الخميس 2019-12-19 02:53:01 تحقيقات
هل ولدت ميتة وساهمت بتدهورِ الليرة بدلاً من دعمها!! تفاصيلُ مبادرة رجال الأعمالِ لدعم الليرة.. ماذا حدث وأينَ الخللُ وما هي الحلول؟!!
حمشو: لم تفشل والأموال المودعة فيها مجمّدة!! الشهابي: يجبُ إيقافها فوراً وساهمت بتدهور الليرة لأنها أجبرت المستوردين على الإيداع بالدولار!
هل ولدت ميتة وساهمت بتدهورِ الليرة بدلاً من دعمها!! تفاصيلُ مبادرة رجال الأعمالِ لدعم الليرة.. ماذا حدث وأينَ الخللُ وما هي الحلول؟!!

سالم: لا تقدم ولا تؤخر وحسن النية لا يكفي!
عاصي: افتقدت للأسس والأرضية الصلبة ففشلت!
سنجر: فقدت زخمها ولكنها قابلةٌ للإنعاش!
شعبان: على الجميع مساعدة "المركزي" لتحديد قيمة ثابتة للدولار لمدة لا تقل عن 20 عاماً
الناصر: المطلوب سحب فائض السيولة في المصارف لتلبيةِ رغباتِ المودعين
طيفور: لم تخفّض سعر الصرف ولا حتى ساعة واحدة!!

بورصات وأسواق – مجد عبيسي
الزمان: ليلة السبت-  28 أيلول- العام الجاري، المكان: شيراتون دمشق، والحدث اجتماع مغلق يضم اتحادات غرف الصناعة والتجارة السورية وحاكم مصرف سورية المركزي.
الهدف: بدء حملة رجال الأعمال لدعم الليرة السورية، وصولاً لأقل من 500 ليرة سورية للدولار الواحد.
النتيجة: حصانٌ خاسرٌ، حيث استمرت الليرة بالهبوط ليتجاوز الدولار الواحد الـ 800 ليرة حتى لحظة إنجاز الملف!!
لعل هذا التحقيق الاستقصائي للآراء، من أكثر التحقيقات التي عَملت عليها إيلاماً، لشعوري بخيبة أملٍ بعد تطميناتٍ كانت –للأسف- في غير مكانها.. وتركتني –مثل الشارع السوري- قاطباً أتساءل: ما الذي حدث؟!! وأين الخلل؟!.. وهل كانت مجرد حركةً دراميةً إعلامية فقط كما ادعى بعض الشامتين؟!
كان لا بدَّمن أناستقصي الحقيقة من بعض ممن كانوا في قلب الحدث، ومن خبراءٍ وأكاديميين ومحللّين وصناعيين وتجار، وحتى مسؤولين سابقين، علّني أصل لصورةٍ واضحةٍ حول الذي حدث فعلاً..

ما هي المبادرةُ؟
حسبما أعلن القائمون عليها، تقضي المبادرة بقيام رجال الأعمال والمصدرين والتجاروالصناعيين المستوردين بإيداع الأموال بالقطع الأجنبي "الدولار الأمريكي" من فائض أموالهم الادخارية في حسابٍ خاص لدى المصرف التجاري السوري وفروعه بالمحافظات كافة وتحت إشرافه.
وقد أجمع الحاضرون -حينها- على وضع مبالغٍ ماليةٍ بالدولار كلاً حسب قدرته، على أن يتم دفع المبالغ تباعاً وبسعرٍ تدخلي يحدد كل يوم، بهدف زيادة سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار.
في وقتها، أطلق رجل الأعمال سامر الفوز -الذي كان أحد المجتمعين- جملته الشهير ما إن خرج من الاجتماع: "الكل بدو يدفع".. وصرّح التصريح الوحيد والواثق، والذي حدّد هوية الاجتماع والمبادرة بأن: الدولار سوف ينخفض ويصل إلى الـ500 مبدئياً، مشيراً أن سبب ارتفاع سعر الصرف هو حالة الخوف والقلق ليس إلّا.

ماذا حدثَ؟!
