية لمواد ومستحضرات تحمل علامة مسجلة ومعروفة ويعملون على تجديد مدة صلاحيتها وبيعها بأسعار أرخص من السعر الذي يجب أن تباع به، وهذه إساءة إلى سمعة المنتج وصحة المواطن، كما أن بعض التجار اليوم يقومون بتوظيف الأطفال وعمال التنظيف لجمع العبوات الفارغة لكثير من أنواع الزيوت ومستحضرات التجميل والعبوات الغذائية ليعاد تعبئتها بمواد من النوع نفسه بجودة أقل وبيعها بالسعر الذي يباع به المنتج الأصلي، كما أن الغش في المحروقات والغاز كان بالعبث بعداد المحطات أو بخلط المادة الأساسية بالماء، أو بمواد أخرى تزيد من حجمها.
ما يخشى منه هي السلع التي تشكل أساسيات المواطن وغذائه..ماذا كان نصيب المواد الغذائية من أساليب الغش ؟
تعرضت اللحوم في كثير من الأسواق للغش حيث قام البعض من تجار اللحوم بالخلط بين أنواع اللحوم ليبيعوها بسعر النوع الأغلى ومنهم من ذبحوها بطريقة غير شرعية خارج المسالخ ودون رقابة، وقد ضبطت المديرية أكثر من 17 ضبط لذبح اللحوم خارج المسالخ والجمع بين أنواع اللحوم، كما ضبط العديد من المخابز التي تغش بالخبز لقمة عيش المواطن وقوته الدائم، وقد ضبط المديرية أكثر من 3400 حالة غش بعبوات التنظيف ومستحضرات التجميل المعبئة بمواد غير صالحة للاستعمال ومضرة بالجلد.
المحروقات على اعتبارها من أولويات المواطن كيف يتم العبث بها وغشها؟.
قامت المديرية بضبط أكثر من 17 حالة لتجار وأصحاب شاحنات حاول بيع غاز عبء بطريقة غير صحيحة عن طريق خلط الغاز بالماء أو بمواد أخرى تؤدي إلى زيادة حجم العبوة، كما ضبطت المديرية الكثير من المحطات التي حاولت اللعب بعدادات المحروقات وخلطها بالماء.
بالتأكيد من يغش يخترع أدوات الإفلات من تهمته..كيف تعاملتم كمديرية لحماية المستهلك مع هؤلاء؟.
أغلب الضبوط التي قامت بها المديرية كانت عن طريق الشكاوى من قبل المواطنين على مواد سببت الضرر لهم، كما اكتشف المديرية من خلال جولات المراقبة على الأسواق الكثير من المخالفات وحالات الغش، فالبعض يبيع دون وجود فواتير نظامية بمبيعاته، والبعض كان الغش لديه بأحد تلك الطرق التي ذكرت سابقاً، والمراقب لدينا يكشف مثل هذه المخالفات من الفواتير الغير نظامية أو من أخذ العينة من تلك العبوات واكتشاف عدم مطابقتها للمواصفات.
أما عن التهرب فيحدث فقط في تزوير الفواتير حيث يقوم البعض بإخراج فاتورة لكمية من البضائع تكون مسجلة في الفاتورة في حين يبيع الكثير من البضائع على حساب هذه الفاتورة دون أن تكون موجودة فيها، وفي هذه الحالة إن كانت البضائع التي تباع دون فاتورة مخالفة للمواصفات يتم كشفها بأخذ العينات وتحليلها للتأكد.
سمحت الأزمة للبعض بتقليد علامات تجارية هل من أمثلة على ضبط مثل هكذا حالات ؟
تصلنا الشكاوى والضبوط من الوزارة حيث نقوم بالتأكد منها وكتب الضبط مع دلائل عليه ويحال إلى القضاء بعد ثبوت الشكوى، وفي الوزارة ضبوط كثيرة ووصل منها الكثير إلى المديرية وكأمثلة على الضبوط التي بتت المديرية بها أن أحد المواطنين اشتكى من تقليد بائع منظفات ومحارم ورقية لعلامة فارقة مسجلة لصالحه بكمية 30طرد * 10كيس تحمل علامة فارقة (غنى) إنتاج المجموعة الدولية للصناعات التمويلية سيردان وقلعي علماً بأن العلامة الفارقة (غنى) مسجلة لصالح الجهة الشاكية برقم شهادة تجديد/37299/ تاريخ 28/9/2011 لتوضع على المنتجات الصحية الورقية وقد ضبطت الكمية المذكورة.
