الإثنين 2013-12-02 22:45:47 بورتريه
حوار في فلسفة الاقتصاد ورؤى جديدة للمستقبل مع رجل يهزأ بالأنماط القائمة ويقول (الاقتصاد هو علم كيف لا يجب أن نعيش!!) الحارث يوسف: إذا لم يخلق الإنسان منظومة مالية جديدة و سليمة الأخلاق فلن يجد مخرجا من تخبطّه في أمواج بحر مصالحه الهائج...

(الناتج المحلي الإجمالي) هو أكبر خدعة مضللة يؤمن بها الاقتصاديون و يبتلعها السياسيون و الناس عامّة لا يعرفون ماهذا؟!!!
السعر بكيانه اليوم هو فيروس يحتاج الاقتصاد للقيام بعلاج إسعافي منه ، فهو ما يسبب كل المشاكل و الأزمات..
"العملة الطاقوية "هي العملة الأساسيّة الوحيدة القادرة أن تكون العامل المشترك بين عملات الدول المختلفة
علينا أن نفهم جميعا أنّ مصير سورية هو مصير عولمي وليس مصير سوري!


باريس-أيمن قحف
عندما كان الحارث يوسف صبياً صغيراً في جبال الساحل السوري،ورث مصباحاً يدوياً عن والده،وكان ذو قيمة معنوية ومادية كبيرة،وأصبح فيما بعد مصدر تميز له بين أقرانه،بعقلية طفل متمرد لا يريد أن يحبه رفاقه أو أن يأتي تميزه لأجل "المصباح"..حطم الطفل مصباحه العزيز !!!
هي حالة رافقت حياته وجعلت فكرة لذة جمع الثروات لا تكتمل إلا بلذة"التخلي عنها"!!!
تجده في يوم بين أصحاب الملايين وقمة الرفاهية و اليخوت والطائرات الخاصة،وبعد حين تجده بالكاد يحافظ على معيشته اللائقة!!
عندما التقيت الحارث يوسف أول مرة منذ عشر سنوات في كييف خلال زيارة رسمية،وصلتني إشارات من الأصدقاء بأنه رجل أعمال مهم وناجح،وقرأت في عينيه قوة شخصية وذكاء ،و ظننت أنه ينتمي لطبقة"أبناء المسؤولين"الذين نقلوا"نجاحاتهم"إلى بلاد أخرى ،ولكنه لم يكن "ابن مسؤول"!
فيما بعد تابعت بعض أخباره من خلال الأصدقاء المشتركين،وعلمت أنه"كبر كثيراً"فأصبح من أصحاب الملايين،و أصبح شخصية مثيرة للجدل لا سيما بعد أن أصبح"الرجل القوي"في أوكرانيا بحكم تسميته كمستشار خاص،وصديق مقرب،من الرئيس الأوكراني السابق يوشينكا..
حاول في سورية أن يعيد تأهيل مصنع حديد حماة،وكانت تجربة مؤلمة أفشلتها البيروقراطية السورية..
بعد نجاحات مذهلة قرر فجأة ترك عالم البزنس وانتقل للعيش في باريس ليعتكف في عوالم الفكر والثقافة ،احتضن الشاعر والمفكر الكبير أدونيس وأسس له ومعه مجلة"الآخر" الفكرية التي جمعت كبار الكتاب والمفكرين،أسس صندوقاً لتكريم الفكر والعلماء وقدم جوائز عالمية تحمل اسم المخترع العظيم"تيسلا"..
علمت في التفاصيل الأخيرة أنه يمتلك إذاعة"شام إف إم"ذات الصيت الواسع في سورية،وأنه دخل كوكيل عن شركة أنتونوف الاوكرانية لصناعة الطائرات وتم توقيع عقد شراء طائرات لمؤسسة الطيران..
عندما التقيت الحارث يوسف منذ أيام في باريس،ظننت أنني سألتقي"مجرد رجل أعمال كبير آخر"!!! ولكنني بعد أول عشر دقائق اكتشفت أنني في"مكان آخر"!!!!
الحارث يوسف رجل لا تستطيع أن تطلق عليه صفة محددة تعرف به،فهو بحق مفكر يرقى لدرجة الفلاسفة،وهو شاعر وقاص من طراز رفيع،والمدهش أكثر بالنسبة لي أنه"صاحب نظريات ورؤية"في الاقتصاد" وهذا كان مناسبة لتحويل لقاء اليوم الثالث من نقاش الفكر العام إلى ما يشبه"حواراً صحفياً اقتصادياً" أرجو أن يشكل مقدمة لنقاش واسع وتفكير جديد بما يقوله هذا الرجل الذي يفكر من خلال التجربة والحياة وليس من خلال "كتب جافة"!!

