الأحد 2012-07-29 01:30:51 **المرصد**
رئيس الحزب الشيوعي المجري يصف كلينتون بـ"القوادة" التي جمعت 100 دولة في باريس.. ويقول بثقة: نحن أصدقاء سوريا
بقلم: جولا ثورمر رئيس حزب العمال الشيوعي المجري
لا يمكن القول عني بأنني لست صديقاً لسوريا، ففي السنوات الماضية زرت سوريا لمرات عديدة، ذلك البلد التي يقود سياسته حزب البعث العربي الإشتراكي و حلفائه ومنهم الشيوعيون. فالرئيس الحالي بشار الأسد هو إبن المرحوم حافظ الأسد الذي لم يتسنّ لي اللقاء معه. ولكن من المعلوم لدى الرأي العام انّ حافظ الأسد هو الذي أنقذ سوريا من مصير الضغوط الإستعمارية و الإستعبادية و أحدث دولة و نظاماً يسيران على طريق التطور الديمقراطي.
لقد أتيحت لي الفرصة للقاء نجله بشار الأسد ثلاث مرات، تحدثنا طويلاً، ثقوا تماماً أنني لم أرَ رجلاً أكثر ثقافة و اطّلاعاً منه في السياسة العالمية. إن ذنب بشار الأسد هو أنه لا يريد أن يكون صديقاً لإسرائيل و إمريكا و لالغيرهما أيضاً. من سوء الحظ أن سوريا تقع جغرافياً في مكان استراتيجي، و من هذا الموقع لايمكن فقط التأثير على مصير النفط ولكن على مصيرأمور أخرى أيضاً و التي قد تكون أكثر اهمية من النفط ألا وهي المياه.
أنا صديق سوريا، ليس مثل هؤلاء الذين تجمّعوا في باريس بإسم اصدقاء سوريا. لقد استطاعت هيلاري كلينتون إشراك مايقارب المائة دولة غربية و عربية و كأنها المدام "القوادة" في بيت الدعارة، وقدمت وعظاً للمجتمعين – وهي تعلم بأنه لايوجد في سوريا معارضة ذات وزن كبير بالقياس مع ليبيا-. وهم قد فكّروا بالتالي: إذا لم تكن هناك معارضة موالية لنا، إذن لنصنع معارضة . هذا ما أرادته السياسة الأمريكية و الأوروبية في الشهور الماضية. و بعد ذلك قدموا سلاحاً لصنيعتهم المعارضة كما زوّدوها ببعض المنسقين و المدربين على الحرب، ثم أرسلومناصريها إلى سوريا من أجل أن يقتلوا كل من يستطيعون قتله، و كان المقصود بالنتيجة أن ترد عليهم الدولة بإطلاق النار ليكون ذلك ذريعة للتدخّل.
لو أرسل أياً كان إلى إسرائيل مثل هؤلاء القتلة لكان هؤلاء القتلة إرهابيون أعداءً للعالم. و لكن بما أن الأمور تحدث في سوريا، فالإرهابيون هم أصدقاء إمريكا و زبائنها من التجار أبطال المعارضة المحتفل بهم. و في الواقع فإن هؤلاء إرهابيون قتلة و مجرمون.
لقد اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية بضعف بالمعارضة المزيّفة، و هي الآن تحاول إقناع روسيا و الصين بأن توافقاها على إسقاط دولة الأسد، لأن المعارضة وحدها لاتستطيع ذلك.
إن حلف الناتو يملأه الفرح لغزو سوريا، و لكن ذلك يصبح أكثر جمالاً و مقبولية لدى الرأي العام العالمي عندما تعطي الأمم المتحدة صكاً و موافقة على الإعتداء، و أن التدخل و الإعتداء برأيهم يساهم و يخدم تطور و تقدّم الإنسانية.
وبما أن القضية ليست كذلك، فإن الصينيين و الروس يعارضون ذلك. كما أن الولايات المتحدة الإمريكية و أوروبا لا يعلمان ماذا سيحصل إذا ماقررا الهجوم على سوريا دون موافقة الأمم المتحدة.
في زمن الإتحاد السوفييتي و المنظومة الإشتراكية لم يكن بالإمكان اللجوء إلى العدوان على أي بلد، لأن منظومة الدول الإشتراكية و على رأسها الإتحاد السوفييتي كانت سترد على العدوان بالنار. أما الآن فليس هنالك منظومة إشتراكية، و لكن الرد بالنار ممكن. تؤجج الأطراف الغربية الوضع و تحاول إقناع الآخرين بأنه لا يوجد حل آخر للأزمة إلا العدوان و الحرب، و إذا لم ينجح هذا الحل فإنهم سيتهمون روسيا و الصين بإفشاله.
الرئيس بوتين في وضع حرج ، فإذا ما واجه فإن أمريكا ستغضب منه، و إذا ما ترك سوريا لتسقط فإن ذلك لن يعجب الشعب الروسي الذي يعاني الكثير. نحن أعضاء حزب العمّال المجري اصدقاء سوريا. ولكن ماهو الأساس الذي استندت إليه الحكومة المجرية التي التحقت ب "حفلة باريس"؟ الكثير من البلدان لم تحمّل نفسها عناء الذهاب إلى الإجتماع الذي يبدو شكلياً، لكن السيد "مارتوني" الوجه الغربي للديبلوماسية المجرية قد فعلها و ذهب.
سوف تتذكر الشعوب العربية و لفترة طويلة، أن الحكومة المجرية قد وقفت إلى جانب الولايات المتحدة الإمريكية في هذه القضية. و لسوف تحلم الحكومات المجرية القادمة و فقط بصفتها صديقة للشعوب العربية في المشاركة بالمشاريع الضخمة في العالم العربي. و من باب التذكير نتساءل عن الفائدة الإقتصادية للمجر مقابل دورها في كل من ليبيا و أفغانستان و العراق؟ و ماهي المبالغ التي قبضناها من الأموال التي جمعها الغربيون؟ أشك في أننا قد قبضنا شيئاً، فهذه المبالغ يقبضها الكبار فقط.
و هناك ملاحظة صغيرة أخرى وهي: أعلم أنه في عالم اليوم ليس هناك من حساب للأخلاق و لا للإيمان و لا للنزاهة، و لذلك علينا أن لا نبحث عن ذلك في السياسة الخارجية للرأسماليين. و لكن هناك تجربة تاريخية يجب علينا أن لا ننساها، مفادها أن أي شعب لا يكون حراً على الإطلاق إذا ماشارك في قمع و ظلم الشعوب الأخرى، حتى و لو صرّح على رؤوس الأشهاد بأنه" صديق "لسوريا!!
ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024