الأحد 2007-07-01 03:25:13 أخبار المال والمصارف
خبز القمح الكامل «راسو بعبه» وأصوات مختلفة!!

قصة «راسه بعبه» تجربة لم يكتب لها النجاح.. بالرغم من كل المعوقات التي وفرتها الجهات المعنية.. وخاصة الشروط المادية وخدمات البنية التحتية التي تحتاجها لانتاج هذا النوع من الخبز.

الا أن العنصر الاساسي الذي افتقدته التجربة هو ارادة التطبيق والتنفيذ الفعلي والذي اصبح قاب قوسين او أدنى من استكمال آليات النجاح وظهور منتج جديد من مادة الخبز لها مستهلكياً!. ‏

بالاضافة الى حسابات خاصة ببعض الجهات العامة التي تولت عملية التنفيذ لا سيما شركتي المطاحن والمخابز الآلية. او بمعنى اصح «الحسابات لم تكن موفقة» وبمعنى أدق «حساب السرايا غير حساب الكرايا..!». ‏

المطاحن: قيمته الغذائية كبيرة ‏

لنرى ما تقوله الشركة العامة للمطاحن في قصة «رأسه بعبه» وعلى لسان مديرها العام الدكتور احمد داود باعتبارها نقطة البداية تبدأ من خلالها حيث عرف الدكتور داود في حديثه الدقيق «راسه بعبه» الناتج النهائي من عمليات طحن ونخل الحبوب.
 

وخلال مراحل الطحن ونخل النواتج تحصل على عدة انواع من الدقيق تختلف باختلاف نسب الاستخراج وهذه النسب تعرف بكمية الدقيق المنتج من كمية معينة وفقاً للقانون. ‏

وهنا لا بد من القول و «الكلام لمدير الشركة» بأن انواع الدقيق المنتج من نفس القمح تختلف عن بعضها وفقاً لنسب الاستخراج بالمواصفات التالية (اللون ـ محتوى الرماد ـ التحبب ـ محتوى البروتين ـ كمية ونوعية الغلوتين ـ الالياف ـ النشاء ـ الفيتامينات نوعية وكمية الاملاح المعدنية.. ومن الناحية العملية والانتاجية تحدد نسب الاستخراج اي الاستخلاص بواسطة محتوى الرماد في الدقيق فالرماد «الاملاح المعدنية» تتوضع ضمن الحبة بشكل غير متساو داخل اقسام الحبة. ‏

فعلى سبيل المثال: ‏

محتوى الرماد في الحبة بشكل عام يتراوح ما بين 1.6 ـ 2% ولكن هذه النسبة تختلف ضمن اقسام الحبة وهذه النسب تحسب على اساس المادة الجافة وهذه النسب تتأثر الى حد كبير بعدة عوامل من نوعية القمح /قاسي ـ طري ـ بعل او مروي ـ يتأثر بالظروف الجوية اثناء نمو النبات واثناء النضوج ـ كمية السماد ونوعيته ـ ونوعية التربة/ وغيرها من العوامل. ‏

وبالتالي فإن العامل الاساسي الذي يشير الى نسب الاستخراج هو محتوى الدقيق من الرماد فطالما كانت نسبة الاستخراج مرتفعة كان محتوى الاملاح المعدنية اعلى وبالتالي القيمة الغذائية افضل والعكس بالعكس هو الصحيح. ‏

ومن المعلوم لدينا ان الرماد او الاملاح المعدنية هو الباقي بعد احتراق كافة المواد العضوية في الدقيق في درجة حرارة حوالي 900 درجة مئوية وبدوره الرماد يحتوي على الفوسفور والبوتاس والصوديوم والكالسيوم والمنغنيز والكبريت والكلور اضافة الى بعض المواد الاخرى كالتوتياء والحديد والنيكل وغيرها. ‏

