الخميس 2013-12-26 02:30:44 صحافة وإعلام
الإرهاب والقاطرة الأميركية..!!
عـــلي قــاســـــــم

تعكس الأبواق الإعلامية والأصوات المبحوحة من خلفها واقعاً لا يمكن أن تخطئه العين في ردة الفعل على ما يجري تحديداً في حلب، وقد افتتحت السباق الخارجية الأميركية لتلحق بها أفواج مرتزقتها التي وجدت فيه مضماراً إضافياً لمزيد من الصراخ والعويل وهي تتوه على مفارق الخطاب الأميركي المتعرج.

ليست المرة الأولى التي يكون فيها موقف الخارجية الأميركية استجابة عملية للاستغاثات التي تعلو من قبل الإرهابيين والمرتزقة، وليست المرة الوحيدة التي تكون بيانات الدبلوماسية الأميركية قاطرة تسحب خلفها -كما تدفع أمامها- مواقف تلك الحفنة من غلاة الكذب التي اعتادت أن تعتاش على النفاق الأميركي، لكن أيضاً تسجل في السياق ذاته سابقة خطيرة لا تقتصر على ما تحتويه من أوامر عملياتية واجبة التنفيذ وملزمة الطاعة، على قاعدة أن الحديث الأميركي يشكل إشارة البدء لأي تصعيد سواء كان في الإعلام أم في السياسة أم على الأرض.‏

لم نسمع البيانات الأميركية عن المجازر الوحشية، ولا عن كل الارتكابات التي تمارسها العصابات الإرهابية ومرتزقة المال الخليجي، ولم تندفع دبلوماسيتها في التعبير عن هلعها مما تُقدم عليه تلك التنظيمات التكفيرية، والتي انتزعت إدانات ممن لم يكن بوارد الإدانة، لكننا سمعنا استجداء لتلك التنظيمات كي تقبل التحدث إلى الأميركيين، وشهدنا لهاثاً خلفها من أجل أن تكون الورقة الأميركية لقلب الطاولة في جنيف.‏

لا نعتقد أن المسألة تحتاج إلى محاججة كي نتبين خيوط السواد فيها، أو نتلمس مساحات الاختلاط القائمة في الالتواء الأميركي حيال مشهد التطورات، حيث بدت مكرورة في السياق ذاته منذ بداية الأحداث وحتى اليوم وهي تقدم المقاربة ذاتها، فكلما ضاق الخناق على المرتزقة والإرهابيين يعلو الصوت الأميركي دون مقدمات، وتندفع الدبلوماسية الأميركية في حياكة مشهد يتقاطع مع الانعطافات التكتيكية التي تقدم عليها تبعاً للمستجدات وطبيعتها واتجاهها.‏

على هذا المسار يمكن التقاط مجموعة من الخيوط المتشابكة في ذروة العمل وماهيته ودرجة التحرك من خلاله، وما يعكسه من نيات مبيتة تجاه الموقف السياسي الذي ننتظر تصديراً مزدوجاً له وعلى دفعات، من خلال المحاولة المحمومة لتعديل مسار الانتباه من جهة، والعمل على تمرير صورة كاذبة ومضللة عن الوقائع من جهة ثانية.‏

فالموقف الأميركي جاء بعد حدثين منفصلين ومتصلين في الآن ذاته: الأول كان في مجلس الأمن، والثاني بعد الطلب الأميركي من دول المنطقة عدم السماح بدخول الإرهابيين من داعش والنصرة، في دلالة واضحة على السياق الذي تريد من خلاله واشنطن أن تقدم مقارباتها على أعتاب الفشل في الاتفاق على الدول المشاركة في المؤتمر الدولي، وهي مدفوعة بالأساس بأصوات التنظيمات الإرهابية التي سبقتها وقد أعلنت استغاثتها من الضربات الموجعة التي تلقّتها على يد الجيش العربي السوري في حلب ومحيطها، وهنا تبدو نقطة الاتصال الفعلية بين الحدثين على خلفية المحاكاة الأميركية لأجندات المرحلة المقبلة التي تواجه مأزق تآكل الرصيد المتبقي ليكون مجرد أثر بعد عين.‏

لسنا بوارد الحديث عن المفارقة في الموقف الأميركي، والاستفاضة في شرح خطاب النفاق الذي تتبناه إدارة الرئيس أوباما، لكن من البديهي أن تكون العودة إلى الإسهاب في الاستدلال على التمسك به حتى إشعار آخر معياراً لماهية السلوك في الأيام الفاصلة عن الاستحقاق الدولي القادم، وأميركا تخسر أوراقها بالجملة والمفرق، وبيانات خارجيتها ومواقف دبلوماسيتها ليست أكثر من نفخ في قاع لا مستقر له.‏

فما اعتادت عليه سيبقى كذلك، مع فارق أن التطورات والمستجدات التي لا تتوافق مع أشرعة الأميركي تدفع به دائماً إلى الجنوح أكثر وإلى المزيد من النفاق، واستغاثات مرتزقته وانهيار تنظيماتهم سواء بالاستبدال الأميركي المباشر أو من خلال فقدان السيطرة غير المباشرة، أو عبر انتهاء الصلاحية، تضيف إلى السلوك الأميركي تعرجات إضافية ستعكسها هلوسة دبلوماسية لن تتوقف عند حدود انجراف القاطرة الأميركية تحت ضغط التقاطع في الانهيارات من الأدوات التي تصارع فضائح فسادها، أو تلك التي تواجه خطر انزلاقها في أتون الصراع على الخلافة، أو من وجدت نفسها خارج سكة القاطرة الأميركية.‏

a.ka667@yahoo.com ‏‏

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024