الخميس 2017-03-02 21:41:53 الفن التشكيلي
الفنان بولس سركو : التشكيل السوري بحاجة لمراجعة مثله الجمالية المكررة

تحمل أعمال التشكيلي بولس سركو في المرحلة الحالية خصوصية في الأسلوب السوريالي الذي يقدمه من حيث المناخات اللونية الحالمة والمحورة لتفاصيل واقعية بطريقة سحرية تأخذ المشاهد لعالم الفنان المتجذر ببيئته البحرية الأوغاريتية والباحث عن الجمال في جزئيات صغيرة.
تغيرت مواضيع لوحات سركو وأسلوبه في مراحل متعددة من تجربته الفنية بما يتلاءم مع التغيرات المحيطة به وعن ذلك يقول في حديث ل سانا الثقافية.

في عام 2002 كنت من بين فنانين قلائل كسروا مقولة الفن للفن فعبرت عن انتفاضة أهلنا في فلسطين المحتلة في معرض بعنوان نجوم الفجر الأسود حيث استخدمت فيه تقنيات الأحبار مع الأكرليك على الكرتون بينما شكلت جماليات الآلات الموسيقية موضوعا لمعرض ايقاعات شكلية الذي أقمته في المجمع الثقافي في أبو ظبي مستخدما الألوان الزيتية على القماش.

وتابع سركو.. في المرحلة الحالية اعتمدت اسلوبا نابعا من جوهر الفن الأوغاريتي وهي مرحلة تتميز بموضوع واحد لكنه متشعب كثيرا حول شاطئ البحر بكل مفرداته وعناصره وما يرافقه من خيالات.

ويتمتع سركو بحرفية لونية خاصة تجعل من لوحته ذات تقنية فنية حداثوية لافتة مع قدرة عالية على خلق تناغم بصري مميز بين ألوانه المغرقة بالفرح وحب الحياة حيث يرى ان اللوحة هي لغته الجمالية التي يعجز لسانه عن نطقها والموجهة لجميع البشر في كل مكان من العالم.

وحول مشروعه الفني الذي يعمل عليه يوضح سركو أنه يعمل على تقديم رؤية معاصرة تجمع الواقع والرمز وترتبط بالتراث الأوغاريتي كمنطلق لرؤية عناصر البيئة الساحلية بما تحويه من نوارس وحوريات بحر وقوارب وحركة الماء والصيادين في معالجة تقترب من السوريالية والتي قطع شوطا كبيرا فيها.

سركو الذي سيصدر له قريبا كتابا في السياسة بعنوان ” نوبة الوحشية النيوليبرالية.. العدوان على سورية” يقول.. إن ما نعيشه منذ ست سنوات هو عدوان إرهابي على سورية وليس مجرد أزمة حيث يتكشف كل يوم المزيد من الوثائق التي تؤكد ذلك بما لا يترك مجالا للشك مبينا أن هذا العدوان ترك آثارا نفسية ومادية بالغة على عمله الفني.

وتابع سركو.. ان عدم الاستسلام ومقاومة كل من يأملون باشاعة اليأس وتعطيل الحياة العامة لدينا وشل المجتمع وتحطيم روح الابداع والتطور فيه لتلبيسه حلة رجعية قسرا والتفرج عليه وهو في حالة من الاستسلام المهين دفعني لمجابهة ذلك والاستمرار في مشروعي الفني والفكري رغم قساوة المشاهد التي تعمدت الفضائيات المعادية ترويجها لتدمي ذاكرتنا.

وعن كتابه حول ما تشهده سورية من عدوان يؤكد سركو أن هذا الكتاب جاء للتعبير عن المأساة السورية وليكون شهادة له أمام التاريخ على الظلم الاستثنائي الذي لحق ببلدنا.

ويرى ابن محافظة اللاذقية ان الحركة التشكيلية السورية بحاجة إلى مراجعة في مثلها الجمالية التي اعتادت عليها في السنوات الأخيرة والتي وضعت هذه الحركة في حالة من الاغتراب الحقيقي عن الحياة الاجتماعية مبينا أن كثيرا من التشكيليين يبتعدون عن التعبير عما يجري في الواقع بسبب شيوع مفهوم الفن للفن وتربعه على كرسي القداسة بحيث يهمش من يخرقه.

ويقول.. إن من المؤسف وصول أغلب أعمال التشكيليين السوريين إلى هذا الوضع المفتقر لحرية الخيار الفني في زمن يدعي أنه حرر الفن والفنان لافتا إلى أن الفنانين كأفراد والمؤسسة الثقافية كذلك مقصرون في تمثل اللحظة التاريخية الحالية والتعبير عن واقع بلدنا خلال العدوان الإرهابي الذي نعيشه موضحا ان استمرار الفنانين بالعطاء الفني وفتح الصالات الفنية أبوابها لاستمرار المعارض هو شكل من ارادة الحياة ولكن ما نحتاجه هو تكريس ثقافة المقاومة بكل الأشكال لمواجهة الارهاب التكفيري وقوى العولمة الثقافية.

ويعبر سركو عن تفاؤله بمستقبل الفن التشكيلي السوري ويختم حديثه بالقول.. إن الركود الحالي في الحركة التشكيلية السورية يعود لضغط الحدث الذي نعيشه والعنف الارهابي وكذلك حالة التكرار والتشابه في الاعمال التي ينتجها أغلب الفنانين ما يوحي بحالة من الاجترار في الرؤى الفنية وهذا لا بد ان يتسبب بالملل ما سيدفع نحو حراك فني جديد ومبشر.

والفنان بولس سركو من مواليد دمشق 1958 تنقل في عدة بلدان اوروبية بين عامي 1980 و1987 حيث عاد لسورية وعاش في قريته التابعة لمحافظة اللاذقية ليمارس الفن والكتابة له عدة مقالات في الصحافة السورية وهو عضو اتحاد التشكيليين السوريين وله العديد من المعارض الفردية والجماعية داخل سورية وخارجها.

جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024