حالياً الجدل القائم في سورية على أشده ما بين من يقول أن هوية الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق مثل كل العالم وهناك من يريد أن يعود بنا إلى الاقتصاد الاشتراكي المركزي . - كيف تتبلور لديكم صورة اقتصاد المستقبل وأنتم الذين أتيتم من عالم الأعمال بكل تفاصيله؟
أنا أؤمن بعدم وجود وصفة اقتصادية جاهزة و سليمة في العالم يمكن أن تستوردها سوريا لتنتعش اقتصاديا . فالموضوع يحتاج إلى نوع من الفن و الإبداع كي نجعل بلد بمأساوية الوضع السوري يقوم و ينطلق . كما أؤكد لك أن كلّ هذه المآسي في سوريا وفي العالم أجمع تحصل بسبب إقتصادي (مالي) و هذا يدلّ على فشل كلّ النظريات الاقتصادية القائمة اليوم سواء كان شرقا أم غربا . الفكر الاقتصادي الموجود اليوم في العالم محكوم بالفكر المالي والفكر المالي محكوم بأربع أعمدة أساسيّة كلّلها قائمة على الخوف و عدم الثقة و الجشع و الكراهية للآخر و هذه الأعمدة الأساسية أدعوها (RIPS ) وهي : R,reserve- I ,insurance- P, privacy - S, security فإذا لم يخلق الإنسان منظومة مالية جديدة و سليمة الأخلاق فلن يجد مخرجا من تخبطّه في أمواج بحر مصالحه الهائج. قصور فهم الفرد للمصلحة العامَّة هو ما يشوّه فهم المجتمع لمصالحه و هذا ما يجعل الإمكانيات الإقتصاديّة للشعوب ملعباً ممتعاً لأصحاب العقول الخبيثة . فلا بالاقتصاد المركزي ( الإشتراكي ) ولا باقتصاد السوق نجد حلولاً ناجعة للإنسان كما لا يوجد اليوم حلول محليه أو إقليميه قادرة على الإنعزال عن التفاعل و الإنحلال في اللعبة المالية و السوقية الشاملة . المعضلة في المال و العملة و في طريقة الحساب التي نحسب فيها الأرباح و الخسائر و نحدد من خلالها كلفة الإنتاج و ثم نترك السوق يحدد لنا الأسعار ، اللعبة الخبيثة بل هذا السرطان الغير مرئي لأعين و عقول الإقتصاديين يؤخذ كمسلّمات لا تناقش و عيه تبنى الخطط و تتحرك السياسات لكسب المصالح الوطنية العليا . الخدعة الكبرى في المؤشرات الناتجة عن هذه الحسابات وتأثير هذه المؤشرات على أصحاب القرار السياسي . لا يمكن لاقتصاد أمّةٍ ما أن يزدهر إلا على حساب اقتصاد أمّةٍ أخرى ، ولذلك كان سباق التسلّح من أهم الأولويات التي تعنى بها عظماء الدول . فهل تصنيع وإنتاج الأسلحة اقتصاد ؟ و إن كان كذلك فماذا يعني الاقتصاد ؟ الاقتصاد و المال بشبه المحاصيل و الأمطار فما بالك إذا كان المطر المتبخر من أرضٍ يسقط دائماً على أرضٍ أخرى ؟ بالطبع ستجفّ تلك الأرض التي لا يعود إليها مطرها ، و هكذا هو فعل العملة فعملة الروبل مثلاً هي لا تعود الى روسيا بل تترسب بوجوه أخرى في أراض أخرى ، أو الصين المخدوعة بعظمتها الاقتصادية أيضاً نرى شعبها يكدح ويعمل و ينتج ليلاً ونهاراً لكي تصبح الدولة التي تتحكم بمصائر الشعوب ( أمريكا) أقوى في هيمنتها عن طريق الديون. التي تحصل عليها من الصين ، ألم يحين الوقت لكي تفهم الصين أنها بتقديم إنتاجها لدولة الاستهلاك الأولى في العالم ( أميركا)سعياً وراء الأرقام و المؤشرات الخادعة هي من يبني هذه القوة ؟ ألم يحين الوقت أن تفهم الدول أصحاب الثروات الباطنية الثمينة أنها عندما تبيع ثرواتها بعملةٍ هي لا تتحكم بكميات طبعها ، تقوم بخلق آلية ماليّة لصاحب العملة المُسعِرّة لثرواتها تكفله بطبع المزيد من عملته مما يؤثر فيما بعد على إضعاف قيمة العملة صاحبة الثروات ؟؟؟ لا فائدة من أي وصفة اقتصاديّة فالملاعب التي يتدرب بها على القتال أصحاب القرار هي خارج أراضيهم و الوصفات الاقتصادية للأسف الشديد واضحة إن كنت ضعيفاً فتمسّك بشريكٍ قوي و اتبع مصالحه على حساب سيادتك ) و هذا ما يحصل في كل مكان بسبب انعدام الحلول الأخرى، لا محال من اللجوء إلى منظومة اقتصاديّة ميزانيّة جديدة
أنا من خلال تجربتي الخاصّة في التجارة والصناعة و من خلال النقاشات الحادّة و الطويلة مع البروفيسور الذي كان يشرف على رسالتي في الماجستير ، فهمت أنّ التعاليم الاقتصادية الأكاديمية دين قائم على مسلمّات و تعاريف بالية يجب إعادة صياغتها فلسفيّاً و مفهوميّاً ، ومن هناك انطلقت لطرح (منظومة الميزان ) القائمة على فهم فلسفي للطبيعة و علاقتها اللغوية-الجسديّة بالإنسان كمخلوق ذو رسالةٍ لا تتناقض مع مسيرة الطبيعة بمهمتها التطوريّة نحو الكمال ، لا كمخلوق اعتبر أن الطبيعة سُخّرت لرغباته ليسخر منها كما يحلو له، فاختلاف الأديان في شرح مهمّة الإنسان على الأرض دليل على عدم وضوح هذه المهمّة لدى الأديان ، مع العلم أن كل دين و كل مذهب يعتبر أن رؤياه لرسالة الإنسان هي الصائبة و هذا ما يشتت الإنسان ، أمّا الاقتصاد السليم الذي يستمد قوانينه من الأعراف الطبيعية و القواعد البيئية المنسجمة مع قوانين الهندسة و الطاقة سيكون قادراً أن يوحد الإنسان في رؤيا واضحة تنظّم أداءه و تهذب أعماله بقرنها بالتوازن الذي ترينا إياه الطبيعة كلّ ثانية ولكن نحن لا نراه . السعي للنجاح و السلطة و الشهرة يحتاج إلى التسلّح بالقوة و المال هو الأداة الأولى للكسب و الربح كما هو الأداة الأولى للخسارة و الفشل

 
بالتأكيد (الناتج المحلي الإجمالي) هو أكبر خدعة تضلل يؤمن بها الاقتصاديون و يبتلعها السياسيون و الناس عامّة لا يعرفون ماهذا ، فمؤشر كهذا لا يقدم للنخبة السياسية وجهة التطور الحقيقية بل يخدعهم و يجعلهم أداة للدفاع عن منحى للمسير نحو الأمام هو لا يعني نحو أنه مسير نحو الصواب كما أن هذا المؤشر عن صحّة الإقتصاد لا يحمل أي إشارات عن صحّة المجتمع القائم على هذا الاقتصاد و أعني المستوى الصحي و الأخلاقي و النفسي و التعليمي و غيره من البوادر المطلوبة للدخول في مفهوم تطور المجتمعات و تحولها إلى ظواهر طبيعيّة سليمة ، فنحن اليوم نعاني من غياب المعرفة في العلم وهذا سبب في حالة من الانفصام بين مفهموميّ التقدم و التطوّر .