وهناك ضبط آخر لاستخدام علامة فارقة مسجلة فعلامة (drama-cafe) باللغة الأجنبية فقط استخدمت على واجهة محل علماً بأن علامة دراما كافيه مسجلة باللغتين تحت رقم (124856) تاريخ 24/8/2010 لتوضع خدمات مطاعم ومقاهي وتقديم الشراب والطعام ضمن الفئة 43 ولم يتم حجز أي شيء.
المواطن هو المتضرر الأول من كل ما تعيشه الأسواق من فلتان وعمليات غش، ما هي اجراءات المديرية للحد من الأذى الذي يلحق المواطن من جراء مخالفات التجار ؟
عندما تثبت المخالفة على تاجر ما أو مخبز أو محطة وقود يكون الحكم إيقافها عن العمل لمدة محدودة أو دائمة، ولا بد من الأخذ بعين الاعتبار البدائل الممكنة قبل النظر إلى المخالفة كي لا تقع المخالفة على المواطن الذي لا ذنب له، وكمثال على هذا عندما ثبت تلاعب أحد محطات الوقود بعداد المحروقات وتم إيقافها عن العمل حولت جميع الطلبات إلى المحطة القريبة في نفس المنطقة لعدم التسبب بأي خلل، وفي حال عدم توفر البدائل يتم إعادة النظر بمخالفة الإيقاف عن العمل تماماً واستبدالها بإيقاف صاحب العمل عن القدرة على الاستثمار وتسليم المشروع لآخر أكثر كفاءة وأمانة منه.
عمليات الغش طالت المستوردات.. كيف تستطيع المديرية كشف حالات الغش في المستوردات؟
هناك العديد من شركات الرقابة التي ما زالت تقوم بعمليات الرقابة على السلع المستوردة بآلية محددة، حيث تقوم الشركة بأخذ عينات من السلع وبشكل عشوائي للتأكد من مطابقتها للمواصفات وعدم وجود أي نوع من الغش فيها ثم يحصل التاجر على الموافقة على استيراد هذا النوع من السلع، وبالتالي يدخل البلد دون أي مخالفات.
جميع القطاعات الحكومية والغير حكومية تعرضت للكثير من الأذى والكثير من المعوقات في الأزمة الحالية، ولم يكن وضع المديرية أفضل من سواه إن لم يكن أسوأ حالاً، فما أبرز المعوقات التي تعترض عملكم ؟
بالطبع عملية مراقبة حالات الغش اليوم وفي ظل هكذا ظروف أمر صعب ويحتاج إلى الدقة والسرعة في اكتشاف المخالفة، ومعاقبة صاحبها قبل أن يحاول التهرب منها، ما يعيق المديرية اليوم كثرة المخالفات في المناطق الغير آمنة وأخذ الكثير من الوقت للوصول إلى الأماكن الآمنة كثيرة الازدحام نظراً لما يعيشه البلد من أوضاع متوترة، فيما عدا ذلك المديرية تقوم بعملها على أكمل وجه، وتحاول قدر المستطاع الحول دون السماح بإفلات أي مخالفة كانت.
لما لا نرى في ظل كل هذه التجاوزات والعبث من قبل التجار حملات توعية من قبل المديرية لهذا النوع من التجاوز؟؟
ما تقوم به المديرية اليوم وما تنجزه من ضبوط وكشف للمخالفات يصل بعضه للإعلام، ولكن هناك تقصير بهذا الأمر والمديرية تقوم على طرح فكرة إنشاء موقع الكتروني خاص بالمديرية لإيصال أعمال المديرية وكافة نشاطاتها للمواطن، كما ستقوم المديرية بطرح مواضيع كثيرة على هذا الموقع من شأنها أن تزيد من وعي المواطن وتجعله أكثر قدرة على كشف المنتجات المغشوشة والتعريف بالأضرار الكثيرة التي قد يسببها استخدام مثل هذه المنتجات والسلع المخالفة للمواصفات.