الإثنين 2007-07-02 02:25:20 أخبار المال والمصارف
أزمة إسكان وليست مشكلة سكن

منذ سنوات ونحن نشهد فجوة كبيرة بين العرض والطلب في سوق الاسكان نتيجة ارتفاع معدلات النمو السكاني والحاجة المستمرة  إلى توفير مساكن جديدة تلبي رغبات الشريحة الأكبر من المواطنين.‏

وقد وصل الأمر إلى ما يشبه حالة اليأس لدى الكثيرين من امكانية ايجاد حل لمشكلة اساسية تشكل تحديا أمام الحكومة وأمام كافة القطاعات المعنية بمسألة

الاسكان والسكن.‏

فبعد تراكم المشكلات وكثرة العراقيل والصعوبات في وجه التعاون السكني عمت الفوضى سوق العقارات ولجأ الناس إلى مناطق السكن العشوائي

للحصول على مسكن بأسرع الطرق وأقلها تكلفة.‏

وكان للتأخير الذي حصل في انجاز المشاريع الاسكانية الدور الكبير في تفاقم المشكلة من خلال تعثر مسيرة التعاون السكني وضعف مساهمة القطاع

الخاص في تأمين السكن وغيابه أحيانا عن الساحة كاستثمار حقيقي في السوق واللجوء إلى المضاربات والسمسرة وتعميق الأزمة بدلا من المساهمة في

حلها.‏

والطلب على المسكن الشعبي مازال كبيرا والذي تسعى اليه الشريحة الأكبر من المواطنين والدليل على ذلك غلاء أسعار المساكن بشكل كبير فاق قدرة

المواطن على شراء مسكن حتى لو استعان بالتوفير والقروض وبكل الوسائل الممكنة.‏

**‏

المساكن متوفرة‏

الإحصائيات تشير إلى أن هناك أكثر من 500 الف مسكن غير مشغول في سورية رغم الشكوى من وجود أزمة اسكان اي أن لدينا كما يقولون أزمة

اسكان وليست أزمة سكن فالمساكن متوفرة لكن ليس بمقدور الغالبية العظمى من الناس المحتاجين إلى سكن إن لم نقل الجميع- شراء مسكن من هذه

المساكن الشاغرة لأنها بالأصل ليست مساكن شعبية بل خصصت لشريحة قادرة على دفع ثمن مرتفع وبالتالي فإن هذه الشريحة القادرة لاتعاني من مشكلة

لافي السكن ولا في الاسكان ربما يملك الشخص الواحد أو الأسرة أكثر من مسكن في أكثر من مكان وأكثر من محافظة ولأغراض متعددة للسكن

وللايجار وللاستثمار وللسياحة والاستجمام وغيرها من الاغراض:‏

وعندما نتحدث عن أزمة اسكان وغلاء اسعار مساكن فيجب أن نستثني هذه الشريحة (المرتاحة) لأن المقصود عند الحديث عن ازمة اسكان هو

السكن الشعبي الصحي الذي يناسب معظم الشرائح الاجتماعية في بلدنا.‏

لم تستطع المساكن الشاغرة التي أشرنا اليها المساهمة في ردم الفجوة بين العرض والطلب في سوق العقارات لأنها بقيت محيّدة وخارج دائرة الاستثمار

سواء عن طريق البيع والشراء أو الايجار وتعتبر كأنها مجمدة كمن يكنز المال دون استخدامه.‏

لكن العقار هنا ترتفع اسعاره بانتظار الزبون المناسب واقتناص الفرص من خلال القادمين من الخارج لاسترداد رأس المال الموظف في العقارات وتحقيق

ربح يتناسب مع ذلك الانتظار ومع حجم رأس المال الذي تم توظيفه.‏

ولولا لجوء الناس إلى مناطق السكن العشوائي التي توسعت بشكل كبير وبزمن قياسي لولا لجوؤهم إلى تلك المناطق للحصول على مسكن لكانت الأمور

أكثر سوءا.‏

هذا الوضع مألوف مع الأيام وتشخيص الحالة بات سهلا ووصف الدواء ليس صعبا وما على الجهات المعنية سوى البدء من خلال وضع خطط

واستراتيجيات والإسراع في استكمال اصدار التشريعات والأنظمة وإزالة العقبات واتاحة المشاركة المتكاملة بين كافة القطاعات للخروج من الأزمة

والوصول إلى معادلة متوازنة بين العرض والطلب في سوق اختلت فيها الموازين وانقلبت المعادلات وضاعت المعايير وازيلت كل الخطوط الفاصلة بين

المنطق واللامنطق.‏

ملامح استراتيجية جديدة‏

أدركت الحكومة أن التدخل المباشر والدعم الذي قدمته وتقدمه لقطاع الاسكان لن يحل المشكلة بتلك الطريقة التقليدية وبإمكانات محدودة اذ لابد من الانتقال

إلى العمل الممنهج والحلول العلمية المدروسة المعتمدة على تشريعات متطورة تزيل العوائق وتوفر مناخاً ملائماً للاستثمار العقاري والانتقال من الحلول