بعد يومين من إطلاق المبادرة بدأت الليرة بالتحسن، وشهد سعر صرف الدولار في سورية تحسناً طفيفاً بعد بدء المبادرة، إذ وصل إلى 622 ليرة سورية للدولار الواحد، بعدما وصل خلال أسابيع سبقت إلى 660 ليرة، ولكن ما لبثت أن حصلت "لعنة ما" لتنخفض قيمة العملة بشكلٍ متواترٍ وجنوني، لتتجاوز 800 ليرة سورية للدولارالواحد حتى اليوم، ولا نعرف هل هناك حدّاًستقف عنده!!
ما بين حمشو والشهابي.. هل ماتت المبادرة.. أم كانت ميتةً أساساً؟!
رجل الأعمال السوري محمد حمشو، أحد المشاركين الأساسيين في الحملة، وأمين سر غرفة تجارة دمشق أكد أن مبادرة رجال الأعمال لدعم الليرة السورية لم تمت.. ولم تفشل، والأموال المودعة فيها مجمّدة، ولكن ما قوض عملها هي الهجمة الكبيرة التي حدثت مؤخراً.
يقول حمشو: إن الأحداث الدائرة في لبنان أدت إلى تقليل كمية القطع الوارد إلى سورية، إضافةً إلى ارتفاع نسب الموافقة على إجازات الاستيراد، عدا عن عمليات المضاربة التي تحصل في السوق، مضيفاً: أن كل ذلك سبب ضغطاً على السوق، ما أدى إلى الارتفاع الذي نلاحظه الآن، مشدداً على ضرورة ملاحقة المضاربين . فالأحداث الدائرة في الدول المجاورة أدت إلى تجميد المبادرة مؤقتاً بانتظار تعليمات وتدخل من المركزي في السوق.
رأي مختلف!
ولكن كان لرجل الأعمال فارس الشهابي رئيس اتحاد غرف صناعة سورية رأي مختلف، وحمّل المبادرة مسؤولية كبيرة!!
يقول الشهابي:المبادرة كانت خطأ بالشكل والمضمون والتوقيت، ونحن تحفظنا عليها أثناء نقاشها، وحاولنا دعمها بصدق عند انطلاقها، مع أننا لم نكن مقتنعين بجدواها.. لكن لكي لا يقال أننا أفشلناها.
ويضيف: أنا تغيبت عن اجتماع الشيراتون لأنني لم أكن أريد أن أظهر كمن يضع العصي في الدواليب، والتقيت بالحاكم بعد الاجتماع، ونقلت له تحفظاتنا كاتحاد غرف صناعة، لكن للأسف.. دون جدوى!.
الشهابي رأى أن نتائج المبادرة كانت كارثية، حيث أكد أن المبادرة ضربت ثقة المواطن بالحكومة، وبرجال الأعمال، وضربت ثقة مجتمع الأعمال بالحكومة، وأضرّت بالأسواق وبالإنتاج، وفاقمت من التهريب، وساهمت بتدهور الليرة لأنها أجبرت المستوردين على الإيداع بالدولار، وهم سيشترونه من الأسواق!
وبرأيه، كان من المفروض التركيز على الليرة، ودعم الإنتاج والتصدير، وإيقاف التهريب، وتنفيذ توصيات المؤتمر الصناعي الثالث منذ عام، حيث كان بالإمكان إنقاذ الليرة بخطوات جراحية وإسعافية مستعجلة.
وقد كانت أهم الخطوات الاسعافيه –كما أوضحها الشهابي- هي إيقاف المبادرة بشكلها الحالي فوراً، وإيقاف الإقراض بشكل مؤقت، وإيقاف تمويل المستوردات، وإجبار المعابر على التعامل بالليرة وليس الدولار، والأهم إزالة كل القيود أمام تعافي حركة الإنتاج، مشيراً أن هناك مفاصلاً حكومية معينة لا زالت غير مقتنعة بكلامه لأسبابٍ غير مفهومة!!
مسؤولون سابقون.. لم يعولوا على الحملة أيضاً!
للمسؤولين السابقين رؤى حول أية قضية استراتيجية وطنية، وتعد آرائهم داعمة ومغنية، لحصولهم على ثقة القيادة في فترة من الفترات.
