من مهرجان القاهرة التجريبي وجائزة أفضل إخراج، إلى خشبة المسرح الدائري في المعهد العالي للفنون المسرحية، تعود فرقة كون لتقديم عروض مسرحية «الدون كيشوت» الآن، بعد انطلاقة العام الماضي ضمن احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية 2008.
توصف عروض فرقة كون بشكل عام بالـ»show»، بما تعنيه الكلمة من معنى. فحضور اللعبة المسرحية أمرٌ مهمٌ جداً بالنسبة لها لتحقيق مصطلح الـ»show».
وضمن البحث في آلية تحقيق ما تُوصف به، نجد خلطاً مكثفاً للموسيقا، مع الأداء التمثيلي، مع الزمن، والمكان المقدم حيّزاً لفضاء اللعب.
تدخل المسرح، وتبدأ اللعبة المسرحية بكشف أوراقها أمامك، مقدمةً حكاية كانت قد كُتبت في القرن التاسع عشر.. تشاركهم في عصرنة الأحداث، بعد أن قدَّموها لك عبر تفاصيل متعدّدة. ومع كثرة التفاصيل وكثرة عناصر المسرحة، تدخل اللعبة المقدمة بميكس لأدوات العرض المسرحي من موسيقا وفرجة وكسر إيهام ولعبة خيال الظل وغيرها من الحلول الإخراجية. عن هذا الخلط يقول المخرج أسامة حلال: «هذه طريقة عمل فرقة كون، وليس الهدف تشتيت المشاهد، بل على العكس نحن لا نعمل (تبني)، فهناك دائماً مسافة بين الشخصية والممثل. الحلول التي تتعلق بالتفاصيل الإخراجية والموسيقا وجميع العناصر من وجهة نظري إجبارية. المشكلة أننا اعتدنا على المسرح من خلال عروض تقوم على كتلة ديكورية وممثل ونص. وبالتالي نحن غير معتادين على اللعب والتفاصيل. أعود لأقول: كلّ حل إخراجي كان ضرورة للعرض، وطريقة عملنا هي اللعب والفرجة والخيال». وبطريقة مباشرة، وفق التناص المقدم عبر آلية التعامل مع رواية ثربانتس، يقدِّم كفاح الخوص رؤية لـ»الدونكيشوت السوري»؛ من خلال إخضاع مفاهيم الفروسية والبطولة لظروف تتناسب مع تطورات وأزمات ومشاكل الزمن الحديث والبطل الحديث. أما الوهم فهو وهم مضاعف؛ فطواحين الهواء التي كانت تمثل لدونكيشوت «ثربانتس» فرساناً تريد مقارعته، تمثّل لدونكيشوت اليوم أشباحاً قادمة لالتهام العالم، ليصبح كلّ من الفقر والجوع والمرض والتخلف عدواً جديداً لفرسان العصر.
وعن حيّز اللعب المستخدم يقول المخرج: «حيّز اللعب عبارة عن «بوديوم» لعرض أزياء. ففكرة عرض الأزياء قائمة على شخص ينتقل من نقطة إلى أخرى، وبالتالي يعبر زمناً. وفكرة الدونكيشوت قائمة على الرحلة والانتقال من نقطة إلى أخرى؛ فالزمن يمضي.. وعندما أتعامل مع الديكور أتعامل معه كغرض مسرحي. وهنا يكمن الاختلاف».
وهنا لا بُدَّ لنا من الإشارة إلى طريقة التعامل مع هذا «البوديوم»، الذي استخدم بتفاصيل متعددة وبأكثر من حيّز. فاستثمار حيّز اللعب تمَّ بشكل بصري ضمن اقتراحات المخرج لحلوله الإخراجية التي تتحكم بمصير هذا «الدون كيشوت». هذه الحلول نفَّذها كل من شادي علي ومحمد شباط؛ من خلال إغلاق مستمر لأغطية المنصة الحمراء المشدودة بحبل (لينا الأحمد)، أو من خلال إطلاق الرماح السلكية الرشيقة إلى جسد وروح الدون كيشوت.
بطاقة العمل
«الدون كيشوت» لفرقة "كون" المسرحية، تأليف: كفاح الخوص- سينوغرافيا وإخراج: أسامة حلال- الممثلون: معن عبد الحق، جلال الطويل، لينا أحمد، شادي علي، محمد شباط.. بالإضافة إلى فرقة أحمد الخطيب للمولوية.
تصميم إضاءة: زكريا طيان- تصميم أزياء: خالد طيان- ديكور وتقنيات: محمد عزت فواز- تأليف موسيقا: خالد عمران.
الموسيقيون المشاركون: جورج أورو، نزار عمران، محد نامق، ميزر بقدلية، مجد شحيد، عامر دهبر.
الجوقة: مكسيم أبو دياب، حيان أرشيد، زينة أفتيموس، ميرنا قسيس.
تستعدُّ فرقة كون حالياً لعرض «روميو وجولييت» لويليم شكسبير، وستقدمه العام القادم على طريقتها في تكسير الحكاية والبداية بالزمن و سيكون العرض «show».
من أعمال فرقة كون: «عطريقك» 2002، «فقاعة» 2003، «مسج» 2005-2006، «حكاية علاء الدين» 2007، «جثة على الرصيف» 2008، «كون ستيشن» 2008-2009.