الفردية المرتجلة إلى الحلول العامة بمشاركة كافة القطاعات واعطاء القطاع الخاص دورا أكبر للمساهمة في توفير المساكن بعد دراسة الاحتياجات في

اطار التخطيط الشامل وتنفيذ ما تم اقراره في الخطة الخمسية العاشرة وتوزيع الأدوار على القطاعات المختلفة (خاص, عام, تعاوني) بشكل

تكاملي يتعاون فيه الجميع دون الغاء دور أي قطاع لصالح القطاع الآخر.‏

وكان صدر العديد من التشريعات التي من شأنها حل الأزمة في مجال السكن من خلال توفير الاراضي الصالحة لتشييد المباني السكنية مثل قانون الاستثمار

العقاري والترخيص بإنشاء الشركات العقارية الاستثمارية ومشروع قانون المؤهل العقاري والمرسوم التشريعي القاضي بتمديد فترة تقسيط المساكن الشعبية

من 15 إلى 25 سنة وتخفيض معدل الفائدة من 7,5 إلى 5% كذلك صدور المرسوم التشريعي الذي قضى بتمليك المساكن العمالية لشاغليها

بأقساط شهرية بحدود 2000 ليرة سورية ولمدة 25 عاما والاستمرار ببناء المساكن العمالية ومضاعفة الخطة.‏

إضافة إلى ذلك صدر المرسوم التشريعي رقم 37 لعام 2002 الذي سمح للمؤسسة العامة للاسكان بإيداع أموالها لدى المصارف العامة السورية ورفع

رأسمال المؤسسة إلى نحو 2,8 مليار ليرة وتغطية جزء من تمويل مشروع المؤسسة العامة للاسكان عمالي - شبابي بقروض صندوق الدين العام

دون فوائد وتمويل نحو 30% من كلفة مشروع سكن الشباب ( نحو 60 ألف مسكن) والذي تبلغ كلفته التقديرية بحدود 50 مليار ليرة بقروض

من صندوق الدين العام دون فوائد وكذلك رفع سقوف القروض التي يمنحها المصرف العقاري للجمعيات التعاونية والأفراد وتيسير شروط الاستفادة منها

كذلك رفع قرض شراء المسكن الجاهز للمكتتبين على مساكن الادخار.‏

وقد تضمنت الخطة الخمسية العاشرة بناء 483 الف وحدة سكنية جديدة باستثمار رأس مال يزيد عن 500 مليار ليرة سورية وتم تكليف المؤسسة

العامة للإسكان ببناء حوالى 52 الف مسكن وبما يعادل 11% من المساكن المقررة ويذهب 12,4 % إلى قطاع التعاون السكني أي ما يعادل

60 الف وحدة سكنية.‏

اما الحصة الأكبر فكانت للقطاع الخاص بنسبة 77,3% اي ما يعادل 373275 وحدة سكنية وذلك إفساحا للمجال أمام شركات الاستثمار

العقاري والدخول في السوق كطرف أساسي جديد من المتوقع أن يكون له دور كبير في توفير المساكن وخلق التوازن ما بين العرض والطلب في سوق

العقارات الذي يشهد خللا كبيرا منذ سنوات والتوصل إلى ردم الفجوة الكبيرة بين العرض والطلب.‏

إن تنشيط الاستثمار العقاري ودخوله السوق العقارية السورية سيوفر عشرات الآلاف من فرص العمل لما يزيد عن اكثر من 100 مهنة وحرفة مرتبطة

بقطاع البناء والاسكان والعقارات بشكل عام.‏

ويتوقع أن يجذب سوق الاستثمار الجديد المزيد من الاستثمارات المحلية والعربية والاجنبية للعمل في سورية وفي مجال التطوير العقاري وخدماته وتطوير

صناعة مواد البناء ومستلزماته وخاصة الاسمنت الذي يتم الترخيص لعدد من المعامل في سورية.‏

لقد أفردت الخطة الخمسية العاشرة جزءا هاما من برنامج عملها لحل أزمة السكن ووضعت استراتيجيات لمعالجة المشكلات التي يعاني منها قطاع السكن

وإعادة تشكيل قطاع الاسكان على قواعد تضمن له فعالية أكبر في المستقبل وإشراك القطاع الخاص بشكل أساسي في هذا المجال حيث تؤكد الخطة

الخمسية العاشرة على أن دور الدولة الأساسي سيركز على رسم وتوجيه السياسات الاسكانية وتأمين مستلزمات نجاحها مع الالتزام بتسهيل سبل حيازة

السكن الملائم لذوي الدخل المحدود وذلك بالتوازي مع تهيئة البنى التشريعية الملائمة لتوجيه الاستثمارات الخاصة للاستثمار في الاسكان الاقتصادي

منخفض التكاليف والتوسع بترخيص صناعات محلية تؤمن مواد البناء اللازمة لهذا العمل. فهل نشهد قريبا انفراج ازمة الاسكان والوصول إلى وقت

ليس ببعيد يستطيع فيه المواطن الحصول على سكن بتكلفة معقولة..‏

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024