الخميس 2012-10-31 19:28:12 صحافة وإعلام
طائرة أيوب وطائرة الأمير..!!

د.بسام أبو عبد الله

حلقت طائرة أيوب في سماء فلسطين حرة، أبية، بعزة وكرامة، ولم تطلب إذناً ولا دستوراً من سلطات الاحتلال. حلقت وهي تحمل أحلام كل الشهداء العرب، والفلسطينيين عبر تاريخ هذا الصراع الطويل.
■ حلقت وهي تلامس شغاف قلب كل أبيٍّ مقاوم، شغاف قلب كل حرٍ، وكل طفل عرف خريطة فلسطين ومساحتها وأمسك بوصلتها.
■ حلقت أيوب متجاوزة عجز العرب، وقياداتهم، ومؤتمرات قممهم، وبياناتهم، وكُلَفِ إقامتهم في فنادق خمسة النجوم، وصورهم للصحافة، وتصريحاتهم التي لم تقدم، ولم تؤخر شيئاً في هذا العالم، ولم تورث الأجيال العربية سوى الإحساس بالمزيد من الذل والإهانة.
■ حلقت أيوب والشعوب العربية تُبدل صور زعمائها من على جدران منازلها، وفي مكاتب مسؤوليها، وتستمع إلى بيانات جديدة من أحزاب تحمل أسماء براقة من النهضة، إلى الحرية، فالعدالة، ولكنها تزداد أسراً وظلماً، وتبعية، وفقراً، وقهراً، وصداقة لأميركا.
■ حلقت أيوب متحدية كل طغاة العالم، ومدعي الحرية والديمقراطية، وهي تقول لهم ها نحن نحلق بحرية فوق الأرض التي قلتم إنها أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض، فأتيتم بكل شذاذ الآفاق إليها، وطردتم شعبها، وأحرقتم بياراتها، ونفذتم أبشع المجازر بكل من دافع عنها، وقاتل من أجلها، واعتقدتم أنكم القوة التي لا تقهر، وأن لديكم عقولاً وأدمغة، أما لدينا فرؤوس فارغة لا تقرأ، وإذا قرأت لا تفهم.
■ حلقت أيوب، ومعها أحلام عز الدين القسام، وثوار حيفا ويافا والقدس، وبيروت، ودمشق، والرباط، والجزائر، والقاهرة، حلقت وحملت معها رائحة دم الشهداء العطرة من دير ياسين حتى بحر البقر، ومن حرب تشرين حتى انتصارات تموز المجيدة، حملت أيوب معها كل هذا، وهي تتحدى، وتصور كل محرمات العدو، وكل ممنوعاته، فمع المقاومة لم يعد هناك مستحيل.
■ حلقت أيوب لتقدم الدرس الجديد للأجيال العربية التائهة التي تملأ الساحات، والميادين باحثة عن الكرامة، والحرية، والديمقراطية، ولكن كل هذا البحث فارغ دون بوصلة فلسطين ومقاومة الداء الأساس الذي تحجج به الزعماء العرب عقوداً من الزمن ليركبونا عقوداً أخرى، ألم يقولوا لنا إن إسرائيل قضاء وقدر، ولا قدرة لنا على هزيمتها، حتى فاجأهم حافظ الأسد في تشرين فأطاح بالأسطورة التي لا تقهر، وليؤسس ذلك لاحقاً للمقاومة التي هزمت إسرائيل أكثر من مرة، ثم ألم يقولوا لنا إن إسرائيل تمتلك قدرات تكنولوجية هائلة لا قدرة لنا عليها، وليس لدينا العقول لمواجهتها، ليتبين لنا أننا قادرون بتعاوننا وإرادتنا أن نأسر منهم، وأن نطلق صواريخ من صناعتنا على أهدافهم، ونشكل ردعاً إستراتيجياً، وها هي أيوب تثبت لنا أن ما لدينا أكثر، وأكثر، وأن ما نحتاج إليه قضيتين: الإيمان والعلم، مع الوحدة والتكاتف، وسيكون لدينا الكثير.
■ حلقت أيوب وهي تحمل سيف الأمام علي، وعدالة عمر، ورسالة سيدنا المسيح.
■ حلقت أيوب والبعض منشغل بتقسيمنا إلى طوائف، وملل، ومذاهب، وتيارات سياسية وبيانات بمختلف اللغات، وبتدمير ما لدينا من حضارة، وآثار، وعلوم وجامعات ومدارس، وبتقطيع الناس كالجزارين باسم الدين، والديمقراطية، والحرية الموعودة.
■ حلقت أيوب باسم الشرفاء، والمقاومين، وباسم الباحثين عن العدالة، وباسم الأحرار، حلقت لترسم معلماً جديداً في تاريخ هذا الصراع المرير.