السعر و الطريقة التي يُحسب أو تُحسب بها الأسعار هو ما يجب العمل عليه اليوم ، السعر بكيانه اليوم هو فيروس يحتاج الاقتصاد للقيام بعلاج إسعافي منه ، فهو ما يسبب كل المشاكل و الأزمات و بسببه فقد الإنسان قدراته على استخدام النتائج العلمية و التقنيّة التي وصل إليها في العصر الحديث استخداماً مفيداً بحق . يجب أن يكون السعر مؤشراً ودليلاً على العلاقة بين الكلفة و القيمة كما يجب أن يكون واضحاً و سهل الفهم لكلّ مستهلكٍ فعلى الدولة أن تعلم مواطنيها في المدارس الأسس الاقتصادية منذ الصغر حتى يفهم الإنسان الناضج أنه عندما يستهلك يقوم بفعل اجتماعي لا يختلف مسؤوليةً عما يقوم به عندما ينتج.
طبعاً هذا يحتاج إلى منظومة اقتصاديّة جديدة تنسجم مع الإنجازات التقنية و العلمية الحديثة ، فنحن لا نزال نكرر ما قالوه لنا علماء اقتصاد لم يروا يوماً الكومبيوتر و لا يعرفون شيئاً عن البرامج الالكترونية الحديثة القابلة لمساعدة الإنسان في حسابات جديدة قائمة على وحدات حسابية حديثة تتطابق مع نوعيات و كميات الثروات المستخدمة في جميع العمليات الإنتاجية و مرتبطة بكل حركات الأسواق و مؤشراته .
يجب فصل علم الاقتصاد عن علم السوق فالاقتصاد يطلب من الإنسان اليوم أن يكون علما هندسيّاً متوافقاً مع قوانين الفيزياء و الكيمياء و الترموديناميكية وغيرها من العلوم توافقاً حتميٌاً و أساسيّاً و خاصّةً علوم الطاقة و الكهرباء
كيف تستطيع أن تحقق التوازن ما بين أن هذا اقتصاد سوق لا يستطيع أحد أن يتدخل به وبنفس الوقت اقتصاد موجه؟
هنالك من يخلط بين مفهوم السوق و مفهوم الرأسمالية و يعتقدون أنه بالقضاء على السوق سيقضون على الفكر الرأسمالي و يعتبرون أن البشر فئران اختبار ستسير ضمن قوانين و منظومات تستمد أوامرها من رؤى و عقول أعرف من الطبيعية في انتقاء الأفضل أو المناسب . هذا قاتل للإنسان و يفرمل كل الفرص الممكنة في تطوير المجتمعات تطوراً سليما، هذا الموضوع اليوم أعمق من قراءات سطحيّة لفلاسفة كانت في عصرها كالأنبياء و لكن اليوم نحن بحاجة لرؤى معاصره للواقع .
السوق غير مذنب بشيء فالسوق هو طقس أو حالة طبيعية تبقى هي الأسلم في خلق العامل المشترك القائم على توجيه الإنسان نحو الصواب من خلال التجربة و الأخطاء و لكن ، السوق يشبه النفس والاقتصاد يشبه الجسد والقيمة هي الناتج من التفاعل السليم بين الجسد و النفس فهي الثمرة التي يستفيد منها الإنسان ليغذي عقله في إدارته لنفسه ، فلكي يكون السوق سليماً على الاقتصاد أن يكون صحيحاً و بسلامة هذه العلاقة فقط يستطيع كل من السوق و الاقتصاد معاً أن يبنيا القيم الصائبة التي تساعد الإنسان في الانتقال من جيل إلى آخر بسلام .