وزير الاتصالات السابق عمرو سالم أكدأن التصريحات التي يطلقها رجال الأعمال لا تقدم ولا تؤخر، بمعنى لا تستطيع رفع قيمة الليرة ولا تخفيض الدولار، فأيّ كلامٍ عن مبادرة رجال الأعمال لدعم الليرة، أو عن أنّ الصّندوق المخصّص لذلك قد امتلأ أو أصبح جاهزاً، كلّ هذه الأشياء وغيرها من التصريحات التي يطلقها الإخوة رجال الأعمال -عن حسن نيّة - واعتقاد بأنّ مثل هذه التصريحات يمكنها أن تخفّض الدولار (وبالأصحّ ترفع الليرة) كلّها لا تقدّم ولا تؤخّر شيئاً..!
وقال سالم:إنَّ قيمة العملة المحليّة تحدّدها إحدى أمور ثلاثة، أو اثنين منها أو ثلاثتها وهي:
- نسبة تغطية العملة بالعملة المرتبطة بها: الذّهب كما في أغلب دول العالم، أو الدّولار كما في الإمارات العربيّة المتّحدة.
- الميزان التجاري للبلد: فإذا كانت الصّادرات أكبر من الواردات، تزداد قيمة العملة المحلّيّة.
- العرض والطّلب على العملة الصّعبة (وهو مرتبط بشكل كبير بالميزان التّجاري)، كما أنّه يتأثّر تأثيراً مؤقّتاً بالمخاطر من حروب أو أحداث معيّنة.
وأضاف: الهبوط الحاد والفجائي لليرة من حوالي 500 ليرة للدّولار إلى 680 و 690 ليرة، هو انخفاض أسرع من تأثير الميزان التّجاري، لأنّه لا يتغيّر في غضون أيّامٍ أو أسابيعٍ قليلة..
وأوضح، أنه من أهم الخطوات التي يجب على المصرف المركزي أن يتخذها فوراً، هي السماح لشركات التحويل أن تصرف الحوالات الشخصية القادمة إلى سورية بالسعر الرائج اليومي للعملات الصعبة، مع الإبقاء على صرفها من قبل شركات التحويل عن طريق المصرف المركزي، لأن فارق السعر الكبير يمنع هذه الحوالات ويفتح باب التحويل غير الشرعي ويحرم المواطن الذي يستقبل حوالات صغيرة من أقربائه المغتربين، وهذا عدل للدولة والمحوّل له، ويحمي الليرة مقابل الدولار والعملات الصعبة ويرفعها بكل تأكيد، ويستحيل أن يكون لهذا القرار أي تأثير سلبي.
أمّا فكرة الاعتراف بسعر الليرة من عدمه فهي فكرة منكرة لأن السعر يقرره العرض والطلب فقط، ومسألة السعر الوهمي مسألة غير صحيحة، فالإشاعة قد تؤثر ليوم أو يومين ولكن لا تدوم لأسابيع أو أشهر.
واقترح سالم، أن كلّ من يحقّق مليارات الليرات السّورية نتيجة استثماره الصّناعي أو التجاري في سوريّة، يودعها في المصارف السوريّة،ويحوّل منها قيمة مستورداته إلى الدولار أو أيّ قطعٍ أجنبيّ، ويحوّل قيمة مصاريف سفره، والباقي لا بدّ أن يكون إمّا مستثمراً بالليرة السوريّة داخل سوريّة، أو موجوداً في المصارف السوريّة (بالليرة السوريّة أو بالدولار)، وكلّ من هو ليس موجوداً بالليرة السوريّة، فهو قد صرف أو حوّل بالدولار إلى الخارج، وهذا يضعف قيمة الليرة.
وأضاف: هذه ليست بدعةً ولا اختراعاً، فكلّ تحويل في الولايات المتّحدة قيمته أكثر من عشرة آلاف دولار، يخضع للتّدقيق.

تفسيرٌ!!!
وقدم سالم تشخيصاً لحالة الهبوط المتكررة والفجائية لقيمة العملة الوطنية حيث قال:
لا يمكن أن تكون الارتفاعات الكبيرة للدولار على حساب الليرة وبهذه الفترات القصير جداً إلا نتيجة تغير في الوضع الاقتصادي ولا زيادةً مفاجئة بالاستيراد!
