الأحد 2015-10-18 14:18:23 أدبيات
في خطوطها المتعرجة.. مشـــــــــــغولة بالهــــــــــــم و الوجـــــــــــــع الإنســــــــــــاني

تقف الكاتبة سلافة عبد العزيز كف الغزال في خطوطها المتعرجة ضمن مجموعتها القصصية عند حكايات من واقعنا الذي نتنفس من خلاله تفاصيل حياتنا بحلوها ومرها، بلحظاتها السعيدة تارة والحزينة في أحيان أخرى.‏ويظهر ضمن قصصها هذا الانتماء الواضح والصريح للواقعية بعيدا عن التخيل، ربما لأن الواقع أصعب من الخيال لذلك نجد أن أغلب قصص المجموعة تأخذ من الحدث اليومي والتجربة الذاتية المعيشة، وقصص ربما عايشها أناس من محيطها أوقد تكون سمعتها أوالتقطتها أذنها من هنا وهناك، كل ذلك بعين ترصد وتلتقط وتصور ثم تقوم بنقل الحدث دون محاولة للإغراق في الصور والتشابيه والغوص في الأحداث، بل تترك كل شيء يسير بتلقائية كما الحكاية الأصلية، تقول في قصتها «تقاعد من الحياة»:‏

«بدأت حالة من الاكتئاب تتسرب إلى حياة ابي نزار، بسبب شعوره بالعزلة عن المجتمع نوعا ما والفراغ المفاجئ الذي دخل حياته، بعد أن كان معتادا على قضاء معظم نهاره في العمل، فاستنتج أن التقاعد ليس كما كان يظنه بداية للراحة بعد شقاء طويل، بل كان بداية لتعب من نوع آخر....».‏

وفي قصصها ضمن مجموعة «خطوط متعرجة» نرى الكاتبة تعمد إلى جعل النهايات مقنعة حسب رؤيتها تضمنها عبرة وتأملا تجعل المتلقي يقف أمامها لحظات تفكر واسقاط تلك الاحداث على حياته اليومية.‏

وتسعى الكاتبة إلى رصد بعض المظاهر السلبية في المجتمع فتقوم بنقدها بصراحة وجرأة دون اللجوء إلى الترميز أواستخدام تقنية القناع، لقناعتها أن الخلل يجب أن يشار إليه بصراحة دون تمويه أولف ودوران كما في قصتها «خطوط متعرجة» تقول:‏

«عندما ترين شابا تافها يتنقل من فتاة لأخرى مستغلا نمط حياتنا الشرقية، بأن للشاب الحرية الكاملة، وللفتاة الكبت الكامل، يكون هذا خطا متعرجا من خطوط الحياة المستمرة بحلوها ومرها، وعندما ينفق أحدهم في سهرة واحدة ما يعادل راتب 10 أشخاص لمدة شهر كامل وغيره لا يستطيع اطعام أولاده، يكون هذا خطا متعرجا من خطوط الحياة المستمرة بحلوها ومرها...».‏

ولوجال المتلقي ضمن القصص في هذه المجموعة التي هي باكورة أعمال الكاتبة، فإنه يجد أنها مستمدة من الواقع بكل تفاصيله، فهي قصص مشغولة بالهم والوجع الانساني، فهي تحكي وجع الناس على اختلاف شرائحهم وأعمارهم وقضاياهم وتقف عند الكثير من المواضيع الانسانية والمواقف الاجتماعية كما في قصتها «فاتك القطار» التي تحكي فيها عن العنوسة وكم هي قضية شائكة تعاني منها الفتاة وتؤرق الأهل، تقول:‏

«هم البنات للممات، هذه هي الجملة التي نخرت أم لارا بها رأس ابنتها التي تجاوزت الثانية والثلاثين من عمرها ولم تتزوج بعد.... ما كان يسبب حزنا عميقا في قلب لارا وكأنها المذنبة بتأخر زواجها... ».‏

والملاحظ بأن الكاتبة تعمد في أسلوبها إلى طريقة الحكاية والقص وتكون هي الراوي الأوحد في جميع حكاياتها، ولا تترك فرصة لشخصيات قصصها أن تعبر عن نفسها، بل هي تروي حكاياتهم وتنقل أحاسيسهم للقارئ لتصل إلى الغاية المرجوة منها، بأسلوب سهل وبسيط يتقبلها المتلقي مهما تفاوتت ثقافته لأنها لا تغرق بتعابير صعبة أوألفاظ جزلة بل تستمد عباراتها من واقعها الحي حتى لنظن أنفسنا أننا في سهرة ونستمع إلى تلك الحكايات التي تفرحنا نهاياتها تارة وتأخذنا إلى عالم الحزن في نهايات أخرى.‏

إذا المجموعة القصصية «خطوط متعرجة» هي مشاهد ترصد الهموم والأوجاع الانسانية التي هي هموم الجميع تنقلها إلى القارئ ربما لتقول له جميعنا في هذا العالم نعيش الحياة بحلوها ومرها وستبقى هناك خطوط متعرجة، ولكن علينا أن نسعى نحوالعالم الأفضل بما أوتينا من ارادة وصبر وعزيمة.‏ 

جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024