سيريانديز فن وثقافة – نور ملحم
بعد مشوار فنّي طويل شارك خلاله في العديد من المسرحيات والأفلام والمسلسلات التلفزيونية السورية، إضافة إلى عمل الدبلجة للكبار والصغار، الفنان القدير محمد خرماشو يتذكره جمهوره عادة بأدواره التلفزيونية الناجحة، كتلك التي أداها في مسلسلات تاريخية مثل: "حمام القيشاني" و"الخوالي" و"أخوة التراب" و"هوى بحري" و"الهروب الصعب" و"السنوات العجاف"، "البركان"، "حد السيف" و"باب الحارة" بأجزائه الأربعة، "شام شريف"، "الخطوات الصعبة"، "هوى بحري"، "طيبون جداً" والعديد من الأعمال الأخرى.
البدايات
الفنان القدير والمحبوب محمد خرماشو "أبو حسن" تحدث لـ"سيريانديز فن وثقافة" قائلاً: في صغري لم أكن شاطراً في المدرسة، وكنت شقياً جداً، وأقوم بتقليد مدرسيَّ وأصدقائي حتى قال لي أحد المدرسين إنني سوف أصبح ممثلاً في المستقبل.
وفي المدرسة شاركت في مسرحية "الأم" وفي مسرح الشبيبة في اللاذقية قدمت مسرحية جسدت فيها دور ابن الشهيد، وعندما انتهيت من العرض لاحظت أن عيني والدي قد دمعت وقال لي: لقد أحسست بأنني شهيد حقاً، ومن بعدها انتقلت إلى المسرح الجوال، وكان كل شيء مجرد لعبة أستمتع بها من خلال التصفيق والضحك، وبعدها أصبح عملي الذي أحبه وأقدره بعد انتقالي للمسرح القومي، رغم أدواري الصغيرة، ولكن كانت بالنسبة لي مميزة ورائعة، كان لدي رغبة كبيرة في دخول المعهد العالي للتمثيل، وحاولت بجميع الوسائل ولكن دون فائدة، والسبب في ذلك أن عمري يزيد ثلاث سنوات عن العمر المطلوب للمعهد، ولكني أعتبر الكتب التي قرأتها ومازلت أقرأها علمي وثقافتي التي بدأت من المسرح، وأنا أعشق المسرح عشقاً لا يوصف، حتى أنني أتمنى أن أقوم بآخر دور لي في التمثيل على المسرح، وأموت على خشبة المسرح.
الصبر مفتاح الفرج
وأضاف خرماشو: لدي تجربة في الإخراج المسرحي في مسرحية "اللاذقية عام 1900" تحدثنا فيها عن اللاذقية ولواء الأسكندرون والمناطق الأخرى الموجودة في اللاذقية، أما مسرحية "الصبر مفتاح الفرج" فماذا أصف أو أقول لك؟!.. لأن حالي لا يحسد فيها أبداً، أستطيع القول هي الفرح والحزن والحب والبكاء في الوقت ذاته، وذلك من خلال الفصل الذي حصل معي، بأن شاباً بعث لي نصاً مسرحياً يريد نيل الموافقة عليه، وأنا عملت على أن أجلب له الموافقة من مديرة المسارح دون أن أقرأ النص، وإذ أتفاجأ بالاتصالات والتساؤلات حول المسرحية التي نشرت إعلاناتها في اللاذقية: مسرحية "الصبر مفتاح الفرج" من بطولة وإخراج الفنان محمد خرماشو.. وأنا ليست لدي أي معلومة عن الموضوع، فنزلت إلى اللاذقية وشاهدت الإعلانات، وعندما التقيت بالشاب وبعد عناء للوصول إليه، برر عمله هذا بأنني أستحق بطولة هذه المسرحية، وأن لا أحد سيخرجها غيري.. أخذت النص - أو الذي يسمى نصاً- حاولت التصحيح فيه، وعملنا المسرحية، والمضحك أن المسرحية نالت النجاح وعرضت في المحافظات الأخرى، وبالنسبة للإخراج والتمثيل، فقد درست من خلال الدورات التي شارك فيها الكثير من الشباب الذين أصبحوا معروفين في الوقت الحاضر.
التلفزيون
خرماشو: التلفاز حرامي كبير سرق جميع الممثلين وأنا واحد منهم، ولكنه بالمقابل يقدم الممثل لكل الناس، وأهم شي عند الممثل هو الشهرة، صحيح أن التلفاز لم يقدم لي شيئاً، وحتى نقابة الفنانين لم أستفد منها، فقط أدفع الاشتراكات لها.
