السبت 2025-11-22 15:06:25 أخبار المال والمصارف
بين إشادة دولية وواقع معيشي صعب: الاقتصاد السوري في مرآة صندوق النقد
بين إشادة دولية وواقع معيشي صعب: الاقتصاد السوري في مرآة صندوق النقد
خاص- سيريانديز
لم تمر زيارة وفد صندوق النقد الدولي إلى دمشق مرور الكرام، لا في أروقة القرار ولا في أوساط الباحثين الاقتصاديين فبينما رأت فيها الحكومة السورية خطوة نحو الانفتاح المالي واستعادة الثقة الدولية قرأها خبراء الاقتصاد بعين أكثر حذرا معتبرين أن التقرير الصادر عن البعثة حمل إشارات مزدوجة: إشادة ظاهرية وتحذيرات ضمنية لا تقل أهمية.
 
زيارة تحمل أبعادا سياسية واقتصادية
الزيارة التي قادها رون فان رودن رئيس بعثة الصندوق الأسبوع الماضي جاءت بعد لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع بالمديرة العامة للصندوق كريستالينا غورغييفا في واشنطن ما أضفى عليها طابعا سياسيا بقدر ما كانت فنية وفي بيان أصدرته بعد 4 أيام على انتهاء زيارتها تحدثت البعثة عن "علامات تعافٍ وتحسن في الآفاق" مستندة إلى مؤشرات مثل عودة اللاجئين وتخفيف العقوبات وتحسن ثقة المستثمرين.
تفاؤل رسمي
وزير المالية محمد يسر برنية اعتبر في منشور على صفحته الشخصية في فيسبوك أن تقرير البعثة يظهر إشادة بما تقوم به السلطات السورية من إصلاحات اقتصادية ومالية رشيدة مكنت من وضع الاقتصاد السوري على مسار التعافي، وأضاف: يرسم البيان خارطة طريق حول الإصلاحات التي يتعين استكمالها في الأشهر القادمة دون أن يتحدث عن ماهية وطبيعة هذا الإصلاحات.
 
ما وراء السطور: رسائل مشروطة
رغم هذا التفاؤل يرى بعض الاقتصاديين أن قراءة الوزير برنية تميل إلى تبني القراءة البروتوكولية للتقرير متجاهلة ما حمله من رسائل تحذيرية بشأن هشاشة التعافي وضرورة ربط السياسات المالية والنقدية بإصلاحات مؤسسية عميقة، حيث اعتبر الباحث الاقتصادي عامر شهدا أن التقرير "يتجاهل الواقع المعيشي الصعب" ولا يستند الحديث عن تعافٍ إلى مؤشرات ملموسة مثل القدرة الشرائية أو استقرار الأسعار ناهيك عن أن إشادة الصندوق بالسياسات المالية لا تعني رضا كاملا بل تحمل دعوة صريحة لإصلاحات هيكلية تبدأ من استقلالية مصرف سوريا المركزي ولا تنتهي عند إعادة هيكلة الدعم وتحديث النظام الضريبي بحسب رأيه.
التعاون الفني... بين الطموح والواقع
صندوق النقد الدولي أعلن في بيان بعثته عن برنامج تعاون يشمل دعما فنيا في مجالات عدة من إعداد الموازنة إلى تطوير السياسة النقدية وتحسين الإحصاءات الاقتصادية لكن اقتصاديين محليين شددوا على أن هذا التعاون لن يكون مجديا ما لم يعتمد على قاعدة شفافة من البيانات وإرادة سياسية تترجم التوصيات إلى أفعال، محذرين من أن الاعتماد على المساعدات الفنية وحدها دون إصلاح سياسي ومؤسساتي شامل قد يؤدي إلى نتائج محدودة إن لم تكن عكسية.
السياسة والاقتصاد: معادلة لا يمكن فصلها
واعتبر الاقتصادي محمود السلامة في تصريح لشبكة سيريانديز أن التباين في قراءة تقرير صندوق النقد الدولي أمر طبيعي لأنه لا يمكن فصل الاقتصاد عن السياسة وأن نجاح أي خطة تعافٍ مرهونة برفع العقوبات وتحقيق الاستقرار الأمني وبدون ذلك يبقى أي تحسن هشا وأي تفاؤل سيظل مشروطا.
وفي المحصلة زيارة وفد صندوق النقد الدولي إلى سوريا تبقى في غاية الأهمية حيث فتحت بابا للنقاش وتبادل الآراء بين الحكومة التي قدمتها كخطوة نحو التعافي من جهة وبين خبراء الاقتصاد السوريين الذين يرون أن الطريق لا يزال طويلا وأن الإصلاح الحقيقي يبدأ من الداخل لا من البيانات الختامية، فهل تكون هذه الزيارة بداية مسار إصلاحي جاد؟ أم أنها مجرد محطة رمزية في مشهد اقتصادي لا يزال يرزح تحت وطأة التحديات؟ الأسئلة كثيرة... والإجابات مرهونة بالفعل لا بالتصريحات.
ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2025