السبت 2015-07-11 17:01:11 رئيس التحرير
حوار أكاديمي بنكهة اقتصادية مع رجل فشلنا في استفزازه ؟!!! أ.د. محمد حسان الكردي : الفائدة من العملية التعليمية هو ايصال العلم للطلاب وليس الربح أو الخسارة.. التعليم المفتوح ليس رابحا بل يغطي نفقاته

حوار: أيمن قحف

أعرف الأستاذ الدكتور محمد حسان الكردي منذ قرابة ثمانية عشر عاماً، عندما كان مديراً عاماً لمشفى التوليد الجامعي، ولطالما رأيت فيه الإداري الناجح الذي يعالج أمور مؤسسته بحزم وابتسامة لا تفارق وجهه!!

تنقل في مناصب كثيرة في سلك التعليم العالي وصولاً لمنصب معاون وزير وترك بصمة مؤثرة في كل أعماله، أخيراً حاز الثقة ليصبح رئيس جامعة دمشق العريقة ،أولى وكبرى الجامعات السورية إحدى أهم الجامعات في المنطقة وأقدمها..

إن نظرة إلى المعطيات الرقمية البسيطة قد تعطي دلالة على جسامة المهمة؟!

إن التعامل مع 231749 طالباً في مختلف المستويات والاختصاصات وأنواع التعليم ليس بالمهمة اليسيرة، وقيادة كادر تعليمي عدده 3326 ما بين دكاترة ومعيدين وقائمين بالأعمال وهيئة فنية موزعين على 18 كلية و19 معهداً لا تبدو نزهة مريحة!!

حاولنا –دون تحضير مسبق-أن ندخل في حوار بنكهة الاقتصاد مع رئيس الجامعة الذي أعطى خلال أشهر قليلة مؤشرات على جدارة بقيادة ناجحة لهذه الجامعة التي نفخر أننا تخرجنا منها..

لم يكن يريد أن يتحدث قبل أن تتبلور إنجازات تتحدث عن نفسها، لكن بكياسة الصديق القديم، وبدعم "لوجستي" من صديقي القديم الدكتور محمد العمر مدير الإعلام المحبوب والناجح في الجامعة كان لنا هذا الحوار..

لعل أهم مؤشر _اقتصادي_خرجنا به من حوارنا مع الدكتور الكردي هو أن العلم لا يقاس بمسطرة الاقتصاد التقليدي، ولا يتم تقييمه بعائدية اقتصادية للإنفاق الذي يتم..الربح هو بالخريجين المؤهلين الذين يبنون البلد، وبالأساتذة الذين يخرجون الأجيال ويقومون بالأبحاث ،بل ويقودون العديد من المؤسسات الرسمية من وزارات ومؤسسات وشركات..

للأسف، لم ننجح في استفزازه ،فهو ليس رجل علم وإدارة فقط،بل بدا لنا في الحوار رجل سياسة يعرف تماماً فلسفة الدولة و استراتيجيتها في ملف التعليم، حيث الأولوية مازالت لفسح المجال للطالب السوري كي يتعلم مجاناً من الصف الأول حتى يحمل الدكتوراه، وهي مهمة من النبل بقدر لا يمكن قياسه بميزان الربح والخسارة في الموازنات وقطع الحسابات!!

وهنا نص الحوار:

الأستاذ الدكتور محمد حسان الكردي، رئيس جامعة دمشق , أهلا وسهلا بك في سيريانديز وبورصات وأسواق. دكتور عادة ما يكون الحوار مع أسرة التعليم العالي أو رؤساء الجامعات يتعلق بهموم الطالب والعملية التعليمية ,هذه المرة سنتناول الجانب الاقتصادي لعمل الجامعة .

  • السؤال الأول الذي يخطر ببال أي شخص : هل الميزان التجاري في الجامعة هذه الأيام في الحصيلة النهائية رابح أم خاسر ؟

**  نحن كجامعة دمشق لا ننظر من جهة خسارة أم ربح , بل الغاية الأساسية ورسالة الجامعة هي ايصال المعلومة لأبنائنا الطلبة  بحيث يصبح لدينا منتج من خيرة الخريجين لذلك نحن كأسرة تعليم دائما ننظر على أن الفائدة من العملية التعليمية هو ايصال المعلومة للطلاب وليس الربح أو الخسارة وإخراج مستوى من الطلاب عال بحيث يكونوا مدخلات إلى مؤسسات الدولة  ووزارات الدولة والمؤسسات الاقتصادية ذات مستوى عال . لذلك لا ننظر كميزان تجاري.

