السبت 2018-07-28 10:42:04 المعارض و المؤتمرات
حكاية عريقة لمعرض شغل المنطقة اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً

سيريانديز

تاريخ عريق حافل بالذاكرة المتعلقة بالمكان والزمان والإنجاز والإبداع على المستوى المحلي والإقليمي جسده معرض دمشق الدولي على مر السنوات الممتدة من 1954 وحتى عام 2011 ليستريح بعدها 5 سنوات مراعاة لظروف استثنائية مرت على سورية لكنها بالمقابل شكلت دافعاً فاق التوقعات فعاد معرض دمشق الدولي عام 2017 رغم قساوة الحرب كأكبر تظاهرة اقتصادية واجتماعية وفنية وثقافية شهدتها سورية في أصعب ظروفها.

درة معارض الشرق الأوسط ونافذة الاقتصاد السوري على العالم بدأ منذ العام الفائت انطلاقة جديدة غير قابلة للتوقف بل هي انطلاقة متسارعة من حيث زيادة التألق والإنجاز وما ينتظر الدورة القادمة من المعرض “المقرر إقامتها في السادس من أيلول القادم ولغاية الـ 15 منه” من زيادة في عدد الدول المشاركة والشركات والفعاليات والأنشطة وبالتالي زيادة المساحة المخصصة لأجنحة المعرض خير دليل على التطور والدعم الذي تحظى به الدورة الحالية ولا سيما بعد الانتصارات الكبيرة للجيش العربي السوري على الإرهاب في دمشق وريفها ودرعا والقنيطرة.

وانطلاقاً من أهمية هذا الحدث الكبير تعيد سانا في مقالات متتالية نشر كل ما يتعلق بالمعرض من حيث الأماكن التي أقيم فيها والنتائج التي أفرزها لتبقى معلوماته ذاكرة متجددة لكل السوريين.

وسط دمشق الانطلاقة الأولى للمعرض

البداية كانت مع المرسوم رقم 14 لعام 1953 الذي نص على إقامة دورة واحدة لمعرض دمشق الدولي وأقيمت فعليا على أرض الواقع عام 1954 ونظرا لما حققته من نجاحات وفوائد تقرر إقامة المعرض بصورة دائمة بموجب القانون رقم 40 لعام 1955 والذي تضمن إحداث مديرية لمعرض دمشق الدولي ويانصيب خاص به.

على إثر ذلك تمركزت فعاليات المعرض وسط دمشق في المنطقة الممتدة من جسر فيكتوريا ومتحف دمشق الوطني حتى ساحة الأمويين بمحاذاة نهر بردى وكان المعرض محاطاً بمساحات خضراء ومجسمات ونوافير مائية وأعمدة عالية تحمل أعلام الدول المشاركة بالإضافة إلى وجود قوس معماري مميز أمام مدخل المعرض يعود بناؤه إلى 1935 ميلادي.

وفي مطلع الستينيات صنع الفنانون السوريون نصباً تذكاريا للسيف الدمشقي في ساحة الأمويين وسط العاصمة دمشق كرمز لقوة المدينة ومنعتها فكان لهذا النصب واجهتان واسعتان متقابلتان من البلاستيك الملون حيث تطل الواجهة الغربية على ساحة الأمويين نفسها بينما تطل الواجهة الشرقية منه على باب معرض دمشق الدولي وشكل علامة مميزة لزوار المعرض.

وبذلك أقيمت الدورة الأولى من المعرض في الأول من أيلول عام 1954 واستمرت مدة شهر كامل على مساحة قدرها 250 ألف متر مربع وفاق عدد زواره آنذاك “مليون زائر” من مختلف الدول وشاركت في الدورة الأولى 26 دولة عربية وأجنبية إضافة الى عدد من المؤسسات والشركات الصناعية والتجارية السورية.

أرشيف المعرض يوثق ازدياد أعداد المشاركين والعارضين والزوار

رافق فعاليات المعرض على مر دوراته إصدار “طوابع ولوغو خاص” بكل دورة شكلت بمجملها الهوية البصرية للمعرض إضافة إلى حفلات موسيقية وعروض فنية لأهم الفرق الفنية العربية والعالمية وعمالقة الفن العربي وذلك ضمن مسرح المعرض للفنون ما نتج عنه ازدياد ملحوظ على مر السنوات في عدد المشاركين والعارضين والزوار وهو ما وثقه أرشيف المعرض.

ووصل عدد الدول المشاركة عام 1956 إلى 30 دولة وفي الستينيات بلغ 43 دولة مشاركة ليزداد العدد إلى 51 دولة عام 1977 و في الثمانينيات بلغ ذروته في عام 1986 بـ 63 دولة مشاركة وفي عام 2004 وصل العدد إلى 55 دولة ورغم تعرض سورية لحرب إرهابية منذ بدء عام 2011 إلا أن المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية استمرت بإقامة الدورة الـ 58 لمعرض دمشق الدولي في ذلك العام وكان عدد الدول المشاركة فيه 22 دولة رغم محاولات أعداء سورية قطع علاقاتها الاقتصادية مع دول العالم.

وبالنسبة لعدد الزوار فقد بلغ في الدورة الأولى من المعرض مليون زائر ليصل إلى مليوني زائر عام 1973 و3 ملايين زائر في العام الذي يليه أي عام 1974 مستمراً بالتزايد حتى آخر دورات انعقاد المعرض عام 2011.

