الثلاثاء 2012-11-13 19:58:13 بورتريه
الجندي المجهول.... من هو؟

حوار: مها الباشا
من هو حكم السباعي ( حمص ) ومحمد الخضراء وأمجد عبد الحكيم المعدني وفؤاد بوبس ( ريف دمشق ) والدكتور عبد الرزاق جبيرو (إدلب )، وبشار اليوسف وخالد خفاجي (ديرالزور) ، وزياد إبراهيم ( حلب ) وثائر صالح ( اللاذقية ) تسعة شهداء متطوعين معنيين بتقديم المساعدات الإنسانية بمختلف أنواعها، قدموا أرواحهم فداءً للوطن أثناء تأدية واجبهم الوطني والإنساني خلال الأزمة التي تمر بها سورية، وهناك العديد من المتطوعين الجرحى، جميعهم وهبوا حياتهم من أجل كرامة الوطن والمواطنين.
من هؤلاء ...وما هي غاياتهم .... وما هو الدور الذي يقومون به..... ؟

شهداء وجرحى وأحياء، شباب سوريون انتسبوا إلى منظمة دولية غير حكومية معنية بالجانب الإنساني وتقديم الخدمات خلال الأزمات، كمنظمة الهلال الأحمر ... نشأتها .... التزاماتها .... عملها ..... وجب علينا كإعلاميين تسليط الضوء حول دورها بشكل عام وخلال الأزمة بشكل خاص، فكرة الهلال الأحمر تعود إلى رواية رجل واحد ( هنري دونات ) رجل الأعمال السويسري بناءً على ما رآه في معركة سولفرينو عام 1865 ( معركة بين الجيش النمساوي والجيش الفرنسي في سولفرينو وهي بلدة تقع في شمالي ايطاليا)حيث رأى آلاف الجنود من الجيشين وقد تركوا دون علاج بسبب ندرة الخدمات الطبية الملائمة، وعند عودته إلى سويسرا نشر دونات كتاب " تذكار سولفرينو" الذي وجه فيه نداءين مهمين الأول : يدعو فيه إلى تشكيل جمعيات إغاثة في وقت السلم لرعاية الجرحى وقت الحرب.

الثاني : يدعو إلى الاعتراف بالمتطوعين الذين يتعين عليهم مساعدة الخدمات الطبية التابعة للجيش وحمايتهم بموجب اتفاق دولي، وقد ُبحثت أفكار دونات وتحولت إلى واقع، فيما بعد أنشئت لجنة دولية لإغاثة الجرحى ( اللجنة الدولية للصليب الأحمر ) وبانضمام دول إسلامية للحركة ُأدخل الهلال الأحمر كمركز للجمعيات الإسلامية الإنسانية الموازية للصليب الأحمر، فصارت الحركة تعرف بحركة الصليب والهلال الأحمر، التي تعتبر أكبر شبكة إنسانية في العالم بحكم وجودها ونشاطها في جميع البلدان تقريباً. الغاية منها هي منع الآلام البشرية أو تخفيفها دون تحيز وحماية الكرامة الإنسانية من أي افتراء عليها زمن النزاعات المسلحة.والقيام بأنشطة متعددة لصالح الأشخاص النازحين والمتضررين جراء الأزمات.

منذ بداية الأحداث التي تشهدها سورية عامة استنفرت منظمة الهلال الأحمر العربي السوري لتقييم احتياجات المناطق الساخنة المتأثرة بالظروف الراهنة، لذلك نتوجه إلى السيد وزير الدولة لشؤون الهلال الأحمر العربي السوري جوزيف سويد ليضعنا أمام مسؤوليات ومهام المنظمة تجاه الأحداث الجارية في سورية منذ قرابة العامين.

 باعتباركم وزير في الحكومة السورية ُتعنى بشؤون منظمة الهلال الأحمر العربي السوري إلى جانب دوركم التنسيقي بين الحكومة والمنظمة في تسهيل عملها.

