لا يسع الأسرة السورية أمام منحنى أسعار السلع المتصاعدة يومياً سوى إعادة ترتيب أولوياتها الاستهلاكية حسب الواقع المعيشي الجديد، لكن إدارتها الذاتية تعتريها في أحيان كثيرة مشكلات عديدة في ظل صعوبة الاستغناء عن سلع حلقت أسعارها عالياً كمستلزمات الأطفال ولاسيما الحليب وسط عجز وزارة التجارة الداخلية عن إيجاد حلول تؤمن هذه المادة بسعر مقبول بهدف تخفيف الضغوط المعيشية على أصحاب الدخل المحدود ومعدميه.

خارج إمكانات الأسرة
وشهدت مستلزمات الأطفال كالحليب والحفاضات والألبسة بحسب صحيفة تشرين المحلية زيادات متتالية منذ بداية الأزمة الراهنة حتى وصلت اليوم إلى أسعارها الخيالية، التي تعود أسباب ارتفاعها إلى جملة من العوامل أبرزها صعوبة النقل بين المحافظات وخروج معامل عديدة من الخدمة ولاسيما معامل الحليب والألبسة، التي تقع في معظمها في مدينة حلب، عدا عن ارتفاع أسعار الدولار وتداعيات تقلباته المستمرة على السلع المستوردة والمحلية.. ويزيد الوضع سوءاً ضعف حيلة الرقابة التموينية أمام ممارسات التجار الاحتكارية في استغلال واضح لحاجة الأسرة الماسة لشراء هذه السلع ولاسيما الحليب، الذي فقد بعض أصنافه كحليب نيدو مع أنه موجود في بعض المحال التجارية بكميات محددة قد تكون مخزنة في المستودعات لكن إجمالاً تتوافر أنواع أخرى لا تقل غلاءً عن الصنف السابق، حيث بلغ سعر كغ حليب الأطفال البودرة الفرط 700 ليرة وكغ الحليب السائل بين 55-65 ليرة وسعر حليب نيدو وزن 900 غ بـ950 ليرة و2 كغ وربع بـ1950 ليرة وسعر 700 غ من ماركة حليبنا بـ900 ليرة وسعر 400 غ بـ400 ليرة وسعر 200 غ من حليب جينا بـ225 ليرة وسعر 750 غ بـ540 ليرة وسعر 25 ظرفاً منه بـ800 ليرة بينما تراوح سعر كغ الحليب المعبأ السائل بين 100-130 ليرة وسعر علبة الحليب «أنا لاك» وزن 400 كغ بـ350 ليرة، كما طال الغلاء حفاضات الأطفال بشكل اضطر الأمهات إلى تقليص شرائها قدر الإمكان، فقد وصل سعر الحفاضات من ماركة ريلاكس 20 قطعة إلى225 ليرة وسعر ماركة بيبي جوي 12 قطعة قياس وسط 320 ليرة وسعر ماركة ليبرو 12 قطعة من مختلف القياسات بـ380 ليرة وسعر ماركة بامبرز 20 قطعة وسط بـ550 ليرة ..ووصل سعرها من ماركة كومفي وجوسي بيبي 44 قطعة وسط إلى700 ليرة، ووصل سعر الحفاضات من ماركة الطفل السعيد إلى550 ليرة مع توافر أصناف أخرى تتباين أسعارها حسب مصدر المادة وعدد القطع ونوع الماركة.

تشكيلات العام الفائت .. والغلاء نفسه
على الرغم من أن معظم المحال التجارية تعرض على الواجهات ألبسة الأطفال من موديلات العام الفائت وفق آراء باعتها إلا أنها ظلت محافظةً على أسعارها المرتفعة مع أنها لو كانت مصنعة هذا العام لكانت تسعيرتها مضاعفة، علماً بأن الأوضاع القائمة في مدينة حلب حالت دون إحضار بضاعة جديدة بشكل أثر في حركة العرض والطلب كنتيجة طبيعية لانخفاض كمية البضاعة المعروضة، وتالياً الاكتفاء فقط بالمخزن في المستودعات، لذا قام الباعة بإجراء تخفيضات بين 10-30% بغية دفع الزبائن إلى الشراء بعد الانخفاض الواضح في حركة المبيعات بسبب الارتفاع الكبير وقلة مردود الأسرة الشهري، وهنا تجدر ملاحظة أن أسعار ألبسة الأطفال ترتفع وتنخفض حسب جودة القطعة وعمر الطفل، فمثلاً وصل سعر الطقم البناتي بين 2500-4000 ليرة والفستان البناتي بـ1800-2500 ليرة والقميص بين 900-1800 ليرة والكنزة بين 850-1300 ليرة والكنزة القطنية بـ700-900 ليرة والبنطال بـين 900-1600 ليرة والتنورة بـ1200 ليرة وسعر الطقم الصبياني بحوالي 2200-3500 ليرة والقميص بين 800-1300 ليرة والكنزة القطنية بـ600-850 ليرة والبنطال بـ800-1500 ليرة وسعر الشورت 600-800 ليرة.

تخفيض أسعارها رهن بتدخل الحكومة
تقارب أسعار أصناف مستلزمات الأطفال ولاسيما الحليب والحفاضات قلة خيارات الشراء أمام الأسرة، التي قد تلجأ إلى شراء أنواع أقل سعراً بهدف التخفيف من وطأة غلاء هذه المواد على كاهلها على حد تعبير محسن خليل (موظف قطاع خاص) فيقول «يستهلك طفلي الصغير ذو العامين شهرياً حوالي علبتي حليب أو أكثر ومثلها من الحفاضات وغيرها من سلع يحتاجها الطفل في هذا السن، فماذا سيسد راتبي البالغ عشرين ألفاً من مستلزمات أسرتي إن كان الطفل وحده يحتاج راتباً خاصاً لتأمين حاجاته في ظل موجة الغلاء العاصفة بالأسواق المحلية، مع أني بحثت عن عمل إضافي لكن الحظ لم يحالفني في تحقيق هذه الغاية نتيجة قلة فرص العمل بسبب الظرف الراهن».. مضيفاً: يفترض بالحكومة أن تتحمل مسؤولياتها في هذا الجانب عبر العمل على تأمين حليب الأطفال بأسعار مقبولة عبر إدراجها ضمن قائمة السلع المدعومة لأنها لا تقل أهمية عن السكر والرز وحتى الخبز.

تؤيده نهى سليمان (موظفة) قائلة «تآكلت قيمة رواتبنا إلى النصف بينما تواصل أسعار السلع ارتفاعها، وهو أمر قد يتفهمه الكبار عبر الاستغناء عن بعض السلع أو الاستعاضة عنها بسلع أخرى ريثما تنجلي الأزمة لكن يستحيل تطبيق هذا الواقع على الأطفال، الذين لا يمكن حرمانهم من غذائهم مهما كان سعره مرتفعاً، ما يفرض على الجهات المعنية حل هذه المسألة عبر استيراد هذه المادة وضخها في منافذ بيع مؤسسات التدخل الإيجابي بأسعار مخفضة بدل ترك الأمر رهناً بالتجار أو تخفيض الرسوم الجمركية المفروضة على مستلزمات الأطفال كافة أسوة بالكثير من الدول التي تطبق هذا الإجراء