الأربعاء 2011-03-23 15:34:52 مراكز ثقافية
" الآلهة والإنسان في جبل العرب بالعصور القديمة " محاضرة للمؤرخ الآثاري الفرنسي" موريس سارتر " في ثقافي السويداء

سيريانديز – فريال أبو فخر
بالتعاون مع فرع السويداء لجمعية العاديات وضمن نشاطات مديرية الثقافة بالسويداء ألقى المؤرخ الآثاري الفرنسي " موريس سارتر " محاضرة بعنوان " الآلهة والإنسان في جبل العرب في العصور القديمة " في صالة المركز الثقافي في السويداء، حيث أدار هذه المحاضرة الأستاذ كمال الشوفاني وقام بالترجمة الأستاذ حسن حاطوم . سيريانديز كان هناك وتابع هذه الفعالية التي تحدث فيها المؤرخ عن أن اليونانيين استطاعوا بفضل عبقريتهم الفذة التأثير على الشعوب الأخرى وجعلت أفكارهم تتقارب من الفكر اليوناني إلى درجة جعلتهم ينقشون لغتهم على الحجارة لتكون تكريساً للمعابد والمنازل والكنائس والقبور والمشاريع الاقتصادية والأبنية المدنية ، وتسجيلاً للذكريات الإجتماعية وتثبيت الحدود بين المدن والقرى . ويحتوي متحف السويداء العديد منها ، وهناك أعداد كبيرة منها منتشرة في مختلف المواقع والمباني الأثرية والحديثة نذكر على سبيل المثال لا الحصر : في المعبد النبطي في السويداء هناك بعض الكتابات المكرسة لبناء هذا المعبد خلال القرنين الأول ق.م والأول الميلادي على شرف الإله النبطي " ذو الشراة " . وعلى قاعدة أحد أعمدة الكنيسة الكبرى في السويداء والتي يعود تاريخها للقرن السادس الميلادي ، هناك كتابة أعيد استخدامها في هذا المبنى تفيد : ( الى زوس المنقذ ، والملهم لانطيوخوس بن ديوميد ، منقذ الهالكين من البحر العاتي ) ويعتبر هذا مثالاً للقوى التي كان يتمتع بها الإله زوس والتي جعلت الملك السلوقي انطيوخوس يكرس هذه الكتابة له في أحد المعابد الوثنية . وهناك كتابة أخرى من نفس الفترة عبارة عن إهداء على مذبح نذرى حيث قسمه الأوسط مزخرف بتزيينات نباتية (الكرمة) وقسمه الأعلى (التاج) يحمل إهداء يفيد أن: ( مقدم الإهداء جندي كان قد توصل إلى رتبة عالية يرفع الشكر للإله ، وهي مجلوبة من المعبد الشهير في سيع ومهداة إلى الإله (ذو الشراة) أو (بعل شامين) . وكتابة كانت قد جلبت من مركز عسكري في عريقه زمن الاحتلال الفرنسي ، منقوشة على قاعدة بشكل مذبح ارتفاعه (40سم ) وعرضه 25سم موجودة الآن في متحف السويداء تفيد: ( لحسن الطالع عندما حدثت ضربة الصاعقة أوسوس بن آميلاش كان ممجداً عام 120). وتدل هذه الكتابة أن (أوسوس ) أصبح شهيداً بضربة الصاعقة أي الإله ، واعتبرت كإهداء على مذبح نذري للإله زوس إله السموات، وكان سكان المنطقة العرب يعتبرون الإله ( بعل شامين ) إله السموات كالإله زوس اليوناني وجوبيتر الروماني ، كتابة أخرى استخدمت في أحد منازل السويداء فوق نافذة إحدى غرف الطابق الأول وتتكون من أربعة أسطر وتقول : ( النوم يتملكك أيها السعيد ، ياسابينوس الالهي، ستعيش كما الأبطال ولن تموت أبداً ، ستعيش راقداً في القبر حبا تحت الأشجار ، لأن نفوس الورعين ستعيش خالدة). وهذه معروضة حالياً في متحف السويداء ، وتفيد خلود الروح والعدالة الإلهية). وهناك كتابة أخرى موجودة أيضاً في المتحف ، مصدرها من شقا (ماكسيميانوبوليس ) .تفيد: (باسوس بن أكوريوس، تلقى الأفراح أيام الازدهار، والأحزان أيام المحن ، استقبليه وأطفاله وزوجه الفاضلة في مقر نفوس الأموات ، أيتها الحورية الموقرة ، وادخلي أرواحهم هناك حيث يحكم رادامانت الأشقر ) وكتابة أخرى في المتحف أيضاً تفيد بروكلس أيها الخطيب والفيلسوف الشهير في كل بلاد اليونان ، الذي عاش شريفاً و وري التراب تحت هذا البناء ، الذي كان مخصصاً باسمه لاتيكوس الذي أسلم الروح في أثينا المشهورة ).
وأضاف المحاضر أما قرية سيع التاريخية على بعد 2كم جنوب شرق قنوات، فهي موقع حصين تحيط به الأسوار العالية، وله أبواب لا يزال الباب الشرقي واضحاً، وقد بنى الأنباط ضمن الموقع من الغرب معبدين عام 33ق.م، لم يتبق منهما سوى معبد نبطي كبير يعد أكبر مكان مقدس معروف في جنوب سورية، يرجع إلى العصرين الهيلينستي والروماني، وهو مكرس للإله بعل شامين كبير الآلهة المحلي وقد أنجز بناؤه في نهاية القرن الأول قبل الميلاد. كما عثر على تمثال برونزي صغير الحجم يمثل إله الأطفال المصري هيبوكرات، وتم العثور على عدد من الأشكال المنحوتة التي تمثل أشكالاً مجسمة لأشخاص كانت محفوظة في بناء روماني، وكذلك أجزاء من لوحة برونزية ولقى معدنية صغيرة ولقى فخارية من القرن الخامس، واكتشاف 201 قطعة من المنحوتات والكتابات، بالإضافة إلى عدد من الآبار النبعية مازال يستخدمها السكان حتى اليوم، وبقايا أبراج متفرقة استعملت معابد في عصر الأنباط وعدد كبير من المقابر.


