الثلاثاء 2015-12-15 04:47:45 الفن التشكيلي
الفنان التشكيلي غازي كاسوح.. جمالية التكوين النحتي

اعتبر الفيسلوف أفلاطون أن النحت تاريخ قائم بحد ذاته لا يمكن التلاعب به أما الشاعر الفرزدق فراه هاجساً من الموت ولكن عند النحات غازي كاسوح يشكل “رسالة تحد لواقع مأزوم” يحتاج إلى نافذة يتنفس عبرها الصعداء.11

يقول النحات كاسوح خلال حديث مع سانا “الشكل الفني للمنحوتة هو نوع من الحدس أو الرؤية الداخلية للسطح يقوم بها الفنان بطريقة تخيلية والذي عادة ما يستقر في مركز ثقل الكتلة القائمة أمامه وتحت إرشاد هذا الحدس الابداعي للنحات يتحول الحجر ببطء من حالة وجود ذاتي مفترض إلى حالة مثالية من حالات الوجود”.

ويبين الفنان السوري الذي انتخبه زملاؤه مؤخرا لعضوية المكتب التنفيذي في اتحاد الفنانين التشكيليين أن الإحساس بالجمال يتحقق عندما نستطيع أن نتذوق الوحدة في العلاقات الشكلية ما بين الأشياء والأشكال التي تدركها حواسنا مشيرا إلى أن التكوين النحتي يكون منظومة العلاقات الشكلية والبنائية المترابطة هندسياً بين المادة وأسلوب تشكلها وينجز العمل عندما يبلغ الشكل مرحلة اكتماله.

أما عن الوسيلة التي يرتبط عبرها المتلقي بالعمل النحتي فهي كما يوضح كاسوح تتشكل عبر التداعيات الذهنية التي تحدث أثناء خلق بنية التكوين النحتي وتشكله هي التي توجد المسافة بين النحات والمتلقي العادي مبينا أن هذه التداعيات هي المصدر الأهم للتباين والاختلاف العنيف بين الفنان وهذا المتلقي.

ويقدم كاسوح مقاربة لنظرة المتلقي في كثير من الأحيان للعمل النحتي وبينما يكون النحات يعتصر ألما في التشكيل وصياغة منظومة العلاقات التشكيلية منطقياً يفاجأ بشخص يجهل الكثير من أسرار تلك العملية التشكيلية لينظر من فوق كتف النحات نحو المنحوتة وينطق بتلك العبارة البغيضة “ولكن لا زالت الملامح تختلف كثيراً عن ملامح أمي .. ” حسبما يرويها لنا بول كلي.12

وللفضاء في المنحوتة وظيفته حسب النحات كاسوح والذي يوفر بدوره المساحات التي تتلاءم مع نظم العلاقات الشكلية داخل التشكيل النحتي لتحقيق الشد الفضائي والعمق من خلال التنظيم المتباين للأجزاء داخل البنية الكلية للمنحوتة.

الفنان التشكيلي غازي كاسوح الذي شارك مؤخرا بعمل نصبي في ملتقى طرطوس ام الشهداء مر خلال ممارسته لفن النحت بعدة مراحل من الواقعية إلى الواقعية التعبيرية إلى التعبيرية إلى التعبيرية التجريدية حيث حاول عبر عمله في ملتقى طرطوس تلخيص واختزال مفهوم الشهادة حيث يقوم جسد التراب ناهضاً إلى روح الضوء.

وحول المحترف التشكيلي السوري يبين النحات انه مر بمراحل زمنية متعددة وأفرز وجوهاً وأسماء كثيرة فيقول ” إذا كان لنا أن نؤرخ لبدايات المحترف النحتي والتشكيلي الحديث فإنه يعود تقريباً إلى بدايات القرن الماضي ونقصد هنا المحترف النحتي الحديث أما النحت السوري فإنه يعود إلى آلاف السنين مع بزوغ فجر الحضارات الإنسانية الأولى وللإشارة إن لفظة سورية مأخوذة من لفظة /سور إيا/ والتي تعني فيما تعنيه.. أي أرض الالهة” معتبرا أن التصوير يتفوق على النحت كمنجز إبداعي وفي المشهد التشكيلي السوري حاليا.

وعن المشهد الثقافي السوري اليوم يقول.. ” لا شك أن الأزمة التي يمر بها الوطن والمتمثلة بالحرب الكونية على أرضه وتراثه فرضت سلبياتها على كامل الحياة السورية اليومية على كل الصعد بعد أربع سنوات من الحرب الخارجية وبهذه الشراسة ومع استخدام أساليب التزوير والتضليل اللاأخلاقية”مؤكدا أن إيمان أبناء هذا الوطن بترابه هو الذي رسخ عقيدة الصمود وجذر الانتماء لحضارته بشكل أكبر وأكثر وعياً مع ضرورة أن يتحمل الفنان والمثقف السوري أعباء إعادة صياغة الفكر المكون لمجتمعنا.13

وحول ظاهرة كثرة ملتقيات النحت مؤخرا أشار إلى أن كثرة عدد الملتقيات ليس دليلاً كافياً على تطور فن النحت في هذا البلد أو ذاك أما حول النحت النصبي والدور الذي يؤديه الفنان في هذا النحت ودور المؤسسة الرسمية فأجاب بالقول.. “يرتبط العمل النصبي بالماضي والحاضر والمستقبل بوصفه رمزاً حضارياً ثقافياً وفكرياً يختزل ثقافة وحضارة ووعي الشعب فالنصب التذكارية ظاهرة ترافق الإنسان منذ القديم وتبدلت أدوارها ومضامينها حتى وصلت إلى العصر الحديث مع التأكيد على ارتباطها بالحدث الإنساني كما أنها ترافقنا في كل مكان في الحديقة والشارع وأمام المؤسسات الحكومية والأندية والجامعة والمدرسة”.

الفنان التشكيلي غازي كاسوح من مواليد 1972 حاصل على إجازة في الفنون الجميلة مشارك في معظم المعارض والمهرجانات الجماعية الرسمية السورية وفي عدد كبير من المعارض الخاصة داخل سورية وفي عدد من الملتقيات النحتية كما قام بتنفيذ أعمال الديكور لعدد من البرامج والأعمال الدرامية السورية له مقتنيات في سورية وفرنسا وروسيا والإمارات والكويت ولبنان وله عمل نصبي مسجل في السجل العالمي للنصب التذكارية والأوابد بمتحف الميتروبوليتان بنيويورك منذ 2005.

جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024