الإثنين 2013-06-09 18:23:53 تحقيقات
بعد تحديد مصــادر تلـــوث نهر الأبرش..المعالجـة ما زالــت في طـور الدراســــة والتوصيـــــات!
في ظل الاستهتار المحيط ببيئتنا وفي ظل غياب الوعي الكافي والتقصير الواضح في انشاء محطات المعالجة وصرف الملوثات إلى المسطحات المائية، تبرز مشكلة تلوث المياه كأخطر المشكلات البيئية كون الماء هو عصب الحياة،
وعدم تخديمها بمحطات المعالجة والصرف الصحي، أدى إلى تدهور النظم البيئية المائية للأنهار والبحيرات والمياه الجوفية وخروجها - في بعض الأحيان - من دائرة الاستثمار، وبالتالي ستكون النتيجة أضرارا صحية وخسارة بالقيمة الاقتصادية والبيئية...‏‏


وخير دليل على تلوث مياه الأنهار بمياه الصرف الصحي والملوثات الناجمة عن رمي مخلفات المنشآت الاقتصادية والملوثات الموسمية، ما يتعرض له نهر الأبرش في محافظة طرطوس حيث تجاوزت الملوثات فيه الحدود المسموح بها في أغلب فروعه حسب العينات المقطوفة من مياهه. فما دور الجهات المعنية بتحديد الضغوطات والتحديات التي تتعرض لها النظم البيئية والموارد الطبيعية ؟ وما هي أسبابها و آثارها على البيئة والإنسان؟ وما دور المجتمع الأهلي في الحفاظ على الموارد المائية والطبيعية سليمة نظيفة ؟‏‏
مراقبة وإدارة بيئية‏‏
سبق و أصدرت وزارة الدولة لشؤون البيئة تقارير كثيرة وللأسف بقيت في الأدراج ولم تبن عليها اي معطيات، و أكثر من ذلك ازداد التلوث وطال جميع مناحي الحياة.‏‏
وبدأت منذ عام 2010 بالعمل على مجموعة مشاريع متعلقة بالمراقبة والإدارة المتكاملة للأنهار حيث تقول مديرة المشروع ريم عبد ربه يعتبر نهر الابرش جزءا من نشاط مشروع المراقبة والإدارة البيئية المتكاملة لنهري الكبير الشمالي والجنوبي، ومن ضمن المشاريع الاستثمارية للخطة الخمسية الحادية عشر، وبما ينسجم مع المهام المناطة بالوزارة بموجب قانون البيئة من أجل رفع التلوث عن جميع المجاري المائية الهامة والمسطحات المرتبطة بها كذلك للتخفيض التدريجي للملوثات التي تصب في تلك الأنهار.‏‏
أهمية النهر‏‏
المهندس خالد العلي أحد أعضاء فريق المشروع قال إن نهر الأبرش ينبع من المرتفعات الجبلية التي تزيد ارتفاعها عن (1000)م من أراضي حماه (جزء من أراضي ناحية عين الحلاقيم) ومن أراضي محافظة حمص (جزء من أراضي ناحيتي شين والناصرة) ثم يقطع مسافة (45)كم ضمن أراضي محافظة طرطوس ليصب في البحر المتوسط جنوب المدينة على بعد (1) كم من قرية عرب الشاطئ.‏‏
ويضيف العلي:إن نهر الأبرش يعتبر من الموارد المائية الهامة في حوض الساحل وتبلغ مساحة الحوض الصباب من المنبع إلى المصب (235) كم2، (28) كم2 واقعة ضمن محافظة حمص وحماة و (208) كم 2 ضمن أراضي محافظة طرطوس.‏‏
ويتشكل المجرى من تلاقي عدة فروع نهرية، أهمها نهران:أحدهما قادم على يمين جبل السيدة ناجم عن مياه نبع الشيخ حسن، والآخر على يسار الجبل ناجم عن مياه نبع العروس الذي ينبع من شمال مشتى الحلو ويلتقيان غرب جبل السيدة في منطقة اسمها منطقة ملتقى النهرين وتساهم عدة ينابيع و أودية سيلية(نبع كركر - عين مرعي - نهر الصغير - نبع الحومة - نبع الشير - عين الباردة - نبع المهيري) في تغذيتها، ويوجد فرع آخر هو نهر العديدة الذي يبدأ من بصيرة الجرد - حنين - سبه - الشغر - العديدة - ويلتقي مع النهر بموقع عين مرعي كذلك ترفد النهر الكثير من الينابيع الصغيرة ومسيلات المياه الشتوية الواقعة في الحوض الصباب له. وترفده في مجراه الأوسط عدة ينابيع أهمها: نبع سركيس وعين الغار ووادي القراصنة ووادي الكروم.‏‏