ليتوفر لدينا لهذا الكلام أداة قياس لقد ناقشتَ هذه الأفكار مع أساتذة اقتصاد ومفكرين، كيف تلقوا هده الأفكار التي قد تصدم أحيانا ؟
هناك المزيد من الباحثين والعلماء الذين يعملون على إيجاد منظومات بديله فكل المنظومات الحالية أثبتت عدم جدواها و لكن للأسف لم تظهر حتى اليوم قوى أقوى من المنظومة المالية العالمية المهيمنة على كل سياسيي العالم بشكل مباشر أو غير مباشر ، فمن لا يخضع لأوامر هذه المنظومة هو لا محال خاضع لانعكاساتها و كلّ ما يقوم به ليس سوى ردود أفعال لهيمنتها ، فهي أصبحت الآمر الناهي الذي يُملي عليك إمّا أن تكون معها أو أن تكون ضدّها فكلا الأمرين يناسبها و يقوّي من شأنها ، هي تعيش على الخلافات و عدم الاستقرار و الحروب و النزاعات ملعبها المحبب و مصدر الرزق الذي يدعم استمراريتها ، و طبعاً هذا لا يعني الوقوف بلا حراك فالعالم اليوم مليء بالعقول الواعية لما يجري و المطلوب هو توحيد هذه العقول لكي تشكّل قوّة فكرية و علميّة تصبح مرجعاً عالمياً مؤثراً في تشكيل الرأي العالمي حول شرّ و أذى هذا السرطان الذي تغلغل في كلّ أطراف الجسد الإقتصادي البشري. بغض النظر عن توجهه الإيديولوجي ، البنوك وسياساتها الاقراضيّة و فلسفة الربح المالي عنها لا يمكن أن تكون فعّالة في أي مكان على الأرض من كوريا الشمالية حتى كوبا إن لم تعلن ولاءها لهذا الإخطبوط السرطاني الجبّار .
أما عملية فصل السوق عن الاقتصاد فهي مسألة مطروحة ، والدراسات حولها تجري فهنالك المزيد من النظريات و الأفكار الجديدة و العديد من المعاهد و المؤسسات التي تعمل بنشاط حول هذا الموضوع ، لكن حتى الآن الخطأ الذي يحدث حاليا هو أن كل هذه الدراسات تحاول تغيير الآثار التي تسببها المنظومات الحالية و ليس الأسباب التي تشير إلى أن التغيير يجب أن يكون جوهري من الأساس .
ماذا نصح علماء الاقتصاد الذين ناقشتهم بالموضوع ؟
معظم المعترف بهم عالمياً و الفعّالين في خلق بدائل هم وكلاء للدفاع عن وحدانيّة النظام الموجود وعدم الجدوى من البحث عن بدائل له و محاولات إقناعهم بتغييره تشبه محاولات إقناع رجال الدين بالتخلّي عن معتقداتهم الدينيّة ، أمّا الآخرون كما أنا نجد أن المهمّة رغم صعوبتها قابلة للتنفيذ فهي تنقسم إلى فرعين للعمل عليهما ، النظري و العملي ، في كلا الحالتين هذا يتطلّب التفرّغ للعمل الدائم و المثابر لبلورة النظريّة شرح آليات تنفيذها و تقديمها بشكلها النهائي القابل للدفاع عنها علميّاً والشروع بها عملياً .
برأيك من سيرعى هكذا فكر جديد ؟ هل هو ممكن فعلا في مجتمع أهلي بمنظمات معينة أو حكومات أو منظمات دولية أو فكر ينتشر في المجتمع فيثور على وضع قائم ؟ من هو الحامل لهذا الفكر؟
لاحظ كيف تتطوّر الأنظمة و الحكومات من بعد الحرب العالميّة الأولى إلى اليوم ، كانت تقود المجتمعات شخصيّات عاليّة السيادة تتمتع بمواصفات قياديّة عاليه كستالين و هتلر و موسوليني و تشرتشل و روزفلت و غيرهم ثم تحوّل هذا النوع إلى حكومات ناتجه عن أحزاب و بعد ذلك جاء دور الشركات التي أنجبت حكومات تكنوقراطية تعمل لصالح الشركات العالمية و اليوم جاء عصر المؤسسات الإجتماعية و الصناديق الغير ربحيّة التي يزداد دورها يوماً بعد يوم في التأثير على الرأي العام و هنا سنرى اصطدامات بين البنوك هذه المؤسسات مما سيؤدي في المستقبل القريب إلى تشكيل قوى إنسانيّة عولميّة كنتيجة حتميّة للانفتاح الاجتماعي المتصاعد بفضل الانترنت الذي سيخلق عوائق أمام السياسات التقليدية و سيؤدي إلى خلق أزمات بين الدول و مصالحها السياسية ، نحن أمام منعطف تاريخي شامل كالتسونامي سيجرف معه مخلفات التاريخ و سيشكّل تحالفات جديدة لا تقوم على الأسس التي اعتدنا عليها تقليديا ، كما ستكرر الأزمات الاقتصادية بتردد و تسارع أكثر مما كانت عليه من قبل وهذا يخدم الأفكار المنسجمة مع هذه التطورات لتأخذ مكانها في تأسيس نظام عالمي بديل ، المسألة موضوع وقت و لكن هذا الأمر حتمي .
أنا برأيي العملة الطاقوية هي العملة الأساسيّة الوحيدة القادرة أن تكون العامل المشترك بين عملات الدول المختلفة ، هي عملة عادلة لا يمكن أن تخدع أحدا ويمكن أن تكون مؤشر يحدد القيمة الطاقويّة أو المحتوى الطاقوي لأي عملة في أي دولة ، من خلالها تستطيع الدول تحديد أسعار عملاتها في عمليٌات التبادل و هي المنقذ من عمليات السطو القانونية التي يقوم بها الدولار كل ثانية أثناء شرائه و أثناء بيعه.
