سيريانديز – نور ملحم
تعاني الصناعة السورية منذ سنوات عدة من واقع يأخذ بها إلى التدهور المتسارع ، ومن أسبابه تداخل الصلاحيات، وغياب الاستراتيجية الواضحة، وتعدد الجهات الوصائية الأمر الذي زاد من تعقيد مشاكل القطاع الصناعي هذا عدا عن تأثيرات الأزمة التي تمر بها البلاد، والحصار الاقتصادي الجائر.
ومع ذلك يرى الدكتور فادي عشي مستشار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمسؤول على برنامج التحديث والتطوير الصناعي في حديث لسيريانديز أن الواقع و متطلبات التطوير في القطاع الصناعي في سوريا قادرة على توفير الكثير من فرص العمل بين القطاعات غير الخدمية، وباعتبار أن الإنسان لا يحقق وجوده إلا بالإنتاج العلمي و الفكري فيمكننا القول أن له أن يحقق وجوده بالإنتاج الصناعي، خصوصا وإن الدستور السوري قد كفل حق العمل و الإنتاج لكل مواطن، ومن هنا تنبع الأهمية المادية و المعنوية للصناعة و بالتالي للتحديث الصناعي.
و بين الدكتور عشي أن الصناعة السورية تتمتع بعدد من نقاط القوة، منها الموقع الجغرافي المتميز لسورية، وامتلاك قاعدة من الموارد الطبيعية ووجود يد عاملة متوسطة الكفاءة و رخيصة، وتوفر مؤسسات داعمة تساهم في تطوير و تحديث الصناعة، وصدور حزمة من القوانين التي حسنت بيئة العمل و الاستثمار في السنوات الأخيرة.
أما عن المعوقات فهي كثيرة فيرى الدكتور عشي أنه ليس خفياً على أحد أن القطاع الصناعي يعاني من عدد من المشكلات التي تضعف من إنتاجه منها عدم وضوح الرؤية الإستراتيجية للسياسة الصناعية و التحديث الصناعي، و تعدد الجهات الوصائية و الرقابية، وضعف المحاسبة على النتائج، وضعف أساليب الإدارة و مركزيتها، ووجود عمالة فائضة وعمالة غير مؤهلة على مستوى عال.
وأما أهم هذه المعوقات كما يقول د. عشي: غياب البحث والتطوير وتدني مستوى التعليم المهني، و تواضع و تشتت جهود البحث العلمي، و إهمال مشاريع البحث التطوير في الصناعة، و عدم التقيد بالمواصفات القياسية من قبل بعض المصنعين، و عدم التقيد بمتطلبات الأمان مما أدى إلى ضعف القدرة التنافسية، هذا كله ناهيك عن ضعف المناخ الجاذب للاستثمار الأجنبي مقارنة ببلدان الجوار، و اعتماد الصادرات الصناعية على المواد الأولية و نصف المصنعة، و ضعف التمويل ومحدودية مصادره.
مشكلة المشاكل التي تقف حجر عثرة في طريق تطوير القطاع الصناعي فهي تعدد الجهات الوصائية على الصناعة السورية ويرى الدكتور عشي أنها تشكل عائقا كبيرا أمام التحديث الصناعي، وهذا أدى لغياب الإستراتيجية الواضحة للتحديث الصناعي التي تتحدد فيها الصناعات الإستراتيجية و طرق تحفيزها و دعمها، الأمر الذي يجعل الحاجة ملحة جداً لتحديد جهة واحدة ناظمة للإستراتيجية الصناعية في سوريا عن طريق إعادة هيكلة وزارة الصناعة و جعلها الجهة العليا الراسمة للإستراتيجية الصناعية في سوريا تترفع عن تفاصيل الإجراءات، و تتفرغ لتحديد الصناعات الإستراتيجية، ورسم السياسات لدفع عجلة التحديث الصناعي، ولابد من التطرق إلى الأدوات التي تستخدمها الوزارة في تطبيق السياسة الموضوعة كإنشاء صناديق دعم الصناعة و غيرها، كما ولابد من التطرق إلى ضرورة التنسيق بين الوزارات و الهيئات المختلفة بما فيها على سبيل المثال وزارة الإدارة المحلية و هيئة التخطيط الإقليمي، ووضع آليات تنسيق مكتوبة تنظم العمل بين هذه الجهات في كافة جوانب تعاملاتها بما فيها.