وهنا نجد ان الدقيق الاسمر (كامل الحبة) من الناحية الغذائية مشابه للقيمة الغذائية للحبة من كافة النواحي بينما الدقيق الابيض أو روح الاستخراج المنخفض فيختلف اختلافاً كبيراً عن محتوى الحبة من المواد الغذائية مثل الاملاح والفيتامينات والبروتين لذلك فاننا نرى بأن الدقيق المستخرج من كامل الحبة هو الافضل من الناحية الغذائية لغناه بالمواد الاساسية مثل البروتين والاملاح المعدنية والفيتامينات وهذا يساعد على بناء الجسم ومقاومته للامراض وغيرها. ‏

وبالتالي فإن الدقيق المنتج من كامل الحبة هو الافضل غذائياً غير انه يمتاز باللون الاسمر نسبياً هو ذو تحبب اكبر اي اكثر خشونة وهذا يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار اثناء العجن والتخمير لذا من الضروري التأكيد على فائدة الخبز المنتج من دقيق كامل الحبة من كل النواحي وفيما يخص الشركة فانه يزيد الطاقات الطحينة لمطاحن الشركة ونوع جديد من انواع الدقيق التي تنتجها الشركة. ‏

وبالتالي فإن الفائدة ستكون اكبر من المتوقع في حال نفذت وفق الاصول والقوانين النافذة. ‏

المخابز الآلية: نحسبها بالقلم والورقة ‏

شركة المخابز الآلية لا تعترض عليه من ناحية القيمة الغذائية وانما اعتراضها يأتي من خلال التكلفة العالية لانتاجه وصعوبة تسويقه الذي يحتاج فترة من الزمن حتى يتكون له مستهلكون يشكلون شريحة واسعة في المجتمع لأنه لا يمكن تقديمها كمادة رئيسية في متناول المواطن وهذا امر يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار في حسابات التكلفة ومبدأ الربح والخسارة. ‏

يقول السيد ملحم احمد مدير التخطيط لدى الشركة العامة للمخابز الآلية بإن الدراسة الاخيرة التي قدمتها الشركة لحسابات التكلفة تبين ارتفاع واضح في عناصر التكلفة الفعلية للمنتج فتكلفة دقيق استخراج 95% لخبز رأسه بعبه فاننا نلاحظ: ‏

ـ انخفاض مردود الخبز الناتج في استخدام دقيق، استخراج 95% بدلاً من استخراج 80% بمقدار 50 كغ خبز لكل طن من دقيق وسعر بيع الخبز تسع ليرات سورية للكيلو غرام الواحد «9ھ50½450 ليرة ما يصيب طن الدقيق» اي (450ھ1779981½800991450) ليرة المبلغ الناجم عن انخفاض المردود الاجمالي الدقيق المستخدم سنوياً. ‏

ـ ايضااستخدام الدقيق استخراج 95% يتطلب استهلاك مازوت اكبر بكمية اكبر من المستهلك في الدقيق استخراج 80% كالتالي: ‏

في حال استخدام دقيق استخراج 80% يلزم 75 ليتر مازوت لطن الخبز ولطن الدقيق 86.25 ليتراً. ‏

وفي حال استخدام دقيق استخراح 95% يلزم 143.6 ليتر مازوت لطن الخبز ولطن الدقيق 158 ليتراً وبالتالي الفرق لطن الدقيق من المازوت هو 71.72 ليتراً اي ان قيمة المازوت المستخدم زيادة لطن الدقيق يبلغ 493 ليرة سورية وبشكل اجمالي يكون المبلغ الكامل كمية الدقيق سنوياً نحو 782 مليون ليرة قيمة المازوت المستهلك زيادة لاجمالي الدقيق المستخدم سنوياً. ‏

وايضاً في حال استخدام دقيق استخراج 95% تنخفض الطاقة الانتاجية بسبب زيادة الزمن اللازم لانتاج الكمية وبالتالي يتطلب زيادة في اجور اليد العاملة بحدود 440 ليرة للطن الواحد من الدقيق وللاجمالي يتكون الزيادة 783 مليون ليرة الاجور الواجب دفعها زيادة لانتاج الكمية. ‏