هل تعتقد أن سيادة الدول حاليا (فجميع الدول تتغنى بسيادتها) ممكن أن تكون بخطر نتيجة هذا الطرح؟
طبعاً، فلاحظ مثلا فكرة العولمة التي يفهمها الكثيرون بطريقة خاطئة ولا يستطيعون تحليلها بالشكل الصحيح فهناك خلط واضح بين ظاهرتين أو مفهومين العولمة من جهة و الكوكبة من جهة أخرى ، هذه المسألة أكثر من معقدّة ويدخل في شرحها المزيد من المفاهيم الفلسفية و العلمية معاً و عدم فهم العلاقة بين الظاهرتين يؤدي إلى سلوك خاطيء عواقبه مؤلمة للإنسان و الإنسانيّة فمحاولات الدول العظمى في اعتلاء موجة العولمة لكسب المزيد من القوى و الأرباح ستنقلب عليها لأنّ باطن هذه الظاهرة هو تحوّل طبيعي مرتبط بالناتج المجمل للإقتصاد العالمي و يدخل فيه الحروب و الهجرات و التحولات الديموغرافية و التغيرات البيئة و الانحباس الحراري و الكربون و قصور نمو الغابات وشح المياه العذبة و انقراض مئات الآلاف من الآنواع الحية و الأمراض الشائعة المزيد غيره . كلّ هذا يؤثر على الطبيعة و يدعوها للرد فالطبيعة تأخذ بالحسبان كلّ ما يجري بها و تتفاعل معه كأمر واقع و ترد عليه من خلال قوانينها التي تشكلّت على مرور العصور والأزمان فتسارع الأحداث التي يقمها لها الإنسان يقتضي منها تسارع في الردود ، و ردود الطبيعة على هذا هو الكوكبة التي لا نحاول قراءتها و حتى لا نعترف بإمكانية ردها من حيث المبدأ .
لقد لمست لديك شيء عقلاني غير عاطفي ويعطي نوع من الاحترام للغة العربية وما يمكن أن يبنى في الاقتصاد على المفاهيم العربية وقد أعطيتني مثال عن ذلك (الاستثمار) وغيره، فكيف تفكر لمستقبل اقتصاد باللغة العربية؟
** الاقتصاد عربيّاً يختلف اختلافاً جذريّاً عن الإقتصاد بمعناه المعترف عليه و هذا الأمر مهم و أساسي لفهم علمٍ بأكمله نتج عن مصطلح هو من حدد إلى أي هرمٍ علميٍ سيتجه العلماء في بناء هذا العلم . Economy كلمة تنحدر من الإغريقية و تعني إدارة شؤون المنزل ، طبعاً هذا لا يعني أن الاقتصاد اليوم لا يزال علم إدارة شؤون المنزل ، لكن هذا العلم لا يواكب ما وصلت إليه العلوم الأخرى من تقدم ، بل لا يزال يعاني من تحديد هويّته. خذ كلمة ( مصلحة) بالعربية و interest الدافع الأساسي لكل ما يقوم بع الإنسان و الدول فنرى أعلى المصالح هي مصلحة الدولة ( national interest ) ما لأجله تُشن الحروب وتبرم الاتفاقيات و يُحدد الصديق من العدوّ ، الصلح و الصلاح و الصلاحيّة و المصلحة ، كلّها كلمات شريفة و عندما يتعلم الإنسان أن يتذكر دائماً معنى الكلمات التي يفكر بها سيصبح قصده في أفعاله كالمعنى الذي تحمله هذه الكلمات فلو تحول ال(interest) إلى مصلحة و ليس على العكس كما هو حال الواقع اليوم لأصبح القصد من الاقتصاد صلاح بين مصالح الدول وليس خلاف بين اهتماماتها . و هنالك المزيد من المصطلحات التي تشرحها لغتنا الشريفة وتدلنا على مخارج من جهل يتجسد بالعلوم ، اللغة العربية تعاني من العرب ، فالفكر العربي مخصي ولم ينجب مفكرين منذ قرون و ليست اللغة السبب إنما اغتراب اللسان العربي عن لغته فالعرب يكتبون بما لا ينطقون لذلك أصاب الفكر الناطق ضموراً و احتلّ مكانه فكرٌ مكتوب لا مغزى منه سوى جماليات نصوصه كما أنّ الفقه الديني لعب دوراً أساسيّاً في خلق هذا الانفصام فاحتكر اللسان لصالحه و حرمه من مواكبة أي علومٍ أخرى ، فولد اللسان الخطابي كاليتيم المشرّد بلا أهل أو مأوى يحميه و يعتني بتطوره مما سبب مع الزمن شيزوفرينيا في الفكر العربي . ولكن هذا لم يمنع العرب من الإبداع الفكري و العلمي عندما استعملوا ألسنةً غريبةً عن لغتهم بلغاتٍ أخرى و نجح المغتربون في العلوم التي حصلّوها خارج أوطانهم لكن نتائج أعمالهم لم تخدم أمتهم .