الارتفاع السريع للدولار على الليرة سببه شراء عددٍ قليلٍ من التجار دولار بعشرات أو مئات المليارات من الليرات السورية وهي لا تتوفر مع تجار العملة، وهذا التحويل هو بالتالي للتخزين أو تحويل العوائد وليس للمستوردات.. ولسوف يُضطر أولئك قريباً جداً لبيع ما اشتروه مطروحاً منه قيمة مستورداتهم، لأن عمليات التحويل التي قاموا بها مخالفةً للقانون، وسيؤدي ذلك إلى انخفاض الدولار إلى جوار ٥٠٠ ليرة في وقتٍ قريب.

دونَ أرضيةٍ صلبة!
وزيرةالاقتصاد السابقة لمياء عاصي، أبدت رأيها حول تردي وضع الليرة رغم المبادرة، حيث قالت:إن الارتفاع الجنوني لسعر الصرف يشبه عملية السقوط، إذ تترافق بعدم السيطرة، مضيفةً: إن المتابعين لشأن سعر الصرف يعرفون أن الحكومة لم تبذل جهوداً كافية لمعالجة حالة التضخم والفقر عند غالبية الناس من أصحاب الدخل المحدود، وإن الشعارات والاجتماعات والتصريحات الإعلامية من قبل القطاع الحكومي أو الخاص، لا تصلح منفرداً لوقف الانخفاض في سعر العملة الوطنية، الذي يتأثرعادةً بالسياسة الاقتصادية والنقدية للدولة، من تشجيع الإنتاج المحلي ومكافحة التهريب والتهرب الضريبي والاحتكار ووقف الاستيراد غير الضروري ومراجعة وتعليق الاتفاقيات التجارية كلها مع البلدان الأخرى، إضافةً إلى تسهيل الإجراءات لإقامة المشاريع الإنتاجية أو الخدمية، وكل ما يؤدي إلى تعزيز القدرة الشرائية للمواطن وترميم إيرادات الدولة لزيادة الإنفاق العام الذي يؤثر على كل شيء.
أما بالنسبة لاستقرار سعر الصرف، فإن البنك المركزي هو الذي يُنفذ السياسة النقدية بما تتضمنه من تحديد سعر الفائدة المدينة والدائنة، وسعر الخصم وإصدار السندات وغيرها، بما يعزز الثقة بالعملة وزيادة الطلب عليها، وهو صاحب المصلحة الحقيقية باستقرار سعر العملة.
أسبابٌ حولَ المبادرة
لنتحدث عن مبادرة رجال الأعمال لدعم الليرة التي أراد البعض من خلالها الظهور بأنهم فاعلين في المشهد الاقتصادي السوري، ولكن تلك المبادرة كانت بدون أسس أو أرضية صلبة تستند إليها، رغم  النوايا الطيبة للبعض، ولقد فشلت لأنها تفتقد لعناصر مهمة جداً منها:
ليس لها بنية تنظيميّة واضحة من حيث الجهات الممولة لها أو الجهات المستفيدة منها، إضافةً إلى أن المبادرة بشكلها المبدئي لا تضمن مصالح الكل بنفس الدرجة، وقد تكون أهدافها غير متوافقة مع  مصالح الكثيرين ممن أدلوا بتصريحاتٍ إعلاميةٍ وقاموا بأعمالٍ مناقضةٍ لها!!، ثم إن ثقة المشاركين بها مشوبة بكثير من الشك!! كما أن أي مبادرة يجب أن تكون مكملة لعمل حكومي ليست بمعزل عنها، كما حدث!
ما هي الحلول ؟
قد يكون الحل الاقتصاديالمتكامل، كلوحة الفسيفساء يتألف من قطعٍ صغيرة ولكنها جميعها مؤثرة وتساهم في رسم الصورة الكاملة في النهاية، جزءٌ من الحل لما تواجهه البلد اقتصادياً: هو اتخاذ خطوات عملية ومؤثرة على المستوى المعيشي للناس بشكل أساسي.. مثلاً: تأجيل تطبيق بعض القوانين والإجراءات لفترة وجيزة قد تكون ثلاث سنوات، مثل التراخيص وعملية البدء بالأعمال أو الحصول على التمويل من  خلال القروض أو غيرها.. وهي ليست مخالفة للقوانين بقدر ماهي مراعاةً لمرور البلد بحالة أزمة.