■ أما أولئك الذين لا يرون فيها إلا استفزازاً، وتحدياً سافراً للعدو، ورسالة إيرانية، فليروا ما يريدون، وليعلقوا ما يشاؤون، فلو أن الشرفاء، والمقاومين سينتظرون خطابات هؤلاء، ومعلقاتهم الشعرية لما حرروا أرضاً، ولا تحدّوا عدواً، ولظلوا جالسين ينتظرون بيانات البيت الأبيض، وعواطف بان كي مون الجياشة، وابتسامة آشتون الساحرة، ودعم الصهيوني لوران فابيوس ونظرته التحررية، ولهفة وليام هيغ على الأحرار والمقاومين في العالم.
■ وكي لا يفقد هؤلاء الفرصة في الطيران يمكنهم أن يذهبوا مع الأمير، وطائرته المذهبة، وخدمه، وحشمه، وحسناواته، ومضيفاته.
■ بإمكانهم أن يحلقوا بطائرة الأمير التي لم تحلق فوق فلسطين، ودخل صاحب الطائرة بمباركة إسرائيلية ليزيد تقسيم فلسطين، بماله ودولاراته، وليوزعها على من منحوه لقباً لم يحظَ به حتى صلاح الدين الأيوبي.
■ أمير قطر، وفارسٌ مغوار...! كيف هذا أيها السادة؟!
■ هل أخذ الأمير حقنة في قاعدة العيديد الأميركية ليصبح فارساً مغواراً، أم إنه قرأ قصائد لعنترة العبسي قبل أن يقترب من غزة المحاصرة، والتي ظل أهلها يتألمون من الجوع، والحصار، حتى أتى الفارس المغوار ليكسر الحصار بدعم من القاعدة الأميركية في قطر، وقناة الجزيرة ذات الاتجاه المعاكس؟.
■ لا أستطيع أن أزايد على أهلنا في غزة فهم في القلب دائماً ومن حقهم أن ينعموا بالراحة والطمأنينة، وبالازدهار والاستقرار وبالعيش الكريم، لكن صدقوني أن ما يحميكم من غدر العدو، وأنتم أدرى به هي صواريخ المقاومة التي تمتلكونها، والتي تعرفون من أين أتتكم، ومن أوصلها لكم، من حقكم أن تنعموا بالراحة، والطمأنينة، وبالتنمية والازدهار، ولكن ليس من حق أحد أن يحول فلسطين إلى كانتونات، وإمارات تعيش على فتات موائد الأمير الفتنة.
■ حلقت طائرة الأمير الفارس المغوار؟ لكن ليس فوق فلسطين وإنما بجوارها، وانطلقت طائرة الأمير من جانب قاعدة أميركية فيها مستودعات القنابل الذكية، والفوسفور الأبيض الذي قتل أبناءكم في عدوان غزة، أتاكم الأمير ببيانات وخطب عن الوحدة، وخلف ظهره خنجرٌ مسموم.
■ ابتسم الأمير لكل أطفال غزة، وهو يعتقد أنه سينسيهم فلسطين التي ستحول بجهود الأمير ورحلة طائرة المذهبة وملايين الدولارات إلى كانتونات، ودويلات لكلٍ دستوره، وانتخاباته، وزعماؤه، وإسلامه، ومذاهبه، وأحقاده، ولكن فلسطين ستبقى واحدة
■ حلقت طائرة أيوب فاهتز العدو، وأركان جيشه، ومخابراته، ومعه الحلف الأطلسي، ليس لأنه ضعيف، بل لأنه أدرك أن هناك رجالٌ يقرؤون وإذا قرأوا فإنهم يفهمون، ويفهمون كثيراً، ومن هنا خوفه ورعبه.
■ أما طائرة الأمير فلم يهتز لها أحد، ولن تنفع الأمير دكتوراه الفخرية ولو منحت له في غزة كي تجعله يقرأ، وإذا قرأ يفهم، لأنه لا يزال يعتقد أن المال يفعل المعجزات، ويصنع الحضارة، ولم يدرك بعد أنه كذلك لكن مع من يقرأ ويفهم.
■ أيها السادة - الطائرتان حلقتا مع فارق التشبيه، ولكل أن يختار أين سيصعد، بطائرة أيوب التي تعرف ما تفعل، وإلى أين تسير، وبوصلتها فلسطين فقط، أم بطائرة الأمير التي لا تعرف إلى أين تسير، إلا وفقاً للبوصلة الأميركية.
■ أما التحية فهي لسماحة السيد حسن نصر اللـه، ولكل المقاومين الأبطال الذين بزنودهم وعقولهم، وسلاحهم، وشهدائهم يرون فلسطين كل فلسطين، والأقصى كل الأقصى، أما الذين غشيت عيونهم، فستزول هذه الغشاوة عنها عندما يعودون ويرون فلسطين كل فلسطين.

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024