أريد أن اخصص قليلا، أريد التحدث عن الوضع السوري وما يلزمه الآن لهوية اقتصادية ومرحلية ، فنحن لا نستطيع بظرف أزمة أنة نطرح ؟أفكار اقتصادية جديدة ولا نستطيع أن نعطي رأي اقتصادي وحاسم، ما هو رأيك بهذا الشأن ؟
** سورية ليست مهد الحضارات الإنسانيّة فقط ، هي اليوم لحدها أيضاً ، هي ميدان لتخبط الإنسانية فالعولمة مشروع كوني أقوى من كلّ الدول معاً و. علينا أن نفهم جميعا أنّ مصير سورية هو مصير عولمي وليس مصير سوري ، فلا يوجد الآن ما نسميه حلول محلية إقليمية فأي مشكلة تتألف من ثلاث دوائر :الدائرة المحلية والدائرة الإقليمية والدائرة العالمية ، لكن لهذه الدوائر محور واحد ، فسورية اليوم لن تستطيع طرح حلول اقتصادية تخرجها من أزمتها قبل إيجاد حلول سياسيّة تسبقها ، فأنا أرى عدم وجود حل سوى مراهم مؤقتة نخفي بها الظاهرات .
أريد أن اطرح عليك بعض الأسئلة الخاصة : • هذا التفكير الاقتصادي غير تقليدي ولا استطيع أن افصله عن تجربتك بالعمل الاقتصادي ، وهذه التجربة شهدت نجاحات مذهلة وشهدت أيضا إخفاقات وشهدت أيضا تخلي بذروة النجاح عن ما تملكه .

 أنا أرى بك شخصا يهزأ بآليات الاقتصاد المالي العالمي أكثر من شخص يريد ؟أن يكون رجل أعمال ، هل هذا صحيح؟
في الحقيقة أنا لم أكن يوماً رجل أعمال ولا تاجر ولا يثيرني أن أكون هو ، مع العلم أنّي استطعت أن أصل إلى ذروة نجاح في عيون الآخرين كانت بالنسبة لي نوعا من التجربة لا أكثر كان ذلك يشبه شيئاً من عبث الأطفال ، أنا قادر على إدارة أعمال الشركات و التوصل إلى اتفاقات تجارية و حتّى تسويات سياسيّة بالنسبة لي هذا عمل سهل و بسيط وغير ممتع فلا إبداع حقيقي فيه ، أجد اليوم أن العمل في مجال الانترنت و التواصل الإجتماعي يثيرني أكثر من التجارة و الصناعة و السياسة ولكن البحث المعرفي و الغوص في غياهب الحقيقة و الفلسفة و العمل الفكري و الأدبي و الفن هو ما أرغب أن لا أفارقه أبداً أنا أعاني بين ما أحب أن أقوم به وما أنا مضطر لفعله. - إذا أنت تحاول بشكل مباشر أو غير مباشر أن تسخر من هذه البنى الاقتصادية؟ هي مثيرة للسخرية بالفعل ، هل تعلم أنّه إذا بقيت مدينة نيويورك لمدّة أسبوع فقط بلا كهرباء ماذا سيحصل ؟ ماذا سيفعل من يجوع و لا يستطيع شراء طعام في السوبر ماركت مع العلم أن أمواله في البنك الذي لا يستطيع أن يشغل الكومبيوتر ليسلمه بعض ماله ؟ سيكسر الزجاج و سيدخل ليأخذ الطعام . ماذا سيفعل من يعيش في الطوابق العالية في نواطح السحاب إن كان لا يستطيع الوصول إلى غرفة نومه ؟ سيحاول أن يحتلّ بالقوّة إن كان قوّيا أو مسلّحاً المنازل في الطوابق السفلى . ماذا سيفعل صاحب السيارة عندما لا يستطيع ملء خزانه بالوقود ؟ سأتركها في عرض الشارع و سيحاول سرقة أي سيارة مليئة بالوقود . ماذا سيفعل المريض في الصيدليّة ؟او في المشفى ماذا سيحصل عندما سيتوقف كل شيء و سيجد ملايين الناس أنفسهم محشودين محصورين في مقبرة من الإسمنت اسمها نيويورك ؟ ستكون النتائج أسوأ من أشرس حرب طائفية على الأرض!!
اثناء مؤتمر اقتصادي عقد حول مستقبل العمله الطاقويّة قلت لي أنك سألت بعض علماء الإقتصاد سؤالاً : كم كيلوواط نحتاج لإنتاج كيلوواط واحد..بماذا أجابوا ؟
** هذا السؤال كان من أهم الأسئلة فعندما نعرف أن كل كيلو طن تنتجه محطات الكهرباء يتطلّب عدداً أكبر منه لإنتاجه و مع الزمن يزداد حجم الطاقات اللازمة لإنتاج هذا الكيلواط ولا يقل نفهم أن هذه المادّة الأساسية في حياتنا لا يمكن أن تُقيّم بالمال و لا بالسوق ولا بأي عملة على الأرض لأنها هي ما يحدد قيمة العملة و هي من يحب أن يقرر قيمة أي نوع من أنواع مصادر الطاقة باختلافها ( النفط أم الغاز أم الفحم و غيره ) و عندما يفهم الاقتصاديون أن هذه الوحدة الأهم في حياة الإنسان هي من جهة مادة استهلاكية و إنتاجية في الوقت نفسه و أيضاً لها أكثر من مفهوم فهي وحدة فيزيائية مجردة من جهة و وحدة طاقويّة إن لم تستعمل في مكانها تُفقد بلا أداء من جهة أخرى، هي تأتي من كلّ أنواع المصادر الطاقويّة باختلاف كلفتها و ثمن الحصول عليها و تؤدي النتيجة نفسها بلا اكتراث من أين أتينا بها ، هي وحدة نستطيع بفضلها قياس أي نتيجة طاقويّة أخرى وليس الكهرباء فقط هي من يجب أن يحدد أسعار مصادر الطاقة لأنها المنتج النهائي وليس العكس كما يحصل اليوم . الكيلواط يثبت لنا أنّ الطاقة و استخراجها و نقلها و توليدها و استهلاكها لا يجني أرباح بل هي مادّة خاسرة فيزيائيّاً و لكن إذا سعرناها وحسبنا قيمتها من خلال حسابات سعر الكلفة وسعر المبيع نجد أنّها رابحه . هذه الخدعة تجعلني أسخر من البنى الإقتصادية و أبحث عن مفهوم جديد للإقتصاد
إذا نظرت إلى إفريقيا أغنى القارات بالثروات و الأرض الخصبة يموت عليها الإنسان جوعاً تسخر من الإقتصاد ومن البنى التي يقوم عليها .
