الخميس 2016-01-07 11:21:55 كــتب
غادة السمان الأديبة المبدعة… دراسة للكاتب عبد اللطيف الأرناؤوط

يتناول عبد اللطيف الأرناؤوط في كتابه الجديد “غادة السمان الأديبة المبدعة في الثقافة العربية” كتابات امرأة استثنائية في حياتنا الثقافية والأدبية ترتدي ثوب الدهشة والترقب وتسبح في اللامألوف من حياتنا الرتيبة وتحلم بالمستحيل وترفض أن تستريح أو تعترف بالتعب والكسل أو أن تهزمها المتناقضات الكثيرة التي نعيشها في عالم القرية الكونية والأقنعة الزائفة .

ويرى الباحث الدكتور علي القيم في مقدمة الكتاب الذي يحمل الرقم 132 في سلسلة آفاق ثقافية الصادرة عن الهيئة السورية للكتاب أن الكتابة عن أدب وفكر غادة السمان ليست بالأمر السهل لأنها الأكثر شهرة وقدرة على التطور والتجدد والأكثر جرأة وشجاعة .. تشتعل بالحرية وتحلم بالقبض على خارطة الهم العربي ومع ذلك فقد قدم الأرناؤوط دراسة وافية وشاملة وطموحة للولوج إلى عوالم هذه الكاتبة المتمردة على الأقنعة والزيف والرياء من خلال البحث في أعمالها الجديدة كقصص “القمر المربع” التي تندرج في باب الأدب الغرائبي الماورائي واللامعقول.

كما يتناول الأرناؤوط كتاب “رسائل حنين إلى الياسمين” الذي تعبر فيه عن أدق المشاعر الإنسانية الصادقة بأسلوب القصائد النثرية.. و “أنشودة الحب الخالدة” التي يتحقق فيها لغادة معنى الوجود في عذابه حيث تعود الألوان إلى الدنيا بعد أن كانت سوداء رمادية ويعود القلب يركض بين الغابات كغزال صغير متمرد .. وفي “القلب نورس وحيد” تحمل غادة معها جراحاتها النازفة وترحل إلى المدن الغريبة والبعيدة لتعقد معها صداقات حميمة تحثها على أن تبوح لها بأسرارها التي تستعصي على البوح.

وفي “عاشقة في محبرة” تفتح غادة السمان دروبا جديدة للابداع في مستوى المضمون والشكل الشعري فتجهد لتطويع اللغة الشعرية للنفاذ إلى الأعماق وتحميلها طاقات إيحائية هائلة دون أن يعتريها الإرهاق أو الهبوط .. أما في “البحر يحاكم السمكة” فتقوم باستجواب نفسها حول سيرتها الذاتية وحول الرجل وقضايا أدبية متفرقة لتتابع بما يشبه سيرتها الشخصية في “الرواية المستحيلة” بينما تمتزج في “شهوة الأجنحة” الحقيقة بالفنتازيا لنصل إلى روايتها الجديدة “سهرة تنكرية للموتى” التي تعد استكمالا لرحلتها مع الواقع اللبناني بعد الحرب وما أفرزته من آثار نفسية واجتماعية جديدة .

ويبوب الأرناؤوط كتابه حسب الموضوعات التي تناولتها غادة بدءا من أدب الرحلات إلى مسيرتها الذاتية إلى الجنس وتحرير المرأة والرجل إلى القضايا الأدبية ورعشة الحرية .. ثم يتناول موضوع الشعر عند السمان وتجربة الكتابة بأسلوب قصيدة النثر لما فيه من طواعية ومرونة تسعف قلمها في التعبير عن أدق المشاعر الإنسانية.

ولا يغفل الكاتب رؤية غادة السمان للعالم ولمدينتها دمشق التي تقول فيها.. أحب ضجيجك في لحظة الصمت وثرثرة سكوتك..وأجد في زلزالك استقراري..ولأن الفراق هو اللقاء اليومي لنا..حضورك مفاجأة دائمة .

وبعين الناقد يتحدث الأرناؤوط عن الإفراط في الاستعارة والمجاز في قصائد غادة وعن الجديد الذي أضافته إلى دواوينها السابقة من يأس وإحباط وحزن ساكن في القلب منتقلا إلى أدب القصة والرواية والخاطرة والمقالة عند الأديبة الكبيرة .

وباختصار يضم الكتاب الواقع في 240 صفحة قراءات وفق رؤية تبرز الانتماء الوطني والقومي للكاتبة السمان وما ينتج عن هذا الانتماء من هموم اجتماعية وقضايا تخص تحرر المرأة من منظور قومي وإنساني عام .

جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024