ثانيا :اذا كان المنظور العلمي ممتاز عندها يمكن أن ننظر إلى المنظور التجاري بحيث تكون عملية رابحة . طبعا نحن لدينا موارد ذاتية في الجامعة من خلال التعليم المفتوح والتعليم الموازي والاستثمارات الموجودة في الجامعة , وأيضا ما يردنا من موازنات الدولة. لذلك الغاية الأساسية رقم واحد هي أن يكون لدينا خريج يملك من المعلومات والخبرات بحيث يكون مهندسا وطبيبا ا اقتصاديا أو حقوقيا عال المستوى بغض النظر عن التكلفة المادية . ما يقدمه التعليم العالي كله مجاني . سورية هي الدولة الوحيدة في العالم التي تقدم تعليما مجانيا للطلاب من الصف الأول حتى يتخرجوا من جامعتهم .

  •   يبدو لي أنه  جواب موفق وأنت رابح طالما أن المنتج الذي تقدمه مؤهل لخدمة الوطن ولسوق العمل وبالتالي فهو منتج رابح .الآن بأزمتنا الراهنة ألا يمكن أن يكون هناك من خلال الموارد الإضافية كفاءات أفضل للتعليم العلي وخاصة بجامعة كبيرة وعريقة كجامعة دمشق ؟

**  نحن نقوم بتغطية جميع نفقات الجامعة من الموارد الذاتية , لولا الموارد الذاتية كان هناك اشكالية , تساعدنا هذه الموارد على سد حاجات الجامعة من أجهزة وتجهيزات ومواد كثير من القضايا التي نحتاجها بشكل يومي في الجامعة . لذلك نقوم بإغلاق وسد نقاط الحاجة لصرف بعض المواد من خلال الموارد الذاتية .

  •  اذا أردنا التكلم حول اقتصاديات أساتذة الجامعة , وهي معادلة من طرفين : من جهة معظم الأساتذة موفدين ودرستهم الجامعة على حسابها وأعطتهم من خلال قانون التفريغ الجامعي التفرغ المعقول قياسا لوضع البلد ومن جهة أخرى هم يريدون أن يحسنوا من وضعهم المعيشي  لذلك يبحثون عن فرص عمل سواء بالجامعات الخاصة أو بوحدات العمل الجامعية . إلى أي حد استطعتم التعامل مع العلاقة الجدلية بين واجباتهم تجاه أنفسهم وواجباتهم تجاه الجامعة وذلك بشكل مرض للطرفين ؟

**  الأستاذ الجامعي لديه بعض الواجبات وأيضا لديه الحقوق . لذلك على الجامعة أن تؤمن له راتب في نهاية الشهر وأيضا أن يقوم بأعماله من خلال التدريس والبحث العلمي . سمحت الأنظمة والقوانين والقرارات  بأن يعار عضو هيئة التدريس للجامعات الخاصة وأن يسمح له بالتدريس بأيام العطل يومي الجمعة والسبت . وبذلك يقوم عضو هيئة التدريس بالإضافة إلى راتبه أن يتقاضى راتبا أخر يستطيع من خلاله زيادة راتبه وذلك من خلال التدريس في الجامعات الخاصة الموجودة في القطر العربي السوري والسماح لبعض الكليات بالإعارة الخارجية وهذه الأمور مسموح بها ضمن القوانين التي نظمت العملية التدريسية في وزارة التعليم العالي .

  •  انتم طبعا تضبطون هذا التوازن ؟

**  نعم لدينا نسبة مئوية 20%, ويسمح لكل قسم أن يعار عضو هيئة التدريس بنسبة 20%من الملاكات وغياب يوم مسموح , فيستطيع عضو التدريس أن يدرس بأي جامعة خاصة قريبة من منزله يومي الجمعة والسبت وهناك عدد كبير من السادة المدرسين الذين يقومون بالتدريس في جامعات خاصة وأنا كنت منهم قبل أن اتبوأ مركز رئاسة الجامعة ولكن عملي الإداري منعني من التدريس  في الجامعات الخاصة ولديه عمل جيد يستطيع الحصول على راتب ممتاز بالإضافة إلى راتبه.