الاقتصاد هو علم كيف لا يجب أن نعيش!!
شخصيتك مثيرة للجدل وبعض الناس تقول بأنك قد أصبت بالجنون وأصبحت تملك أموال باهظة وخسرتها ببساطة وأنا أؤكد مجدداً أنني أراك شخصاً يهزأ بالنظام المالي العالمي . فأنت أين ترى نفسك من ذلك؟ 
أنا أرى نفسي في مختبر من التجارب تُمتعني كلّ النتائج فيه فالفشل منه دليلي إلى النجاح . 
ألم تشعر بالخوف أو الندم؟؟
** شكرًا لله منذ طفولتي لا أعرف الخطر هكذا ولدت و تعلمت أن لا أنظر ورائي ولا أهتم لما تركته خلفي نحاحاً كان أم فشلاً. أما الربح و الخسارة فهي معادلتي الخاصّة ولا يمكن أن يقيّمها أحد غيري فأنا أحترم الخسارة و أعتبرها ثروتي ، فكلّ ما أهديت أو قدّمت أو رميت أو فقدت أو سُرق منّي هو ما أملكه و ما أملكه هو ما أخفيه عن الآخرين ، الملكيّة عندي هي المعرف و ما غيرها جهل، والخوف يأتي من الفقدان ،
تبقى سورية بلدك وهي تمر بأزمة ونتمنى أن تنتهي بأقرب وقت ، ما هي نصيحتك اليوم لسورية اقتصاديا؟
لا يمكن لأي اقتصاد أن يزدهر دون أرض خصبة للاستثمار و أهم مؤشرات الخصوبة هي إخلاص القائمين عليها لها و طبعا استقرارها السياسي و الأهم من ذلك أن لا يكون هناك فساداً


قصة عقد الطائرات
خلال إطلالتك التي ظهرت نادرا في عالم الأعمال ، سمعنا عن دور مهم لك فبعد انتظار ومحاولات دامت أكثر من عشر سنين لشراء طائرات جديدة لمؤسسة الطيران العربية السورية، تم توقيع عقد مع الأوكرانيين وكان لك دور ما بهذا الموضوع، بتوصيل كيفية تقييم هذه التجربة ؟
في الحقيقة ومن خلال أصدقاء سمعت أن هناك مشروع لشراء شركة الطيران السورية لعشر طائرات انتونوف من روسيا التي تنتجها بترخيص من مصنع انتونوف الأوكراني و أنا تربطني علاقة ممتازة مع إدارة هذا المعمل، وعندما سمعت عن الأسعار المطروحة من قبل الروس وهي أعلى بكثير من أسعار المصنع الأم طرحت على مؤسسة الطيران عرض مباشر من أنتونوف الأوكراني مقنعاً إياهم بأهميّة هذا العقد استراتيجياً لكسب سوق جديد لهم في الشرق الأوسط فتقدموا بسعرٍ مغرٍ فعلاً بهدف الدخول في سوق هام لهم ، نال العرض إعجاب وزير النقل ثم زار وفد من المؤسسة معامل و تم توقيع العقد ولكن شيء ما لا أعرفه حال دون استمرار شركة الطيران السورية في تنفيذ العقد ، قالوا أن الضمانات لم تكن كافية .

بورتريه
* هناك أناس في سورية تعرفك وآخرين لايعرفونك فماذا تحب أن تتحدث عن نفسك لتعرف الناس بك وتعرفهم أيضاً بهويتك الشخصية.؟
** سؤال صعب فعلاً ! أنا صريح جداً و أخشى صراحتي فهي لا تخدمني في حياتي لكنها أقوى منٌي فلا أستطيع كبحها أو لجمها ، أكتب الشعر و أعيشه ، فأنا اعتبر نفسي شاعرا قبل كلّ شيء و لديّ طاقات تدعوني للنحت و الرسم ، أكتب دائماً على قصاصات أوراق و دفاتر متفرقة لكنّي لا أجمع ما أكتب و كلّما حاولت جمع ما كتبت أذهب إلى ذلك العالم لأكتب أشياء جديدة ، أنا أنتمي إلى عالمين معاً ، عالم أحبّه (الفن والأدب )و عالم أعيشه مضطراً (التجارة و الأعمال) ، فوضوي ، غير منظّم لا أستطيع الإنتاج بدون مساعدين ، أحاول أن أكون لا مبال ولكن غير مستهتر ، أبُ جيد و زوج سيء ، وعبد للصداقة . أحب المرأة بكلّ تفاصيلها و أشكالها و أجدها أفضل و أصدق من الرجل ، ،سعيدٌ في الحزن و حزين في السعادة ، أحب كلّ الناس و أحتقر الجنس البشري ، أجد أنّ بني آوى أرقى من بني آدم ،أكره الدهشة و لا يعنيني النجاح لأنّه يدهش الأغبياء .

