الأحد 2015-06-07 03:34:37 أدبيات
ذوقان قرقوط.. مسيرة نضال فكري لن يمحوها الرحيل

تبقى القامات الفكرية والعلمية صروحا شاهدة على مر العصور ويبقى أصحابها منارة نسترشد بها الطريق وننهل منها المعرفة أحد هؤلاء المفكر السوري الدكتور ذوقان قرقوط الذي رحل قبل أيام عن عمر يناهز ال98 ليسجل حتى أخر سطر في حياته مسيرة نضال فكري وقومي تاركا العديد من المؤلفات والدراسات الغنية والرائدة على مستوى الوطن العربي بأكمله.sana.sy

قرقوط ابن قرية ذيبين في محافظة السويداء كان الطالب المثالي والمحب للعلم الذي قصد دروبه مشيا على الأقدام فكان يمشي من قريته إلى المدينة ليواصل طلب العلم وهو السوري الوطني والقومي الذي رفض على الملأ أن يتسلم جائزة التفوق الدراسي من يد ضابط الاحتلال الفرنسي وهو من انتهج في شبابه فكر المقاومة والقضية الفلسطينية فساهم بجمع التبرعات وإرسالها إلى لجان مختصة لشراء السلاح لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي بعد نكبة عام 1948.

في عام 1944 قبل قرقوط في جامعة القاهرة قسم التاريخ لتبدأ بذلك رحلته لخوض غمار العلم من أوسع أبوابه ثم عمل في السفارة السورية بمصر ليلتقي بصديق الدراسة الشاعر السوري الكبير نزار قباني وبعد إنهاء دراسته عاد قرقوط إلى محافظته السويداء عام 1954 ليعين فيها مديرا للتربية حيث عرف خلال هذه الفترة بعطائه وقدرته على الادارة والاصلاح .

قرقوط القومي الوحدوي الذي يفتخر بأنه عاش في زمن الوحدة بين سورية ومصر واجه ضغوطات سياسية عديدة بعد الانفصال جعلته يعود إلى مصر ليعمل فيها ويتابع دراساته العليا حيث حصل على شهادة الماجستير عام 1971 بعنوان “تطور الفكرة العربية بمصر” وفي عام 1974 نال درجة الدكتوراه بعنوان تطور الحركة الوطنية في سورية من عام 1920-1939 ليعود بعد خمس سنوات إلى دمشق استاذا في قسم التاريخ بجامعتها.

بعد التقاعد لازم قرقوط طاولته المنثورة بالورق الأصفر الذي لم يبرح يخزن عليه مشاهداته السياسية والتاريخية والفكرية ويدون مذكرات حياته الحافلة بالأحداث المرتبطة بحقب تاريخية مهمة في ذاكرتنا العربية إضافة إلى العديد من المقالات والدراسات التي بقي يبحث فيها حتى أيامه الأخيرة .

اتسم قرقوط بسعيه الحثيث وراء المعرفة فكان رغم سنه المتقدم يصر على استحضار أدق الذكريات والأحداث التي واجهته خلال رحلته العلمية كما كان حريصا على التواجد بين أفراد أسرته وقادرا على توزيع الاهتمام والمحبة بين كافة أفراد أسرته.

الوقت لم يسعف المفكر الكبير ذوقان قرقوط لاستكمال التقاطاته المعرفية ورؤاه التاريخية وهو فعلا ما كان يخافه حين قال في حديث سابق لسانا: ما أود كتابته الآن بعد هذه السنين هو أن أصيغ حياتي كلها من جديد أجمع لقطاتها وأربطها ببعضها وأظهر خفاياها فهناك جمل تحتاج إلى كتب ولا أعرف إن كنت سألحق ذلك فلدي الكثير والوقت قليل.

والدكتور ذوقان قرقوط عضو جمعية البحوث والدراسات في اتحاد الكتاب العرب ويتجاوز عدد أعماله الستين مؤلفاً تتراوح بين الكتب المترجمة والكتب التي قام بتأليفها ومنها المذاهب الكبرى في التاريخ من كونفوشيوس إلى توينبي والأسطورة والحقيقة في التاريخ العربي الحديث والمشروع القومي الذي لم يتم، وفي تكوين الأمة العربية كما ترجم العديد من الكتب العالمية منها من نهب العالم الثالث وابن الفقير والثورة الثقافية الصينية والعالم الثالث في الاقتصاد العالمي وفي العقد الاجتماعي لجان جاك روسو وليس في رصيف الأزهار من يجيب .

جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024