والأولوية الأهم يجب أن تكون لزيادة الإنتاج وتوفير فرص العمل كسبيلٍ وحيدٍ للقضاء على الفقر وانخفاض الطلب الداخلي الإجمالي.
يقول الاقتصادي جون مينارد كينز: " إذا كان هناك بطالةً وعدداً من العمال لا يعملون، اجعل نصفهم يحفرون حفرة ودع النصف الآخر يقوم بردمها وسيكون هناك دورة اقتصادية" وفي هذا الإطار يقول كينز : "إذا كان هناك عجزٌ ماليٌّ في الموازنة.. اجعل معدل البطالة أقل، والعجز المالي سيصلح نفسه بنفسه".
ملاحظاتٌ أفقدت المبادرة زخمها.. ولكنها قابلة للإنعاش!
 أكد أن المبادرة لم تكن واضحة الأهداف، ويضيف: دراسة النتائج لأي إجراءٍ والقيام بعملية التصحيح هو من صلب منهجية نظم الجودة، وما يلي ذلك من تعظيم للنتائج الإيجابية مقابل تقليل السلبيات هو منهج متبع في عملية إدارة المخاطر على مستوى الدول وعلى مستوى المؤسسات، حيث يتوجب على الجميع الوقوف على النتائج وأثرها، فاليوم يسجل لكل من المركزي ولغرفة التجارة ظهور نواة لتأسيس أول صندوقٍ تشاركيٍّ ذو هدفٍ محددٍ لاستخدامه ، إضافةً إلى أدوات السياسة النقدية الأخرى، فالصناديق التشاركية تمثل مشاريع قائمة لها أهدافها ولها جملة من نظم العمل الخاصة بها والتي لم نلحظها بشكلٍ واضحٍ في هذه المبادرة لوجود بعض الملاحظات منها:
-غياب إطار زمني محدد للمبادرة مما يعني افتراض استمرارها طالما الظرف الذي استدعى قيامها موجود، وهذا واضح من خلال البيان الصادر عن مصرف سورية المركزي في 13/10/2019 معلناً انطلاق المبادرة بالتعاون مع الغرفة إثر استكمال إجراءاتها التنفيذية في المصرف التجاري السوري دون تحديد محدداتٍ زمنيةٍ لعملية الإيداع ولعملية التسليم.
- ارتكزت المبادرة إلى المتوسط الحسابي لحساب قيمة المبالغ الواجب استردادها.
- اشترط في المبادرة بأنه سيتم استعادة المقابل للمبلغ المودع بالليرة السورية بعد ضمان انخفاض سعر الصرف إلى المستوى المطلوب واستقراره.
- تزامنت المبادرة مع ظروفٍ اقتصادية صعبة وتوقيت صعب ناتج عن فاتورة تمويل المشتقات النفطية المستوردة ودور المركزي في تمويل مشتريات القمح ومحاولته لتأمين طريق لعودة ودائع السوريين من لبنان الذي بدء الدخول في حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي.
- خشية مصرف سورية المركزي من ارتفاع أسعار المستوردات أكثر فأكثر نتيجة تأثر عملية تمويل المستوردات.
- مبادرة مفتوحة الحدود فلا حدودٌ دنيا للمساهمة ولا يوجد سقف أيضاً.
- غياب آلية للإفصاح الدوري عن التقدم بالمبادرة وكيفية تعظيم نتائجها وتوجهاتها المستقبلية.
كل ما سبق، جعل من المبادرة تفقد زخمها سريعاً.. من استمرارية المبادرة دون إطار زمني واضح ومحددات زمنية، إلى ضرورة وجود تفاصيل تنفيذية دقيقة عن حدود مبالغ الإيداع وعدد مراته وآلية تعويض الفرق الناتج عن استخدام المتوسط الحسابي دون تثقيل نسب المبالغ المودعة لإجمالي حجم الإيداعات (ايداع مليون في الصندوق يتوجب أن يعامل بطريقة مختلفة عن إيداع عشرة آلاف) إلى توقيت المبادرة والظروف الصعبة المحيطة وعدم تحديد آلية الافصاح.