بالاضافة الى تكاليف اضافية يمكن لحظها خلال عمليات التنفيذ بحيث تصبح بشكل اجمالي 2.3 مليار ليرة وبعد تخفيض الوفر المحقق لدى المطاحن البالغ 1.235 مليار ليرة تكون الخسارة الفعلية بحدود 1.130 مليار ليرة جراء انتاج الخبز من الدقيق استخراج 95% من استخراج 80% وتكون الزيادة لطن الدقيق 653 ليرة ولطن الخبز 578 ليرة اي انه في حال تحويل كامل المخابز لانتاج خبز من دقيق استخراج 95% سوف يزداد العجز التمويني بمبلغ 1.133 مليار ليرة في حال ثبات سعر مبيع الخبز. ‏

وفي حال عكس العجز على سعر مبيع الخبز المنتج من هذا الدقيق يصبح سعر مبيع الكغ من الخبز بواقع 9.77 ليرات علما ان سعر الكلغ الواحد من الخبز استخراج 80% هو 9 ليرات وفي حال بيع الخبز معبأ بربطات وزن الربط 1300 غ تكون القيمة 13.65 ليرة تقريباً للربطة الواحدة. ‏

وهنا في رأي المخابز الآلية يمكن تخفيض العجز التمويني والاقلال من الخسارة المتوقعة في حال تم زيادة سعرية بمقدار 50 ق.س للخبز المنتج بحيث تتم تغطية عملية التكاليف والمقترح في هذا الخصوص هو انتاج الخبز /رأسه بعبه/ وبيعه بسعر التكلفة الفعلية عن طريق توفيره في السوق لمن يرغب. ‏

لا نريد تجارب فاشلة ‏

وزارة الاقتصاد تقول: لا تريد الدخول في تجارب ثبت بالدليل القاطع انها فاشلة ولا يمكن نجاحها وذلك من خلال تجربة التموين سابقاً على انتاج هذا النوع من الخبز بدليل ان التكاليف مرتفعة ولا يمكن تعويضها في كل سياسة الدعم الحالية وحتى تحقيق الريعية المطلوبة ومن انتاج كهذا لابد من تطبيق الدراسات الفنية والمالية التي اعدت لهذا الغرض وحسابها بشكل يحقق الريعية الاقتصادية المطلوبة وتحديد الاسعار النهائية وفقاً لأسعار التكلفة باعتبار هذا النوع له زبونه الخاص قد لا يشكل شريحة كبيرة من المجتمع وهذه مسألة يجب الاخذ بها بعين الاعتبار واجراء كافة الحسابات على ضوئها.. لان الوزارة لا تريد اضافة اعباء جديدة وخسارات اخرى تضاف لسجل شركاتها ومؤسساتها الخاسرة ولا حتى تسجيل رقم اضافي جديد للعجز التمويني. ‏

اخيراً ‏

القرار في انتاج رأسه بعبه ليس مستحيلاً ولا يخرج عن منطق الربح والخسارة باعتبار انه نوع من انواع الخبز الذي يمكن انتاجه لدى القطاعين العام والخاص باعتبار ان كافة الخدمات المطلوبة متوفرة فهو لا يحتاج الى تجهيزات جديدة او خطوط انتاج خاصة به. وانما فقط يحتاج القرار السليم لايجاد تشكيلة سلعية متوفرة من هذه المادة على نطاق واسع.. وبالتالي يمكن تحد يد السعر النهائي على ضوء التكلفة الفعلية مع تحقيق هامش ربح معقول يمكن تحديده من قبل وزارة الاقتصاد دون ان يشكل خسارة جديدة او زيادة في حجم العجز التمويني باعتباره منتجاً له مستهلكة الخاص ويمكن الاعتماد عليه في تحقيق الربح لمخابز وافران الشركة العامة للمخابز وخاصة انها في وضع لا تحسد عليه في العائية الاقتصادية والربحية لعدم تحديد التكلفة الفعلية واقرارها من قبل الجهات الوصائية. فالمشكلة الاساسية ليست في عدم تحقيق العائية وانما في عدم وجود الرغبة والارادة الكاملة في انتاج رأسه بعبه وتقديمه كمنتج جد يد يمكن الاستفادة منه مادياً وغذائياً. ‏

 

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024