  •  لن أقولك مالا تريد قوله . انا ألاحظ  أن هناك حالة تعد من قبل السلطة التنفيذية بشكل عام على كوادر الجامعة برضاهم وقبولهم وهذه هي قصة المناصب والندب الجزئي . عمليا لكي توصله إلى مرتبة أستاذ تكلفت عليه الكثير حتى يقوم بالعمل العلمي والبحثي . نحن ضمن هذه العملية المقلوبة يكرمون الكوادر الإدارية ويتجاهلون  العلم والبحث العلمي لذلك يرغب الناس بالمناصب وانا أرى أن عشرات ومئات أساتذة الجامعات المرموقين ينشغلون بالعمل الإداري , ونحن نقصد العمل الإداري خارج الجامعة كالمناصب في الدولة وليس في الجامعة . هل هي ثقافة ؟ ألا تضر بالجامعات ؟

**  العمل الإداري من الأعمال المهمة في الجامعة , وبالأساس هذا العمل لخدمة الوطن . عندما أعد كادر مؤهل بشكل عال أستطيع من خلاله أن أستفيد لخدمة الوطن من خلال خلفيته الثقافية والإدارية والعلمية وأستطيع أن أطور قوانين البلد هذا من جهة ومن جهة أخرى المطلوب من عضو هيئة التدريس الذي تبوأ منصبا ما إما داخل الجامعة أو خارجها أن يدرس بعض الساعات في قسمه وهذا واجب عليه .مثلا أنا لدي مادة أدرسها في الفصل الأول والثاني وعندي ساعات معينة يجب ان أقوم بها . الندب الجزئي لديه ساعات والندب الكلي  أيضا وعندها يكون إعارة كاملة .

  •  أعتقد ان هذا نزيف ووقت يهدر على حساب العملية التعليمية والبحث العلمي والطالب نتيجة الثقافة الخاطئة التي تقول ( المنصب أهم ) ؟

**  عندما ترى القيادة أن هذا الشخص كفؤ لهذا المنصب المعين لذلك واجب على هذا الشخص أن يقوم به بالإضافة إلى عمله في هذا المكان أن يقوم بالتدريس في المكان الآخر في جامعته أو طلابه ولدينا عدد كبير من المسؤولين لديهم طلاب دراسات عليا ماجستير ودكتوراه , إن دل هذا على شيء فإنه يدل على أن هذا الشخص لديه بعد نظر بالإضافة إلى عمله الإداري فهو لا يبخل على طلابه في التدريس بالمحاضرات وتقديم الأسئلة ومتابعة رسائل الماجستير والدكتوراه .

  •  دكتور كنتم مدير أحد المشافي الجامعية التابعة للجامعة والآن رئيس جامعة , ملف المشافي الجامعية أيضا . أنا أرى أنك تؤدي دور عظيم في المجتمع وللطلبة ولكن بنفس الوقت اذا أردنا التحدث عن موضوع الاقتصاد وأعتقد أن الأقسام الخاصة لا تكفي وحدها لتغطية نفقات المشفى الجامعي  وكوادره . ألم يحن الوقت لنؤمن موارد إضافية لهذا المشفى  فهو مجاني حتى لو دفعت فيه 200 ل . س؟

**  نحن ضمن سياسة الدولة وخاصة ضمن هذه الأزمة , ما تقوم به وزارة التعليم العالي من تأمين الميزانية المالية ولكل مشفى من المشافي الخاصة وخاصة مشفى البيروني الذي ميزانيته أكثر من مليار ليرة في الأدوية وذلك بتوجيه من السيد الرئيس أن يقدم الدواء وخاصة للأمراض المزمنة مجانا , ولا يستطيع أي مواطن الحصول على الدواء . فالبلد الوحيد الذي يقدم فيه الدواء  مجانا للأمراض المزمنة هو بلدنا.

ثانيا : على الجامعات من خلال مواردها الذاتية أن تسعف المشافي الجامعية وتمدها ببعض الموارد من أجل رفع كفاءتها من خلال تقديم جزء من الأموال الخاصة من الموارد الذاتية لتأمين بعض الأجهزة وبعض الأدوية وبعض الكوادر لرفع سوية المشفى .

