الأحد 2010-11-21 06:31:32 موســيقا
عبد الله سعد كفيف من طرطوس يعلم الموسيقا ويغني ويعزف على آلة العود
بعزيمة وإرادة قوية شق طريقه نحو الإبداع الفني وتخطى حواجز إعاقته والمحن والصعوبات التي وقفت في وجهه ليكون مغنيا وعازفا على العود ومن ثم معلما للموسيقا هذا حال الفنان الكفيف عبد الله سعد من منطقة الدريكيش بطرطوس الذي يعيش في النور من خلال عشقه وحبه للغناء والموسيقا.
ومنذ صغره شكلت له آلة العود رمزا للأمل والحياة وسبيلا للتغلب على ظروف إعاقته التي اصيب بها في عمر الخامسة عشرة إثر مرض مزمن أفقده البصر ولم يتمكن الأطباء من إعادة النور إلى عينه لكن آلة العود اعادت الامل والتفاؤل إلى قلبه.
ويوضح سعد أن تعلمه على الة العود جاء من اندفاع ذاتي فهو من قرية ريفية بسيطة وكان والداه يعملان في الارض بشكل دائم ففي التاسعة من عمره حيث كان يعاني من ضعف شديد في الرؤية بدأ العزف على آلة العود إلى جانب شراء بعض الكتب لتعليم الموسيقا من خلال مصروفه البسيط لتعزيز موهبته إلى ان فقد بصره فبدأ بالتدرب بشكل سماعي واستطاع بشكل ملفت للنظر اتقان العزف.
ويروى سعد بدايات عمله في الموسيقا من خلال الحفلات وأعياد الميلاد معتمدا على معارفه وعندما بلغ سن الثامنة عشرة بدأ الناس يسمعون باسمه وذلك من خلال مشاركته في الكثير من الحفلات والمهرجانات المحلية مشيرا إلى أن مشاركته في سن السادسة عشرة في مهرجان الشبيبة في منطقة الدريكيش وبحضور اكثر من 1500 شخص شكلت نقطة تحول في حياته حيث دعاه أحد العازفين الكبار وهو أحمد اسماعيل الذي اعجب بموهبته إلى دمشق وعرفه على كبار العازفين والموسيقيين الذين بدورهم ابدوا اعجابهم بصوته الجميل وعلموه الكثير في مجال الموسيقا والغناء خلال الجلسات والأمسيات الموسيقية.
ويشير سعد إلى أنه لم يتوقف عند تعلم العزف فقط بل دفعه حبه للآلات الموسيقية إلى تعلم حرفة صيانة الآلات الموسيقية وإضافة المقامات الشرقية إليها لأن معظم الآلات تستورد من الخارج ومزودة بمقامات غربية فقط.
ويعكف الفنان سعد خلال هذه الفترة على تعليم الموسيقا للمكفوفين من خلال دورات موسيقية يقيمها بالتعاون مع مديرية الثقافة في طرطوس بهدف صقل شخصية المكفوفين وتقويتها وتأهيلهم وتغيير نظرة المجتمع إليهم. 20101121-105044.jpg
ولفت سعد إلى أنه يعمل على تطبيق كل ما تلقاه من تعليم وخبرة عملية من خلال دورات موسيقية بالرغم من الصعوبات التي يواجهها مؤكدا أنها ضرورية وهي تبدأ باكتشاف المواهب الاستثنائية ومن ثم ينتقل إلى دروس خاصة تتضمن تعليمهم العزف على إحدى الآلات الموسيقية أو الغناء وكتابة وقراءة النوتة عن طريق نظام بريل.
ويؤمن سعد الذي يجيد العزف إلى جانب الغناء أشد الإيمان بقدرة الموسيقا العلاجية والنفسية والروحية ناهيك عن مفعولها الساحر في تهذيب الإنسان وتفعيله اجتماعيا لذلك يكرس لها جل وقته ويعطي طلبته ما يحتاجونه حتى يدعمهم في مجال الموسيقا ويضعهم على الطريق الصحيح في المسيرة الموسيقية الأكاديمية لمن يرغب في ذلك.
ويعد سعد من المؤسسين لجمعية البراءة لرعاية المكفوفين في المحافظة والتي استطاعات خلال فترة وجيزة من الزمن اثبات نفسها وتضم 65 مكفوفا ومكفوفة من جميع مناطق وقرى محافظة طرطوس.
يقول سعد ان هدف الجمعية التي تأسست عام 2009 مساعدة المكفوفين بكافة المجالات الصحية والاجتماعية والتعليمية والثقافية ودمجهم في المجتمع من خلال تأمين فرص عمل مناسبة لهم ودعم عملية تعليمهم من خلال تأمين وسائط تعليمية مناسبة لهم إضافة إلى تأمين النشاطات الرياضية والترفيهية المناسبة.
وتقدم الجمعية حاليا خدمات متعددة لـ 60 مكفوفا وتقيم حاليا دورات تدريبية على لغة بريل بالإضافة إلى إقامة معارض للفن التشكيلي كما تقدم إعانات شهرية ثابتة وتساعد الطلاب الجامعيين المكفوفين على تقديم كافة مستلزمات الدراسة وتساهم بتقديم الرعاية إضافة إلى المحاضرات الصحية التي يحاضر فيها أطباء ومتخصصون في مجال الرعاية الاجتماعية والصحية.‏‏
بدوره أشار علي بلال مدير الثقافة بطرطوس إلى اعجابه بالموهبة التي يتمتع بها الفنان عبد الله سعد فهو من الأمثلة الجلية والمميزة لكثير من المعوقين فقد استطاع بفضل موهبته الواضحة إنجاز الكثير من الأعمال المميزة مضيفا أن سعد يتميز بتعاطفه مع المكفوفين من خلال سعيه الدؤوب بالتعاون مع المديرية لتفعيل دمجهم وتأهيلهم في المجتمع.
جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024