الانتقال إلى مدينة المعارض الجديدة

مع عدم استيعاب المكان القديم للمعرض للأعداد المتزايدة من المشاركين والزوار كان لا بد من مكان جديد يوفر مساحات أكبر فتم بناء “مدينة المعارض الجديدة” على طريق مطار دمشق الدولي وفق أفضل المعايير الدولية وجهزت بأحدث نظم التكنولوجيا وتجهيزات المعارض العالمية وبذلك كانت آنذاك أكبر مدن المعارض في الشرق الأوسط وتستطيع احتضان عدة معارض في آن واحد.

وافتتحت المدينة الجديدة للمعارض في الثالث من أيلول لعام 2003 وكان الافتتاح متزامناً مع الاحتفال بالعيد الذهبي لمعرض دمشق الدولي وإقامة فعالياته على أرض المدينة الجديدة التي تقع في الجهة الجنوبية الشرقية من مدينة دمشق وتبلغ مساحتها مليونا و200 ألف متر مربع مع تخصيص خمس بوابات خارجية للسيارات وعشر بوابات داخلية لدخول الزوار.

إعادة افتتاح وتأهيل المدينة بعد انقطاع 5 سنوات 

نتيجة الحرب الإرهابية التي تتعرض لها سورية تضررت العديد من المنشآت والمؤسسات الخدمية ومنها مدينة المعارض التي أصر كادر مؤسسة مديرية المعارض بالتعاون مع مختلف الورشات والشركات التابعة للوزارات على إعادة تأهيلها لتستعيد ألقها مع إقامة الدورة الـ 59 من معرض دمشق الدولي العام الفائت وبالفعل كانت أشهر قليلة كفيلة بإظهار إرادة السوريين على إعادة الألق والفرح لحياتهم من خلال تجهيز المدينة واستضافتها أعدادا هائلة من الزوار تحدثت عنها الكثير من وسائل الإعلام في المنطقة والعالم.

الصيانة وإعادة التأهيل شملت كل أجزاء المدينة التي تعادل بمساحتها ثلاثة عشر ضعفا لمدينة المعرض القديمة وسط دمشق حيث تتكون من صالات وأجنحة للعرض وقاعات الاجتماعات والندوات وتتمركز مساحات العرض المبني على 83 ألف متر مربع والعرض المكشوف 150 ألف متر مربع إلى جانب مباني الخدمات والإدارة وكوات للمصارف ومركز إطفاء وآخر للإذاعة ومبان أمنية ومركز لرجال الأعمال على مساحة 2725 مترا مربعا ومركز إعلامي على مساحة 2725 مترا مربعا أما المساحات الخضراء فتمتد على 350 ألف متر مربع ومواقف للسيارات بمساحة 11 ألف متر مربع تتسع لـ 1800 سيارة.

اقتران معرض دمشق الدولي بسحب اليانصيب

عندما صدر القانون رقم 40 لعام 1955 القاضي بإحداث مديرية معرض دمشق الدولي تضمن تكليفها إصدار يانصيب دوري خاص بالمعرض حيث وفق القانون آنذاك يصدق نظام اليانصيب بمرسوم بناء على اقتراح وزير الاقتصاد الوطني آنذاك ويفتح حساب خاص خارج موازنة المعرض لكل إصدار من إصدارات يانصيب المعرض تقيد فيه إيرادات حاصل مبيع أوراق اليانصيب وتسجل فيه مصروفات قيمة الجوائز وسائر النفقات ويصفى حساب كل إصدار بعد مضي أربعة أشهر من تاريخ كل سحب وتؤخذ إيراداته الصافية إلى موازنة المديرية العامة للمعرض وتم وضع نظام خاص باليانصيب تضبط فيه جميع مراحل إعداد الإصدارات والسحوبات والصرف والتصفية لهذه الإصدارات ولجنة مراجعة عمليات السحب.

وطرأ على اليانصيب عبر سنين انعقاد المعرض تطور ملحوظ من حيث نوع الورق الذي تطبع عليه البطاقات وقيمة الجوائز وعددها وتسمية الإصدارات وطريقة السحب والتوزيع.

المعرض ملتقى للعائلة السورية

شكل معرض دمشق الدولي على المستوى الاجتماعي ملتقى للعائلة السورية وطقساً من طقوس أفراحهم التي يذكرونها في أحاديثهم اليومية ولأبنائهم وأحفادهم فلا تكاد تخلو عائلة سورية من فرد زار معرض دمشق الدولي لمرات عديدة وقضى فيه العديد من سهرات المرح وحفلات الغناء والمسرحيات مع العائلة أو الأصدقاء.. والإقبال الشعبي المحلي الذي شهدته الدورة الماضية من معرض دمشق الدولي وما سببه من ازدحام في الطرقات لساعات متأخرة من الليل يظهر مدى تعطش السوريين لذكرياتهم وأفراحهم في هذا الحدث السنوي الكبير.

ليس غريبا على السوريين ما حققه معرض دمشق الدولي الذي وفر مكاناً سورياً مميزاً لمشاركات عربية وأجنبية على مستوى المنطقة ومظهراً اجتماعياً وشعبياً مهماً لإحياء أفراح السوريين في الماضي والحاضر ومنبراً فنياً وثقافياً للمثقفين والفنانين السوريين والعرب في كل عام.

كل ذلك يستدعي من مختلف وسائلنا الإعلامية التذكير بكل ما يتعلق بهذا المعرض كونه يشكل مجدداً “انتصاراً سورياً” على مرأى الجميع.

 

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024