وعن دور "أبو حسن" قال خرماشو: هو ليس بالدور المهم، ولكنه كشخصية يعتبر رائعاً ومميزاً، فهو يمثل المقاومة والشخص الذي نذر نفسه من أجل الحرية والجهاد، هو من ثوار الغوطة، ولكن بقناعتي الشخص هو الذي يصنع شهرته في أي مجال كان يعمل به، ولكن يوجد كثيرون "مع عدم ذكر الأسماء" ممن لم يصنعوا أنفسهم، بل وجدوا من يصنعهم ويقدمهم على طبق من ذهب، وتجدهم يظهرون في البرامج والمسلسلات والمنوعات، كذلك هناك الكثيرين من الفنانين الموهوبين وذوي الكفاءة، ولكن للأسف لم يأخذوا فرصتهم حتى ولو كان بدور بسيط مميز، حكموا عليهم من الخارج فقط، وربما الجاذبية يكون لها دور في ذلك، مثال الفنان تيم الحسن أقول حتى لو لم يكن جميلاً سوف ينجح، لأنه فنان بمعنى الكلمة، وهو لم يعتمد على شكله فقط، بل من خلال التنوع، وعلى كل فنان التنوع بالأدوار حتى لا يكون عمله مثل الآلة، يعمل تاريخي وكوميدي وأطفال وسياسي ودراما ومسرح حتى ينجح ولا يمل الناس من أدائه، ونحن اليوم نشاهد الكثير من المسلسلات التي تعرض على الفضائيات، ونلاحظ التشابه بينها، وذلك بسبب الغيرة التي تحدث بينهم، مثل الفتاة عندما تقص شعرها وتصبغ اللون الأشقر نرى أصدقاءها بالوسط جميعهم قلدوها.
السينما
خرماشو: عملت في القطاع العام في فيلم "بقايا صور" وفي القطاع الخاص، وأقول: ليتني لم أعمل فيها.. وأتمنى أن يصبح لدينا سينما تنمو مع أجيال اليوم وتكبر وتصبح عالمية، وأنا أميز من الفنانين العرب الفنان المصري نور الشريف، ومن الكتّاب: صديقي الكاتب الكبير فؤاد حميرة ولهم التحية والتقدير.
باباي
كذلك فقد تميز الفنان القدير محمد خرماشو بصوته الإذاعي الذي ينسيك همك، فمن لا يتذكر البرنامج الإذاعي "مشوار مع عمو أبو حسن" الذي جعل الطفل يتعرف على معالم وآثار سورية كلها، من خلال الخيال بطريقة تعبيره البسيطة رغم معاناته من الرقابة الشديدة، أوحتى سهرة إذاعية، ومن لا يذكر "باباي" القوي الذي يتناول السبانخ فقط، بصوته الرنان، والكثير من الشخصيات الكرتونية الأخرى.
الدوبلاج
عن الدوبلاج قال الفنان محمد خرماشو: الدوبلاج أصعب عمل على الإطلاق، لدي أكثر من 4000 ساعة دوبلاج للأطفال، هذا غير المسلسلات التركية والأجنبية، وهو عبارة عن مساعدة للأشخاص الذين لا يستطيعون القراءة،لأن المشاهد أحياناً لا يستطيع مشاهدة الفيلم والقراءة , ومهما ظهرت مسلسلات تركية وأجنبية فأنها لا تؤثر على الدراما السورية أبداً.
في المنزل
"عمو أبو حسن" يبقى حتى الآن الهاوي للفن، يحلم بالدور الذي يعمله، يتعرف الناس على شخصيته الحقيقة الممزوجة بين المرح والجد والقوة والحنين، والأهم من كل شيء: محبته للناس ومحبة الناس له التي يعتبرها تكريماً له في دنياه الجميلة. وعندما يدخل الفنان خرماشو إلى منزله المتواضع، ينسى هموم العمل وترتسم البسمة على شفتيه من جديد، ليقابل زوجته التي يحبها والتي كان الفضل لزواجه منها لأمه الحنونة وعمه محمود إسماعيل، وأولاده الثلاثة: ابنته حنان بالنسبة له الصديقة والأم، والبنت الصغيرة والوحيدة "علق ضاحكاً عندما سألناه: ماذا كانت ردة فعل أهلك عندما علموا أنك سوف تعمل فناناً وقال: أمي لم تشجعني ولم تمنعني من ذلك ولكن قالت لي: "انتبه يا بني بيحكو عليك الناس"... وبالمقابل الحب والحنان يعطي الدافع إلى الأمام نحو العمل، وأنا أدخل منزلي من أجل الراحة من مشاكل الخارج وهمومه، أجمل شيء لدي الفرح والحزن الله يبعده عنا، والضحك أعتبره إشراقة شمس ليوم جديد، والحلم لو لم نحلم لما استطعنا الاستمرار.