ويقول العلي:كون نهر الأبرش يقع ضمن السهل الساحلي تنتشر الأراضي الزراعية والتجمعات السكانية والمنشآت السياحية والزراعية والحيوانية على أطراف السرير وضمنه وعلى أطراف بحيرة سد الباسل، ومن هنا جاء الاهتمام به بسبب فيضانه في الشتاء وما يسببه من تلف وأذى في المنطقة السهلية بالإضافة لحاجة مياهه في ري سهل عكار.‏‏
ملوثات النهر‏‏
من أهم الملوثات التي يتعرض لها النهر كما يقول المهندس عمار حسين من مديرية شؤون البيئة بطرطوس ملوثات الصرف الصحي للتجمعات السكانية حيث تشكل هذه التجمعات أكثر من (90 ألف نسمة) موزعة على (96) تجمعا سكنيا ضمن محافظة طرطوس بين مدينة وقرية ومزرعة موجودة ضمن الحوض الصباب لنهر الأبرش ومنها قريب من بحيرة الباسل حيث تصب كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي غير المعالج فيه من خلال (20) مصباً للصرف الصحي مايؤدي إلى تلوث كيميائي وجرثومي عبر المخلفات العضوية للصرف الصحي نتيجة تفسخ وتحلل هذه المواد العضوية تزداد نسبة النترات والطحالب والأشنيات، وهذا يؤدي إلى موت الأسماك والأحياء الأخرى الموجودة في البحيرة، وكذلك التعرض للخطر في حال السباحة في مثل هذه المياه الملوثة أو استخدام هذه المياه الملوثة في ري المزروعات حيث تؤدي إلى الإصابة بالسرطان فضلا عن انتشار الروائح الكريهة وخصوصا عند انخفاض منسوب مياه البحيرة وارتفاع درجة الحرارة وزيادة عامل التبخر.‏‏
ويضيف حسين وهناك ملوثات ناجمة عن المبيدات والأسمدة المستخدمة للمزروعات فباتحادها مع النترات الناجمة عن مياه الصرف الصحي تسبب طفرات جلدية، وهناك ملوثات ناجمة عن رمي المخلفات الصلبة من المنشآت الاقتصادية (الفنادق حيث يوجد أكثر من ستة فنادق وأكثر من عشرين مطعماً بالإضافة إلى المقاصف السياحية والمشافي) وهناك ملوثات ناجمة عن رمي المداجن والمباقر حيث يوجد أكثر من (90 مدجنة ومبقرة)، وملوثات ناجمة (رخام - كسارات) بالإضافة للملوثات الموسمية الناجمة عن معاصر الزيتون، والتي تعد من أخطر وأكثر هذه الملوثات حيث يوجد اكثر من (44 معصرة) ضمن الحوض الصباب مما يجعل من مياه الجفت عاملا هاما في ازدياد تركيز المياه المغذية لاحتوائها على مواد عضوية ولا عضوية وبالتالي ازدياد عدد العصيات الجرثومية.‏‏



نتيجة المسح الميداني‏‏
ومن خلال المسح الميداني لنقاط الصرف الصحي لكافة التجمعات السكانية وتوزعها داخل الحوض كما يقول المهندس نورس علي من مديرية شؤون البيئة بطرطوس، تبين أن هذه التجمعات موزعة على أكثر من (14) بلدية منها (43) تجمعا سكنيا غير مخدم بشبكات صرف صحي ويتم الصرف إلى الحفر الفنية ومنها إلى المسطحات المائية القريبة حيث أغلبها ينتشر حول بحيرة الباسل فهناك (48) مصرف يصرف على النهر أو أحد فروعه أو إلى بحيرة سد الباسل.‏‏
أما خرائط توزع المنشآت الصناعية والاقتصادية ضمن الحوض الناتجة عن الدراسة تبين أن عدد المنشآت الصناعية الكبيرة (2) والمتوسطة (12) والصغيرة(4) وتم حصر (78) منشأة سياحية ضمن الحوض الصباب لنهر الابرش على شكل مطاعم وفنادق واستراحات منتشرة في الأجزاء العليا والوسطى من منطقة الدراسة، وخاصة منطقتي مشتى الحلو والكفرون وصافيتا وحول بحيرة الباسل، أما خرائط التلوث الزراعي فقد بينت أن توزع المداجن بلغ (147) مدجنة وعدد المباقر (7) وعدد معاصر الزيتون المنتشرة على كامل الحوض (36) معصرة.‏‏
ما تم إنجازه‏‏
