الأحد 2013-05-26 04:09:50 **المرصد**
"تزببت وانت حصرم "
د.وائل عواد –نيودلهي
عندما نتحدث عن الربيع في زمن السياسة نحتار بين التمتع ببراعم الربيع ونتعجل بقطف الثمار في عالم السياسة لقناعتنا باننا انتظرنا الكثير وان المحاصيل حان قطافها كما كنا نتوقع لايماننا بان الصبر هو المفتاح الرئيسي للفرج وان ثقتنا كبيرة باننا سنجني ما زرعته ايدينا .
اعود إلى شرفتي في بيتي وأراقب خصلات من الحصرم تدلت على السياج ، احاول ان احميها من اشعة الشمس الملتهبة في العاصمة دلهي والتي وصلت إلى 46 درجة مئوية في الظل وورق العنب يمنحها ما امكن من الظل
زرعت العنب في غربتي وأتأمل الحصرم وأنا أتذكر الحصرم على الدويلة في قريتي وأتذكر الكثير والكثير ويعود بي شريط الذكريات إلى ايام الطفولة وشقاوتها .فلم تكن حرارة الشمس تهمنا ولا عشوش الدبابير تخيفنا ونحن نذهب للكرم لنقطف العنب ونتناول بعض الحبات الناضجة ونرى البعض منها قد أكل نصفها العصافير والدبابير والبعض الآخر أصبح زبيبا" ونعود وقد امتلات السلة والفرحة لاتفارقنا وايدينا تجرحت قليلا" وساقينا امتلأت بالوخز والقرص ولم نتألم .
وكانت الاديبة السورية غادة السمان ومن عشاقها في بلدتي السلمية ينتظرون بشغف كتاباتها واقتطف من ثمارها شيئا" :
"مترف أنت أيها الربيع ....ومخمورة أنت يا عناقيد العنب...
لتوقف أفكارك عن النمو.....المرعى يعج بالصعاليك.
كُفّي أيتها الغيمة عن البكاء......السحاب لا يعرف الرحمة
الحصرم والليمون .. يتنازعان على الحامض
وبينهما تكسرت أضلاع العريش".

لكل حبة عنب في نضجها حكاية ولكل ورقة عنب على العريشة حكاية بلغة مختلفة تختلف ربما عن قصة الثعلب والعنب .
انتظر نضوج العنب بشغف ومنجلي هو الوقت ولن اتسرع في اكله وتلك هي السياسة ففي كل مرة نرى بصيص امل نتسرع بالحل وناكل الحصرم ونضرس ...ولكني هذه المرة سأنتظر حتى ينضج العنب فقد امتلات أيدينا بالشوك دون ان نقطف شيئا" وقلوبنا بالالم لما حدث وما يحدث لان خسارة حبة عنب واحدة تؤلمنا وحتى العنقود يتالم والاوراق تبكي بصمت وتبسط نفسها بفخر رغم العطش لتحمي ما تبقى من العنقود في بقعة تراب صغيرة عالقة في اقدامنا تصارع على البقاء والصمود في وجه الرياح العاتية التي تعصف في بلادي واطفاء حريق الصيف كي لا نتحول جميعا" إلى حطب يطردوننا من مكاننا الآمن..

وسابقى كما قال جبران خليل جبران : إذا تعاظم حزنك أو فرحك صَغُرَتْ الدنيا.
لقد تعاظم حزننا وانا بانتظار الفرح واشحن عزيمتي ولا احب ان يضيق افقي واردد ما قاله كبيرنا جبران :
كرمي على درب، فيه العنب وفيه الحصرم. فلا تلمني يا عابر السبيل إن أنت أكلت منه فضرست
وبما أننا نخاطب سورية الوطن من الهند ونتالم لآلامه نستذكر ما قاله الاديب الكبير رابيندرا طاغور عن وطنه :
"إيه يا وطني، أطلب إليك الخلاص من الخوف، هذا الشبح الشيطاني الذي يرتدي أحلامك الممسوخة، الخلاص من وقر العصور، العصور التي تحني رأسك وتقصم ظهرك، وتصم أذنيك عن نداء المستقبل".
ونقول للبعض : تزببت وأنت حصرم علما" ان الزبيب الطيب من العنب الناضج على اية حال .
ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024