كتب: أيمن قحف
ربما كان من قبيل الصدفة المحضة أن تستقبل سورية مؤتمر المستثمرين العرب بدمشق بعد عامين تماماً من استقبالها المؤتمر الدولي للاستثمار في دير الزور الذي عقد في نفس التاريخ من عام 2008.
والسؤال هنا: ماذا حقق المؤتمر السابق لمصلحة المنطقة الشرقية...؟؟ وهل كسبنا حقاً مستثمرين واستثمارات..؟؟
بدأت علاقتي بذلك المؤتمر عندما كنا في زيارة إلى شبه القارة الهندية حيث دار حديث مطول بيني وبين كل من السيدين: عبد الله الدردري نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية والدكتور تيسير الردّاوي رئيس هيئة تخطيط الدولة آنذاك، وذلك قبل شهر ونصف من المؤتمر، طلب مني الرجلان أن أبذل قصارى جهدي لتأمين التغطية الإعلامية لهذا الحدث الهام.
عدنا إلى دمشق وقضيت معظم وقتي في تلك الفترة أعمل لإنجاح المؤتمر مع فريق عمل يضم الدكتور عارف طرابيشي من قبل برنامج الأمم المتحدة و ثريا إدلبي من هيئة تخطيط الدولة، وعدد كبير من الشخصيات في الهيئة ومحافظة دير الزور.
سافرت عدة مرات قبل وأثناء المؤتمر لمتابعة التحضيرات وأنجزنا حملة إعلامية وإعلانية كبيرة واستطعنا أن نستقطب أكبر حشد إعلامي رغم أن الحدث في محافظة بعيدة.
ولعل من أهم ما استطعنا إنجازه هو إصدار صحيفة يومية تتابع أخبار المؤتمر وكنت أسهر حتى الصباح مع مجموعة من الزملاء والعاملين في صحيفة الفرات حتى يبدأ المؤتمر في صباح اليوم التالي بصحيفة توضع بين يدي الحضور تلخص أحداث اليوم السابع و برنامج اليوم التالي.
تعبنا كثيراً... ولكن النتائج على الصعيد الإعلامي كانت متميزة، حصلت مشادات كثيرة فيما بيننا كفريق عمل نتيجة الضغط وتوتر الأعصاب ولكن الجميع كانوا يعملون بهدف واحد.
حضرت الحكومة بأكملها تقريباً، وأتيح لمعظم المستثمرين أن يلتقوا ويتحادثوا مع رئيس الحكومة والنائب الاقتصادي ومعظم الوزراء ومحافظي المنطقة الشرقية، وشهدت دير الزور حراكاً اقتصادياً وإعلامياً واجتماعياً لم تشهده منذ عقود، بل شهدت حلولاً لمشكلات خدمية "كرمى لعيون المؤتمر".
ربما تذمر البعض من ضعف الخدمات الفندقية نتيجة قدوم أعداد أكبر من الطاقة الاستيعابية لفندق الفرات وشقيقه البادية.
حضر رجال أعمال كبار من سورية ومن الدول العربية، وبعض الدول الأجنبية واستمعوا للوعود المعسولة وخرجوا بأحلام وردية.
تعرف الحضور على إمكانات المنطقة الشرقية، وعلى المدينة الصناعية الجديدة، وحصلت عشرات اجتماعات العمل بين رجال الأعمال والمسؤولين ورجال الأعمال فيما بينهم.
الآن أحاول أن أجد نتائج على أرض الواقع ولكن عبثاً ليس هناك سوى الذكريات، والسؤال لماذا ذهبت كل هذه الجهود والنفقات دون جدوى تقريباً...؟
لقد كانت هناك مشكلة في تحضير المشاريع المطروحة ولم يوفق أي مستثمر في الحصول على مشروع رغب به دون أن تصادفه مشكلات هنا وهناك، سواء تتعلق بالأرض أو بوزارة الري أو بالخدمات أو بأي ذريعة أخرى، والمشكلة الثانية كانت من الفوضى التي أعاقت الاستفادة القصوى الفعالة من ذالك الحشد والمشكلة الثالثة وأعتقد أنها الأهم كانت في انعدام آلية المتابعة فبمجرد انتهاء المؤتمر مضى كل في سبيله، ولم يكن هناك جهة تتولى المتابعة بشكل محدد.
بالنسبة لي كنت أكبر الخاسرين فقد أضعت قرابة الشهرين في العمل والسفر ودفع نفقات السفر والاتصالات حتى الإقامة وفوق ذلك أقنعت السيد نبيل الكزبري بتقديم مبلغ ثلاثة ملايين ليرة لصالح المؤتمر ومحافظة دير الزور في هذه المناسبة، ولكن في النهاية لم يشكرني أحد ولم يدفع أحد نفقاتي أو أتعابي، وربما لم يذكر رئيس المؤتمر الدكتور تيسير الرداوي بعد كلّ ما قمت به سوى أنني "صديق الدردري" وبالتالي لا أستحقّ أن يفعل شيئاً من أجلي...!!
أتذكر ذلك المؤتمر فأشعر بالرضى عما قمت به وأشعر بالأسى على عدم الاستفادة من تلك الفرصة التي أحيت لأيام دير الزور وكان يمكن لها أن تحيي لعقود قادمة المنطقة الشرقية لو أديرت الأمور وتمت متابعتها بشكل أفضل، ومن المهم اليوم ( استخلاص العبر) ..