الخميس 2015-04-02 17:51:01 أدبيات
نبي الشعر.. مجموعة جديدة للشاعر وائل أبو يزبك

 

نبي الشعر مجموعة شعرية صادرة عن دار ليندا تقع في 119 صفحة من القطع المتوسط للشاعر وائل أبو يزبك تضمنت عددا من القصائد المتنوعة في معانيها والتي غلب عليها عبق دمشق وقاسيون وعبير الحب كما تجلت العاطفة مشبوبة وواضحة كدلالة هامة على موهبة الشاعر.

ومن خلال دمشق أراد الشاعر أن يعود إلى التاريخ ليجدد شكل الانتماء للوطن معتبرا أن الشام والشعر هما رمز بقاء ووجود كوني خالد فقال في قصيدته حوار مع دمشق ..

قالوا دمشق توالت فوقها ألقا .. كواكب الشعر من أبراجها تقد

ألقى عليها أمير الشعر بردته .. عند الأصيل فبثته الذي تجد

يهفو الجمال إليها وهي مسرفة .. ويشتهي مقلتيها وهي تقتصد.

وفي فضاء دمشق يحلق الشاعر حد التصوف ليمارس طقسا إنسانيا وعاطفيا ووجدانيا مضمخا بدلالات حبه لدمشق التي لا يغلبها جمال عنده فاشتدت معانيه لتكون نسيجا رصينا من الشعر العريق الذي تجلت فيه الأصالة والمعاصرة وقوة الدباجة وانعتاق الألفاظ الفريدة القادرة على اشعال الذاكرة وإيقاظ العاطفة كقوله في قصيدة نبي الشعر..

خذي من كل عارمة الطماح .. وهات نشوة الأدب القراح

أنا ظمئ فما يغري بياني .. سوى قبل على شفة الصباح

أنا يا شام ما ألقيت سيفي .. ولا قومت من وهن رماحي

وتربطه عاطفة حب بالسويداء دفعته لانتقاء روي وقافية يتلاءمان مع حالات الشوق وبراعة الوصف ليكون النص الشعري ملائما لأرض أصيلة وطيبة مرت عليها الحضارات وتنوع في مغانيها الجمال ثم كان البحر الوافر مستوعبا لكل ما أراده من ألق على اتساع مداه فقال في قصيدة سويداء القلوب..

لشمسك حين أيقظها صباح .. رطيب الظل محفوف الطيوب

تجر على مساحبه خطاها .. الوئيدات ونين من الوثوب

وتصعد فوق مرتفع ظليل .. وتسقط خلف منعرج خلوب.

وفي مجموعة الشاعر أبو يزبك غزل صريح مليء بعبير الشوق لمدينة طرطوس فبدى الإعجاب واضحا من تفوق القصيدة على أغلب قريناتها في الديوان فكانت أكثر انسيابا وأشد تأنقا وتألقا في انتقاء مكوناتها وألفاظها وحلتها القشيبة حيث قال في قصيدة طرطوس ما بيننا البحر..

هات قوافيك من كأس الهوى الثمل .. يا فتنة البحر يا أنشودة

الغزل يا موطن السحر قد أوفى على قمر .. نشوان يرفل في سفحيك

مكتمل طرطوس زرتك محمولا على حلم .. كما زيارة مشتاق على عجل.

وواضح أن الحب لم يتمكن من تخفيف جلجلة الألفاظ في نفس الشاعر أبو يزبك فكانت المكونات اللفظية غالبة على موضوع الشعر الغزلي مما خفف من حدة العاطفة المألوفة في مواضيع الغزل والتي اتجهت بالشاعر إلى حروف قاسية استخدمها في روي القصائد فغلب عليها الحماس والعنفوان وشدة الحضور كقوله في قصيدة زائرة بين الحقيقة والخيال..

يامن كتبت إليك الشعر قافية .. خضرا تنثر منها العطر والعبقا

سمراء كم نسمة من ثغرنا سرقت .. ومطمح عذب من دهرنا سرقا

كنت المداد لشعر أستفيء به .. وكنت قافيتي والحبر والورقا.

وثمة نصوص شعرية تشي بحضور موهبة أخاذة تفرض وجود شاعر على الساحة الثقافية بات فيها الشعر يشكو من هروب فرسانه ومن نضوب بحوره فوصلت بعض تلك القصائد إلى قدرة فائقة في مكوناتها وعاطفتها وحضورها ودقة اتقاء إيحاءاتها كقصيدة على ضفتي حلم التي جاء فيها ..

تهاوى الليل واصطخبت رياح .. وأهوت تحت وطأتها قلاع

ورفرف في سماءك ألف نجم .. وأورقت الفيافي والبقاع

اقتصرت النصوص الشعرية عند وائل أبو يزبك على أسلوب الشطرين كما تميزت بوجود الفاظ تصل إلى بعض الغرابة والتي تحتاج إلى اللجوء لمعاجم اللغة كما اختلف اندفاع الخط البياني للعاطفة بين القصائد وغلب حب البلدات في سورية على أي حب آخر تماما كما كان للبحر الوافر حضور أكثر أهمية في أعز القصائد على وجدانه.

جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024