الأربعاء 2016-06-08 13:21:03 من اللاذقية
خير جليسِ محاضرة للباحث بيلونة بدار الأسد باللاذقيّة

سيريانديز – مكتب اللاذقيّة – دونيز الورعة

ألقى الباحث في علم الاجتماع السياسي وعضو اتحاد كتّاب العرب د. عدنان بيلونة ، محاضرة بدار الأسد للثقافة باللاذقيّة، ظهر أمس، بعنوان (خيرُ جليسِ ) بحضور العديد من الشخصيات الثقافيّة.

د.بيلونة بدأ محاضرته بالحديث عن أهميّة الكتاب في التراث العربي مبيّناً  حزنه على واقع الحال في عصرنا اليوم، فمن يرصد المشهد الثقافي العرب يرى التقصير واضحاً في مجالات ثقافيّة شتّى لا حصر لها وعلى رأسها الترجمة والتأليف وطرح سؤالاً في غاية الأهميّة : لِمَ هذا التقصير وما هي أسبابه؟ وأكدّ بيلونة أنّ الإجابة عن هذا السؤال ضرورة ملّحة لهذه المرحلة التي نعيش حلكتها في كلّ أبعادها وعلى رأسها البعد الثقافي الذي يصقل العقل ويهذّب الروح وينقي الوجدان الذاتي والوطني والقومي من ملوّثات العصر وموبقات الجهل والتخلّف والخنوع للرغبات المريضة التي تودي بأصحابها إلى الكسل الفكريّ.

بيلونة اقتبس من تراث الماضي أقوالٌ وحِكمٌ وعِبر تؤكد أنّ أجدادنا ربطوا القراءة بأهمّ ما يشمخ بأنفسهم ويثبّت بين الأنام مكانتهم إذ ربطوها بالفروسيّة فلا فروسيّة لجاهل ولا جهل بين الفرسان وأشار الباحث إلى إنّ أصحاب المعلّقات الذهبيّة على جدار الكعبة كانوا فرساناً امتطوا صهوة المجد بمعلّقاتهم قبل أن يمتطوا صهوة أفراسهم.

كما بيّن بيلونة لمحات تاريخيّة حول  المأمون واليعقوبي والوافد وابن عباد وموسوعات إخوان الصفا للدلالة والتأكيد أنّ أمتنا العربية كان لها حضارتها وهويتها الثقافيّة التي أثّرت بحضارات العصور الوسيطة وتأثّرت بها حيث كانت أوروبا تغرق في ظلماتها ثّم ما لبثت أن أسّست حضارتها على أنقاض حضارة العرب ونقلت عنها كلّ ما أبدعه العرب في الطب والهندسة والرياضيات والفلسفة وغيرها من العلوم وهذا ما يؤكده معظم المستشرقين الأجانب.

وختم بيلونة محاضرته بالحديث عن أوغاريت وأهميّتها الثقافيّة مؤكداً أنّ الأوغاريتيين كانوا مثقفين يهتمون بكلّ فنون الآداب والدين فضلاً عن العلوم الانسانية الأخرى مستشهداً بأقوال البروفيسور الكسندر ستيبتشيفتش في كتابه ( أوغاريت).

في مداخلات عديدة للحضور، وإن كان خجولاً، تحاوروا فيها حول تسمية الكتاب وأنواع الورق الذي استخدم في الكتابة منذ آلاف السنين، وحول مجلدات ياقوت الحموي وأهميّتها، وأكد الحضور على أنّ أهميّة الكتاب تأتي من نوعيته والمعلومات التي توجد فيه فيما شدّد الشاعر غسّان حنا في مداخلته أنّه علينا التمييز بين تاريخ العربي القديم وبين تاريخ العربي الحديث وقال : نحن لسنا مقصّرين إذا ما طبقنا ( دورة الحضارة ) فما من أمّة استأثرت بالحضارة دون غيرها من الأمم، فالحضارة قطار ينتقل من قارة لأخرى ومن شعب لشعب يحمل معه حين ينتقل أغلى النفائس وأعلى القيم الثقافيّة والفكريّة والعلميّة لكي يُغني بها الشعوب الأخرى، وللتذكير فقط تعتمد الحضارة الاوروبية  في جامعاتها على الحضارة العربية  حتى اليوم وحين دخل هولاكو الى بغداد عاصمة الدنيا في العلم والأدب قام بحرق كلّ مكتباتها بما فيها من كتب.

سيريانديز حاورت الدكتور بيلونة عقب المحاضرة وسألت عن أهداف المحاضرة فأجاب: التحفيز للقراءة والتركيز على أنّ العرب كانوا يقرؤون ويألفون وينشرون مؤلفاتهم، ففي تقرير صادر عن منظمة الثقافة العالمية ( اليونيسكو) لعام 2001 ذُكِرَ فيه أنّ مجموع ما ألفه العرب وما ترجموه منذ عهد المأمون حتى تاريخ صدور القرار لا يساوي ما ألفته وترجمته اسبانيا خلال عام واحد، لدينا قلّة في الانتاج الثقافي في الوطن العربي، له أسبابه الذاتية أو الموضوعيّة أو الاجتماعيّة  والاقتصاديّة و الأنظمة الحاكمة ربما تكون السبب أيضاً ما أدى  إلى قلّة في التأليف وفي انتشار الكتاب العربي، اللافت للنظر أنّنا نجد مؤلفاتنا مترجمة عن طريق الباحثين المستشرقين للغات أجنبيّة عديدة بينما نحن لم نفكر أن نستفيد من كتبنا ولا أحد يقرأها.

وتابع بيلونة، منذ سقوط بغداد عام 1258 والعرب في تدهور وانحدار ثقافي متتالي،  نحنُ نُحارَب في ثقافتنا وفكرنا وفي عروبتنا والحروب اليوم على سورية والوطن العربي تؤثر على الواقع الثقافي وعلى المثقفين والقرّاء والمبدعين في هذا المجال.

وحول سؤال عن حريّة الكتابة والرقابة قال بيلونة: حين توجد حريّة الكتابة  السياسيّة وحرية الرأي وحرية الفكر والمعتقد وتمارس على أرض الواقع مع صيانة حقوق الانسان  حينها فقط الكاتب يُبدع، أنا أؤمن أنّ ثقافة العرب كانت وستكون جزء من الثقافة العالميّة لا على هامشها أو في حواشيها المهملة.

 

 

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024