  • باعتقادنا  ليس من الخطأ أن يساهم لمواطن ؟

**  كان هناك خلال الأزمة توجه . لكن هذه الأزمة  أرخت  بظلالها على الوطن والمواطن بصورة خاصة . لهذا ما يقوم به المواطن أصبح عبء على النواحي الصحية من نواحي ارتفاع ثمن بعض الأطعمة والشراب ومن الناحية الصحية لذلك من الصعب أن يصبح الحصول عليه .

  •  أعتقد أنك أجبت من وجهة نظر رسمية وشخصية , اذا أردنا التكلم بموضوع التعليم الموازي , ماذا نستطيع أن نقول ؟

**  لقد ارتفعت  النسبة ووصلنا إلى 30-35 %من التعليم الموازي وهو أحد الموارد الذاتية في الجامعة ويرفد الجامعة بعض الموارد التي تساعدها بالإقلاع في العملية التعليمية والتعليم المفتوح أيضا , وأنا لم أعط هذا التصريح لأحد , لكن أعتقد أن التعليم المفتوح ليس رابحا بل يغطي نفقاته.

  •  اذا أردنا التكلم عن العقل الاستثماري , كوني أنتمي إلى خلفية اقتصادية ,هنا في دمشق في أغنى منطقة في العاصمة لديكم مشفى الأطفال ومشفى التوليد الأكثر ضجيجا وتلوثا وبنفس الوقت الأكثر ارتفاعا بالسعر وكلها موجودة في العاصمة , لماذا لا تفكرون بأن تنقل هذه المراكز إلى أماكن صحية أكثر في الأطراف ويستفاد منها بتأمين موارد للجامعة ؟

**  أنا ما يهمني هو خدمة المريض . ثم نفكر بعدها بالموارد الإضافية لأن ما يتم تحويله للجامعة من موارد يكفيها لإقلاع العملية التدريسية , لذلك أنا همي الوحيد كرئيس جامعة أن أومن الخدمات الصحية للمرضى في مشفى التوليد ومشفى المواساة ومشفى جراحة القلب والأسد الجامعي . أنا رئيس مجلس إدارة لذلك المطلوب من الجامعة أن تقوم بواجبها تجاه المشافي التعليمية لذلك لا أنظر إلى أن موقع هذا البناء استراتيجي أستطيع أن استفيد من خلاله ماديا . ولكن بنفس الوقت نحن نمر بأزمة وأين سنذهب بهؤلاء ريثما يتم بناء بناء جديد ونحن لا يمكننا أن ننقل , هناك أمان في هذه المدينة وهي من المناطق الأكثر أمانا بفضل الجيش العربي السوري وبفضله أنا وحضرتك نناقش بأمان وبكل سرور . لذلك أعتقد ان نقلهم إلى أماكن اكثر بعدا سيؤدي إلى تشييد أبنية ونحن الآن لسنا بوارد التشييد في هذه الأماكن , بالعكس قمنا بترميم مشفى التوليد الجامعي من أجل أن يكون مرآة لجامعة دمشق بحيث تستقبل المرضى على أعلى المستويات  . لدينا في مشفى التوليد مخبر لطفل الأنبوب ولدينا أيضا مخبر عال المستوى من أجل التحاليل الطبية ولدينا غرف عمليات عالية المستوى وافتتحنا قبل أيام في مشفى الأطفال غرفة العناية المشددة الحديثة . لذلك هناك الكثير من الإجراءات التي نقوم بها من أجل تطوير المشافي التعليمية لكي تؤدي العملية الصحية على أكبر مستوى بالرغم من وجود الأزمة في سورية.

......................................................

احصائية جامعة دمشق

عدد اعضاء الهيئة التعليمية ( هيئة فنية – معيد – مدرس- استاذ مساعد – استاذ) 3326

عدد الموفدين 450 ايفاد داخلي وخارجي

عدد طلاب التعليم المفتوح 38،776

عدد الكليات في جامعة دمشق وفروعها في المحافظات

18 كلية في جامعة دمشق

5 في درعا

6 في السويداء

5 في القنيطرة

المعاهد العليا  خمسة معاهد

المعاهد التقانية /14/ معهد

عدد طلاب المرحلة الجامعية الاولى ( عادي- موازي) 178،651

عدد طلاب الدراسات العليا ( عادي- موازي) 13،872

 

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024