السبت 2017-02-11 20:25:07 اخترنـــا لكـــم
هل يبيع المثقف نفسه لمملكـة الظـلام؟!

إذا كنا كمثقفين –والأغلبية منا- اتفقنا على أن بلداً مثل المهلكة السعودية، هي أس بلاء العرب وخراب أوطانهم، وهي في المقام الأول أكبر وأسوأ بلد عنصري في التاريخ الحديث، تمارس العنصرية من أسفل درجاتها، أي الطائفية، أما عنصرية اللون التي كانت تمارسها أمريكا وأوروبا، وغيرها من أمم العصور القديمة، فقد كانت عنصرية بدائية، ومن الطبيعي لدى البدائيين أن يكون اللون هو الأساس في التفرقة بين الناس، وبالتأكيد مع تطور الحياة، بدأت فكرة العنصرية الشكلية في الانتهاء، ولم يعد هنالك أي فرق بين الأسود والأبيض، وهو ما أشار إليه نبي الإسلام قبل خمسة عشر قرناً في حديثه الشريف «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا لأَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى». لكن مملكة الظلام، تبدأ عنصريتها من الدين إلى الهوية مباشرة، ورغم هذا نفاجأ أن دولا وزعماء يطأطئون رؤوسهم أمام أموال المهلكة البغيضة، ويخضعون لرجعيتها، بدعوى أن كل هذا وارد في عالم السياسة والاقتصاد، نظراً لتشابكات إقليمية ودولية قد تكون مؤثرة. المهم، أن هذا يحدث في كثير من الأحيان في لعبة المصالح المتشابكة والمعقدة بين الدول شرقاً وغرباً، وفي هذا العصر اللعين، قد يكون ما يحدث بين مصر والسعودية–وإن كنت أكره أن تكون مصر تابعة للمهلكة البغيضة لأي سبب– لأسباب كثيرة، أقلها الضغوط الاقتصادية التي تواجهها مصر، فضلا عن العمالة المصرية في المهلكة التي يصل تعدادها إلى عدة ملايين من البشر، وفوق هذا عمالة السعودية للغرب وتنفيذها لأجنداتهم الإقليمية والدولية الشريرة حد الجنون، ولهذا فنحن أحياناً نصمت، أو على الأقل لا نملك أي قدرة على تغيير هذا الواقع الذي تتعامل به بلادنا مع المهلكة السعودية، وإذا كان الأمر كذلك، فإن الفروق كبيرة بين مصلحة الدولة وظروف تعاطيها مع العالم، وبين مصالح بعض الأفراد خصوصاً منهم رجالات العلم والثقافة، فحين يقام مهرجان الجنادرية للتراث الذي يفتتح خلال هذه الفترة، وتقوم المهلكة بدعوة بعض الكتاب والشعراء من هنا وهناك، وجميعهم يعرفون أن هذه الدولة هي التي تموّل الإرهاب في بلادنا، وتقوم بإبادة الشعب اليمني وتمد الإرهاب في سورية والعراق وليبيا ومصر، ورغم هذا يقبلون بدعوتها فوراً، وإذا أردت أن أعرض لبعض الأسماء المختارة فستجدهم من نوع معين ومن أماكن متباينة، ما يشير إلى أن اختيارهم له دلالته، لا لقيمتهم الثقافية والسياسية، ولكن لأنهم يخدمون توجهات المهلكة، ولست هنا متحدثاً عن قرب هؤلاء من المملكة ولهذا قامت بدعوتهم، فهناك غيرهم بلا حصر، يتهافتون على حبات رمل المهلكة وبترولها، وهو الشيء المحزن حقاً، إذ كيف لمثقف أن يقبل أن يكون ذليلاً، إلى حد بيع أنفسهم والوطن بهذا الثمن البخس، ألا يوجد بينهم – ولو واحد وحيد فقط، تدعوه السعودية ويقول بفم ملآن – لا – ناصعة بيضاء من غير سوء، ألا لعنة الله على الظالمين.
كاتب مصري

جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024