وهكذا نجد أن الحصاد وافر جداً، وكان المجال فسيحاُ أمام علماء الآثار والمؤرخين الذين وجدوا في منطقة جبل العرب حقلهم العلمي ومصدرهم لاستقاء الفائدة، ومنارة تهدي الأجيال المتعاقبة ومنجزات حضارية جليلة بتطور الفنون والعبادات والآداب لدى السلف والأجداد.
ومن الجدير ذكره أن البروفسور موريس سارتر هو أستاذ التاريخ القديم في جامعة تور في فرنسا، مختص بتاريخ الشرق وبلدان البحر الأبيض المتوسط من اليونان حتى مصر بعد غزو الإسكندر لتلك البلاد، ألف مجموعة من الكتب عن تلك البلدان منها آسيا الصغرى والأناضول من الإسكندر إلى دقيانوس، الأناضول الهلينيستية، تاريخ الإغريق، أما الكتب المؤلفة عن سورية : من الإسكندر إلى زنوبيا وسورية القديمة، يعيش الآن في سورية ولمدة سنتين حيث يعمل هو وزوجته آن سارتر على دراسة النقوش الإغريقية واللآتينية جنوب سورية، ويكتب حالياً مجلداً عن جبل العرب وقد شارك في الندوة الدولية لتاريخ محافظة السويداء وآثارها عام 1990 ببحث بعنوان انتجاع الكلأ والإقتصاد الرعوي في سورية الجنوبية، كما شارك بتأليف كتاب ( حوران 1 ) ببحث بعنوان السكان والتطور في حوران القديمة على ضوء النقوش والكتابات اليونانية واللآتينية .

جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024