هذا لا يعني بأن هذه المبادرة غير قابلة للإنعاش بل على العكس يتوجب استخدام هذه المبادرة للحفاظ على استقرار سعر الصرف بدلاً من التدخل الآني.
وبرأيه إن إنعاش المبادرة يتم من خلال تحويل صندوق المبادرة إلى صندوق استثماري يعبّر عن التشاركية الحقيقية تحت إشراف المركزي وغرفة التجارة، لتوجيه الأموال إلى مزيد من الاستثمار المنتج بدلاً من التدخل الآني، ولتحقيق مزيد من الربحية لكل من ساهم بهذا الصندوق، فيعامل التجار كمودعين ويستفيدوا بدورهم من فوائد الإيداعات، أو يكونوا شركاء بالمشاريع التنموية مع القطاع العام.
مجردُ تحركٍ عاطفي!
ورأى المحلل الاقتصادي سليمان شعبان أن المبادرة هي مجرد تحرك عاطفي غير مدروس قام به مجموعة من التجار لحماية الليرة السورية، والتي لا يمكن حمايتها إلا بسياساتٍ نقديةٍ فاعلةٍ من البنك المركزي، والأهم دوران عناصر الإنتاج في سورية، بمعنى انطلاق الفعاليات الاقتصادية بإعادة الإعمار.
ويرى شعبان أن نظرية التشغيل الكاملة يمكن اعتمادها كانطلاقة لاقتصاد سوري جديد، أي باختصار يلزمنا وعيٌّ كبير لحماية الليرة السورية الوحدة النقدية الأساسية في اقتصادنا..
وأضاف: إن النظرة الضيقة التي يتعامل بها العامل والتاجر ورجل الأعمال صاحب الثروة، والسلطات النقدية في سورية يجب أن تبحث عن سبلٍ علميةٍ وأدواتٍ قادرةٍ على حماية عملتنا الوطنية.. يجب على الجميع مساعدة البنك المركزي لتحديد قيمة ثابتةٍ للدولار مقابل الليرة السورية وإبقاءه ثابتاً لمدة لا تقل عن 20 عاماً.
ما زلنا نخبئهُ تحتَ البلاطة!!
الخبير الاقتصادي يونس الناصر نفى أن يكون نجاح دعم الليرة عبر مساهمات القطاع الخاص!.
وقال: الليرة هي عملتنا الوطنية وليس الدولار، وبرأي دعم الليرة يكون عبر أدوات حكومية ناجعة، فإن التوسع بالإنفاق الحكومي بشقيه الجاري والاستثماري يشكل رافعة اقتصادية كبيرة في ظروف الحصار المطبق على الاقتصاد السوري من قبل دول العدوان، التي أعلنت أنها ستعيق أية إمكانية لدخول رؤوس أموال لسورية للمساهمة بإعادة الإعمار عبر عقوباتٍ ظالمةٍ للشركات والأفراد الذين ينوون المساهمة في إعادة الإعمار.. إذاً كما يقول المثل "ما حك جلدك كظفرك"، سيما ونحن نعلم -وليس سراً- بأن أرصدة مصارفنا تشكل رقماً كبيراً، ما زلنا نخبئه تحت البلاطة!!، وأعني أقبية المصارف.
ودعا الناصرلإخراج فائض السيولة في المصارف لتلبية رغبات المودعين بالسحوبات، ويمكن التصرف بالباقي في زيادة الرواتب والأجور التي ستتحول حكماً إلى تفعيل الطلب على السلع والخدمات التي ستزدهر بدورها مع ارتفاع الطلب.. لأن الفارق كبير بين العرض والطلب و لن يذهب أي جزء من الزيادة المقترحة للادخار بل ستأخذ طريقها إلى السوق..