منظومة اقتصاد الميزان
تقوم على موازين قوى مختلفة و متناقضة تتفاعل معا في آلية ميكانيكية هندسية متكاملة تشبه المحرك حيث تكون كل القوى المتفاعلة داخله انعكاسا حقيقيّاً لمصلحة لاعبينْ أساسيين اثنين هما الانسان والبيئة من جهة و الآلة من جهة أخرى ، البيئة التي تقدم للإنسان ثرواتها كي يتعلم من طريقة استخدام هذه الثروات أن رسالته و تطوره على الأرض يُعرف من المؤشرات و الدلائل على صحّة و سلامة هذه الطريقة ، فالآلة اليوم هي من يُملي على الإنسان حاجاتها و ليس العكس ،
هذه المنظومة تعمل على تحديد دور الآلة و ترويضها لخدمة الإنسان و البيئة ، فالبيئة اليوم تواجه عدوٌين كلاهما أقسى من الآخر ، جشع الإنسان و جنون الآلة .
هذه المنظومة هي آلية مبرمجة و مستقلّة بمعادلاتها التوازنية للعلاقات بين مكونات الاقتصاد الأساسية ،تُقدم للمجتمع و للدولة الخلاصات التي تسمح لهما بقرائة النتائج االرقميّة الحقيقية و القائمة على إحصائيات فيزيائية و ليست رياضيّاتية تتبلور في مؤشرات نهائية تعكس الحالة العامَّة للإقتصاد و مدى تطابق المشروع مع التنفيذ و بمقارنة التحولات فيها نستطيع أن نستنتج أفضل القرارات السياسيّة لتحسين أداء المجتمع نحو الأهداف التي ترسمها الدولة لخدمة الإنسان وتلبية حاجاته الأساسيّة .
المنظومة تعمل بشكل تلقائي لمصلحة البيئة حيث تدخل في معادلاتها الحسابية وحدات قياس بيئية (سلبية ) لا تسمح بإظهار أرباح وهميّة تدعو إلى تعليق أوسمه كاذبه تُكسب موثوقيّة و مرجعيّة ماليّة تسمح لها باستغلال الاقتصادات الأضعف .
الآلية التي تعمل عليها المنظومة تشبه عربة تقلّ المجتمع لها أربع عجلات ، لكلّ عجلة محرك ، وللعربة خزان وقود واحد هو البنك الطاقوي المركزي الذي يوزع بالتساوي ضخ الوقود إلى العجلات الأربع هذه العجلات الأربع هي الطلب و الاستهلاك في الأمام و العرض و الإنتاج في الخلف و الهدف من الآلية هو تنظيم تساوي القوى الأربع من خلال الضخ الطاقوي ، فما يحدث اليوم هو قلقلة و تعثّر مستمر بين هؤلاء القوى مما يجعل المجتمعات تعيش في حالات من الخوف وعدم الاستقرار الدائم و لذلك نجد العالم بأكمله مهووساً بأربع مكونّات تجعل الإقتصاد عربةً غير آمنةٍ للإنسان و عده المكونات الأربع هي : الإحتياط و التأمين والخصوصية و الأمن (R.I.P.S)
تأخذ المنظومة بعين الإعتبار سوقين و تعمل على توازنهما ، سوق البضائع ( المواد الأولي هو مواد الإنتاج) و سوق الحاجات ( ما يستهلكه الإنسان مباشرة) و لكلّ سوق عملته التي يحدد قيمتها العرض والطلب فالطلب في سوق البضائع يستمد قوّته من الناتج الذي يحصل عليه العرض قي سوق الحاجات فالمستهلك الأساسي و النهائي هو الإنسان و قوّته الشرائية هي ما يحدد قوى العرض والطلب في سوق البضائع و أهم ما يحدد قوّة المستهلك هو ، أولاً تحرير الفرد من عبوديّة الراتب الشهري بتعويض شهري إجتماعي يؤمن له دائماً حاجاته الأساسيّة و ثانياً حصول الأفراد و الشركات الخاصّة على الرأسمال المطلوب لبناءوتطوير المشاريع الخاصّة اذا كانت دراسات هذه المشاريع تنسجم مع سياسة البنك المركزي المرسومة من قبل الدولة و تثبت هذه الدراسات فعّاليتها و فائدة إنتاجها طبعا لا يمكن شرح تفاصيل هذه المنظومة هنا ، بل ما هو مذكور منها على موقعنا www. ecounit.org شرح مبسط جدّاً بحاجة إلى توضيح و تقديم أفضل .و خاصّة باللغة العربيّة لأن الأفكار التي خلقت هذه المنظومة هي نابعة من عمق اللغة العربيّة و لهذه اللغة الفضل الأول في كشف الأخطاء التي بني عليها علم الإقتصاد ، كلّ ما يفعله أي إنسان أو يقوله له دافع و له قصد ، و الاقتصاد هو ربط الدافع بالقصد تماماً كما في اللغة لكلّ كلمةٍ معنى و مغزى و الرابط بين المعنى و المغزى هو القصد الذي يحدد جدوى فهمنا لكلٍّ من المعنى و المغزى معاً. و الآلات و الثروات و لكل ميزان مؤشر اقتصادي يدل على توازن القوتين من خلال حديثي البارحة معك أركز على الاقتصاد فقد لفتت انتباهي بعض الطروحات الاقتصادية التي تنطلق من أزمات الحاضر وتتجه نحو المستقبل .

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024