الإثنين 2020-01-06 15:27:29 أخبار اليوم
رسالة من جنديٍ سوري إلى الجندي قاسم سليماني

أخيل عيد

ما أزال منذ سمعت الخبر الحزين مأخوذاً بذكريات حضورك بيننا ذات يوم.. يدك المبتورة التي تحمل الخاتم ما تزال تربت على وحشتي وغربتي وأنا على هذا الساتر الرملي وفي بقايا هذه الخيمة أترصد هذه الفلاة الشاسعة التي ترسل لي المسوخ المفخخة من التنف البعيد خلف الأفق حيث تربي أمريكا في جحرها تلك الكائنات الهجينة الغبية قاسية القلب وجافة العين
كنت أتملى وجوه الجيف الداعشية التي زادها الموت قبحاً والتي أرداها الرجال وكأنها مخلوقاتٌ هجينة أو عقارب ولدتها الصحراء قطعت عليَّ مواجهتها تذكرَ وجهِ أمي وما أحفظه من أغنيات جدتي عن الحب والحرب .
أذكر عندما رأيتك للمرة الأولى كيف دفأت بشاشة وجهك هيبة نظرتك .. يومها قال لي صديقي بأنك خرجت للحرب منذ أربعين عاماً ولم تعد وأنا كنت في عامي الرابع محارباً وأنك جئتنا يوم خذلنا العالم وأدار ظهره لأطفالنا ومكث ينتظر مشاهد المخلوقات المنحطة وهي تسبي نساءنا وتقتل أطفالنا كما فعلت مع الأزيديين الطيبين .
جئتُ من جبال الثلج .. من مكانٍ يمجد بطولة الأبطال ويحب سيرهم ويرفعهم إلى مراتب الأساطير .. بذلك تلبي الأم ولدها في موطني وبذلك يوصيني أبي ويحذرني ويملي علي كلماتٍ بطلٍ قديمٍ على الهاتف قبل المعركة : ( إن الفرار فيه سلب العز , وذلُّ المحيا والممات , وعارُ الدنيا والآخرة ) لذلك تجدني أخوض حربي مأخوذاً برضاهم موقناً أن إلهي الرحيم اللطيف في صفي وفي صف أمي وأبي وفي صف سليماني الذي جاء من الشرق البعيد ليقاتل معي دفاعاً عن كل الأشياء الجميلة وضد كل الأشياء القبيحة التي يقف خلفها شيطانٌ مريد يدعى أمريكا يعبده بعض الجهلة من أبناء شعبي ويريدون به الفساد والعلو في الأرض
أنا لا أفهم كثيراً في السياسة وشرائعها ولكنني أكره أمريكا واسرائيل وأكره كل من يحبهما أو يعول عليهما وأكره الخونة والعملاء والاخونج وأحبك لأنك تكره هذا أيضاً
عندما مررتَ بخيمتي لم أكن قد سمعت باسمك قال لي الرفاق بأنك أعظم ضباط جيشك وبأنك الأكثر نفوذاً بينهم .. اعذرني أيها الشهيد لأنني لم أصدقه يومها وكل ما رأيته منك أنك جندي تشبهني بلباسك وبساطتك .. تذكرت هذا عندما قرأت وصيتك لابنك محمود وخصوصاً عندما طلبت منه أن يكتب على قبرك ( الجندي قاسم سليماني )
بعد أن تنتهي هذه الحرب سيأتي زمنٌ خصيب وحر وستزول اسرائيل من الوجود وسترحل أمريكا وسنكون سادة بلادنا لوحدنا وللمرة الأولى منذ قرون , في ذلك اليوم الذي سيأتي سأجلب أطفالي إلى هذا المكان وسأخبرهم بأنك شربت الشاي معنا هنا على هذا الساتر وربما أقول لهم بأنك حفظت اسمي .. لا بأس أن أبالغ قليلاً وأتزلف إلى التاريخ الذي سيخبرهم في ذلك اليوم أن قاسم سليماني مر من هنا .
بأمان الله يا شهيد

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024