أما الجزء الآخر فيذهب للإنفاق الحكومي الاستثماري على المشاريع المولدة للدخل لمواجهة ارتفاع الطلب، وبالتالي تفعيل هذه المشاريع مع ما يرافقها من زيادة التوظيف وتقليص البطالة، بمعنى فرص عمل جديدة تحتاجها السوق السورية..
والجزء الأخير من الإنفاق الحكومي يقترح بأن يذهب كقروضٍ للمشاريع الصغيرة المولدة للدخل، والابتعاد قدر الإمكان عن القروض الكبيرة التي تتركز بأيدي مقترضين قلائل، ومخاطر هذه القروض -كما نعلم- كبيرة جداً.. ولم تتعافى مصارفنا حتى اليوم من آثارها السلبية!، وإذا كان القطع الأجنبي مهماً للمستوردات فيمكننا مواجهة ذلك بتشجيع الإنتاج المحلي "بدائل المستوردات" قدر الإمكان، وزيادة الإنتاج ستقود إلى فائض يمكنه تعديل ميزاننا التجاري مع الخارج من الدول الصديقة.
جمدت الكاش الذي كانَ يدور بالداخل!
الصناعي عاطف طيفور يعزو ارتفاع سعر الصرف اليوم بهذا الشكل إلى اضطراب الأوضاع في لبنان، وإغلاق البنوك وإغلاق سحب الإيداعات من البنوك.
وقال: حذرنا منذ أشهر من إغلاق سحب الإيداعات، واليوم بعض التجار ليس لديه القدرة على سحب دولار من لبنان لتجارته، فيسحب السوري من أرصدته الداخلية، ويسحب بها الدولار من الداخل لإتمام تجارته ومستورداته، وهذه كارثة أكبر..!!
موضحاً، في وقتٍ سابقٍ، كان التاجر السوري يسحب من لبنان ويعيده للبنان، أما اليوم فيسحبه من سورية، والله العليم أين يضعه بعد مشكلة لبنان، والدولار الذي يخرج لا يعود!!
وأردف،إن مبادرة دعم الليرة هي كارثة، إذ سحبت الدولار من السوق، مطالباً بأن يفرض على التاجر والمواطن تسهيلات خدمية تجبره -وهو سعيد- بصرف مدخراته وتحويلها لليرة سورية، وأهمها تسهيلات بالترميم وإعادة تأهيل المنازل والمصانع.. ألخ، عندها سيتوجه الجميع لتحريك السوق الداخلي والدائرة الاقتصادية.
وأشار أن المبادرة لم تخفض سعر الصرف.. ولا حتى ساعة!! "ماتم تخفيضه هو ضمن نشرة الغرفة فقط، ولكن السوق السوداء الفعلية كان سعرها الواقعي لم يتغير!!".
كانَمن الممكنِ أن تكون ناجحة!
وأضاف: لا نريد انتقاد المبادرة فقط لأجل النقد، ولكن كان من الممكن أن تكون ناجحة لو دفعت فقط بعض الأموال وانتهت، فقد أصبح لدينا اليوم ٣ أسعار للصرف، وهذه كارثة اقتصادية، نحن نحتاج لتحريك كاش داخلي وهذا لايحدث بصندوق، وإنما بتحريك اقتصاد، المبادرة وشروطها جمّدت الكاش الذي كان يدور بالداخل من استيراد وبيع وتحريك للتاجر والجملة والمفرق وألخ.. وحتى للخزينة بإيقافإجازات الاستيراد والجمارك والضرائب وألخ...
ولكن للإنصاف هي كارثةً آنية، ولكنها مفيدة على المدى البعيد.. تجعل الاستيراد صعب وشبه معدوم! وهذا ينعكس على المنتج المحلي ولكن بشرط أن لا تكون على المواد الأولية للصناعة.
وحذّر طيفور في الختام من تهريب الدولار للبنان هذه الفترة، فتجارنا لديهم مستوردات للبنان ولن تقف بسبب المشكلة الحالية، وستبقى قائمة، ولكن باستنزاف الدولار الداخلي وتهريبه للبنان لإتمام هذه المستوردات.. وهي على الأغلب ستكون بتهريب الدولار للبنان بسبب إغلاقه بالبنوك اللبنانية!.

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024