يقول المهندس خالد العلي لقد تم انجاز المرحلة الأولى من مشروع المراقبة والإدارة البيئية المتكاملة لنهر الأبرش والتي تضمنت إعداد دراسة عامة لكامل الحوض الصباب (من حيث التضاريس، المناخ، الوضع الهيدرولوجي والجيولوجي....... لتحديد مصادر التلوث ضمن الحوض وإعداد الخرائط التي تبين توزع هذه المصادر باستخدام نظام المعلومات الجغرافي بتوسعاته المختلفة مع الاستعانة بالصور الفضائية عالية الدقة واستخدام جهاز تحديد المواقع العالمي من أجل تثبيت إحداثيات النقاط البيئية حيث بدأ العمل بمرحلة الأعمال المكتبية من خلال جمع البيانات الورقية والرقمية عن منطقة الدراسة والتي تضمنت معلومات عن جيولوجية المنطقة والظروف المناخية من أمطار وحرارة ورطوبة......الخ.‏‏
ويضيف العلي كما تم تصميم استمارة العمل الحقلي الورقية وهي أربع استمارات تخص استمارة الاصحاح للتجمعات السكنية(الصرف الصحي) واستمارة للمنشآت الصناعية واستمارة المنشآت الاقتصادية واستمارة معاصر الزيتون بالإضافة لتصميم استمارة الكترونية تضمنت كافة المعلومات التي تم إدراجها بالاستمارات الورقية من أجل تفريغ الاستمارة الورقية عليها.‏‏
توصيات‏‏
وخلصت الدراسة إلى مجموعة من المقترحات والتوصيات كما يقول العلي، ومنها دراسات حول حاجة الحوض لمحطات معالجة الصرف الصناعي، ومحطات لمعالجة نفايات معاصر الزيتون، وتنفيذ دراسات حول حاجة الحوض لمكبات النفايات الصلبة، بالإضافة لإيلاء برامج التوعية البيئية اهتماما خاصا من قبل وزارة الدولة لشؤون البيئة من خلال وسائل الإعلام المختلفة، وبخصوص التوصيات الخاصة بالصرف الصحي لابد من الاسراع في تشغيل محطات الصرف الصحي وحل كافة المشكلات العالقة بكل محطة، وإنشاء محطات معالجة صرف صحي جديدة لتغطي كافة التجمعات السكانية المتواجدة بالحوض، ولابد من اختيار المواقع المثلى عند انشاء محطات المعالجة بحيث تخدم أكبر عدد ممكن من التجمعات السكانية.‏‏
ويضيف العلي أما من ناحية التوصيات الخاصة بالإدارة البيئية المتكاملة للمناطق الساحلية فيجب وضع آليات وشبكات للرصد والمراقبة، ووضع الاستراتيجيات والخطط والبرامج الساحلية الوطنية، واجراء التقييم البيئي للمشروعات التي ستنفذ بالمناطق الساحلية، ووضع السياسات لمنع المخاطر الطبيعية من خلال اتخاذ الاجراءات الازمة لمنع وتخفيف آثار الكوارث الطبيعية، وتطبيق الاستراتيجية المتوسطة للإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية.‏‏
أما التوصيات الخاصة بالصرف الصناعي فلابد من تطبيق القوانين والالتزام بها و إعطاء التراخيص الصناعية، وتطبيق القوانين البيئية من خلال إنشاء محطات معالجة خاصة بالمنشآت الصناعية والتأكد من استمرارية عملها وأدائها، بالإضافة لتدوير مياه التبريد وإعادة استخدامها.‏‏
وكانت أهم التوصيات الخاصة بمعاصر الزيتون ركزت على ضرورة إقامة محطات معالجة خاصة واختيار مواقع مناسبة للمحطات على كافة مواقع توزع معاصر الزيتون، وعلى اجراء الدراسات خاصة بموضوع نوعية مياه الجفت الصالحة في عمليات الري وانتاج الاسمدة.‏‏
أخيراً‏‏
وهكذا نجد أن تلوث العديد من المسطحات المائية يعود إلى جملة متنوعة من المسببات تؤدي إلى نتائج كارثية.... وقد جرى الحديث عن هذه الملوثات منذ سنوات عديدة، ولكن لم تتخذ اي خطوات على أرض الواقع ولم تحقق جديدا سوى أن الواقع تدهور أكثر فأكثر، ونحن ندرك الآن وبسبب الأزمة الحالية أن العديد من المشاريع توقفت أو لم يتم العمل بها، ولكن أيضا لا ننكر أن هناك بعض التقصير من بعض الجهات المعنية، ولكننا نأمل أن لاننتظر أكثر حتى نشفي أنهارنا وينابيعنا من أمراضها التي ستنتقل إلينا بالتأكيد.‏‏
ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024