سيريانديز- خاص 

للشهر الثاني على التوالي تراجع سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار وذلك بعد استقرار استمر سبعة أشهر وذلك في مشهد توقعه الخبراء والاقتصاديون نتيجة زيادة عرض الليرة السورية بمقدار الضعفين بعد صرف زيادة الرواتب للعاملين في الدولة حيث تؤكد تصريحات رسمية ومصادر اقتصادية سورية أن الكتلة المالية التي يتم ضخها في الأسواق مطلع كل شهر ارتفعت إلى حوالي 1.65 تريليون ليرة سورية.

الوقائع تشير إلى أن الليرة السورية خسرت نحو 10 بالمئة من قيمتها بالتزامن مع صرف أول زيادة للرواتب بداية الشهر الماضي قبل أن تعود وتفقد نحو 5% مطلع الشهر الجاري في سيناريو مرشح للتكرار مطلع كل شهر بحسب خبراء ومختصين، وفي هذا السياق حذر الاقتصادي أحمد السيد عمر في حديث لشبكة سيريانديز من مخاطر السياسات الاقتصادية المتبعة حاليا على تحويل عملتنا الوطنية إلى مجرد سلعة، يرتفع سعرها عندما يقل عرضها في السوق، والعكس صحيح".

ولفت الاقتصادي السيد عمر إلى أن استقرار سعر صرف الليرة السورية وتحسنها خلال الأشهر الماضية لم يكن حقيقيا ولا يعكس تحسناً في الاقتصاد السوري، وأن تحسن سعر الصرف جاء نتيجة لوجود عرض كبير للدولار مقابل انخفاض حاد في المعروض من الليرة السورية لأن جزءاً كبيراً من الكتلة النقدية محبوس في المصارف، ولا يمكن للأفراد تحريك حساباتهم بسهولة حيث حدد المصرف المركزي سقف السحب الأسبوعي ب200 ألف ليرة سورية فقط، ناهيك عن أن نحو 1.5 تريليون ليرة سورية محجوزة في منصة التمويل التابعة للمصرف المركزي، ما يعني أنها خرجت من التداول الفعلي.

إذاً تحسن قيمة الليرة السورية بنحو 35% خلال الأشهر الماضية التي تغنى بها المصرف المركزي مرارا وتكرار مهدد بشكل جدي إذا ما استمر على سياساته المالية والنقدية الحالية بحسب الخبراء والمختصين لا سيما وأن هذا التحسن لا يرتبط بأي نمو في الناتج المحلي أو زيادة في الصادرات ولذلك من الطبيعي أن يكون هشاً وغير مستدام معتبرين أن سياسة حبس السيولة أثبتت فشلها عند أول مطب بعد أن اضطر المصرف إلى ضخ كميات مضاعفة من الأموال بالليرات السورية كقيمة للرواتب الشهرية.

وفي هذا السياق، كتبت الوزيرة السابقة الدكتورة لمياء عاصي، على صفحتها في فيسبوك: من البداهة القول بأن العمليات النقدية هي التعبير عن النشاط الاقتصادي، ومن المستغرب التفاخر بضبط العمليات النقدية واستقرار سعر الصرف"، متسائلة: "ما قيمة استقرار سعر الصرف في ظل استمرار تقييد السيولة، ولم يكن مدفوعًا بالتبادل الاقتصادي الحقيقي؟

وأمام هذا الواقع شدد خبراء واقتصاديون على ضرورة تسمية الأمور بمسمياتها دون مواربة، والابتعاد عن المصطلحات الرنانة والإسراع في اتخاذ حزمة إجراءات اقتصادية تضمن زيادة الإنتاج ودوران عجلة التنمية المستدامة لأن ما تشهده الليرة السورية من تذبذب ليس مجرد تغيرات عابرة في سعر الصرف بل هو انعكاس لأزمة اقتصادية عميقة تتطلب إصلاحات جذرية وسياسات نقدية شفافة.

الاقتصادي السيد عمر نبه إلى ان المواطن يبقى المتضرر الأكبر من هذه الفوضى النقدية وانعكاسها على الوضع المعيشي المتردي أصلًا، خاصة بعد أن ارتفعت أسعار معظم المواد الغذائية والاستهلاكية بنسب وصلت إلى 25% خلال الأسبوع الماضي، الذي يستعد فيه السوريون لتأمين مستلزمات المدارس لأبنائهم، قبيل بدء العام الدراسي في 21 من الشهر الجاري.

في العموم مستقبل الليرة السورية مرتبط بسياسات البنك المركزي والتي يصفها محللون بأنها غير فعالة بما فيه الكفاية داعين إلى ضرورة توفير سيولة بالليرة السورية للحد من التحسن غير الحقيقي بسعر الصرف والعمل على تخفيف حدة التذبذبات التي أثرت بشكل سلبي على الواقع الاقتصادي العام في البلاد مع التحذير من أن استمرار فرض العقوبات الدولية على سوريا، ولا سيما بعد رفض الكونغرس الأمريكي إلغاء قانون قيصر قد يزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي خلال الأشهر القادمة.