الكثير من الشعب السوري يلح وبإصرار على وضعه بصورة نشأة ومبادئ منظمة الهلال الأحمر العربي السوري، خاصة بعد أن سمع عبر وسائل الإعلام أسماء شهداء المنظمة في الأحداث الجارية على الساحة السورية ....هل تضعنا بصورة عامة عن نشأتها ومبادئها السبعة ..؟

السيد الوزير قائلاً : منظمة الهلال الأحمر العربي السوري منظمة غير حكومية مستقلة ذات نفع عام، لها شخصيتها الاعتبارية، تأسست عام 1942، معترف بها من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر بجينيف بموجب التعميم رقم 375 تاريخ 12/10/1946، رئيسها الأعلى سيادة رئيس الجهورية العربية السورية، مقرها الرئيسي في دمشق، ولها أربعة عشر فرعاً في كافة المحافظات ( المحافظ هو الرئيس الفخري للفرع ) إضافة إلى أكثر من ( 100 ) شعبة في كافة المناطق والأرياف التابعة لفروع المنظمة، أضف إلى ذلك بأن المنظمة تعمل وفق مبادئها السبعة المؤلفة من الإنسانية وعدم التحيز والحياد والاستقلال والخدمة التطوعية و الوحدة والعالمية، لكل منها عملها الإنساني، ، والهيئة العامة للمنظمة تتألف من أعضاء مجالس إدارة الفروع يرأس المجلس الحالي الدكتور عبد الرحمن العطار الذي قام مؤخراً بزيارة إلى جينف حيث عقد لقاءً مع مجموعة من الجمعيات الوطنية المشاركة وقد تنكب الهلال الأحمر العربي السوري إدارة ومتطوعين، مسؤولياتهم الوطنية والإنسانية تجاه شعبهم الذي يمر بمحنة مريرة وقاسية.

أكمل السيد الوزير حديثه قائلاً: لا بد هنا من الإشارة إلى الوضع الثاني في المنظمة الذي قوننه المرسوم رقم 117 لعام 1966 والذي أصبحت بموجبه جمعية الهلال الأحمر العربي السوري منظمة الهلال الأحمر العربي السوري، واعتبارها شريك أساسي لما تقدمه من خدمات ومساعدات للمواطنين السوريين كما ترتبط برئيس مجلس الوزراء الذي ينوب عنه وزيراً للدولة يختص بشؤون الهلال الأحمر العربي السوري وهذا يعكس دعم كامل للمنظمة، كونه يقوم بدور داعم ومساهم ومنسق لأنشطة المنظمة بالتنسيق مع الجهات الحكومية الأخرى حسب كل موضوع على حدة.

سيادة الوزير تتحلى المنظمة بعمل وجهد كبير خلال الأزمات والكوارث وهذا ما شهدناه على مر السنين بدورها المساند لما تعرضت له عدد من الدول القريبة والبعيدة، هل تعلمنا حول هذا الاتجاه ...؟

باعتبار عمل المنظمة هو مساندة الناس في الأزمات في أي مكان وزمان، وتمكّنهم من التحضير والاستجابة والتعافي من الكوارث التي يمكن أن تحيق بهم عبر:

الاستعداد للدعم الطبي في زمن السلم والكوارث، وتخزين مواد الطوارئ ومعدات الإيواء، إلى توفير المواد الإغاثية لضحايا الكوارث و التدريب على الإسعاف وتقديم خدمات الإسعاف الأولي، إضافة إلى نشر المبادئ الأساسية للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، والقانون الدولي الإنساني، شعارها هلال احمر على أرضية بيضاء طرفاه إلى يمين الناظر وإلى يسار حامل الشارة، ولا ننسى دورها في مساعدة السلطات العامة في المجال الإنساني، حيث تقدم مجموعة من الخدمات تشمل برامج الصحة، الرعاية الاجتماعية، وتساند خدمات الجيش الطبية وفقاً للحاجة.
وقد رأينا ذلك من خلال المساهمات التي قدمتها منظمة الهلال الأحمر العربي السوري بالتعاون مع الحكومة بإرسال طائرة مساعدات إلى المنكوبين في كل من الباكستان وإيران وتركيا وهايتي وغزة وأخيراً الصين إلى جانب استيعاب اللاجئين أثناء حرب تموز على لبنان والاحتلال الأمريكي للعراق.

سؤال مهم يراود الكثيرين باعتبار المنظمة مستقلة ذات نفع عام، من أين يتم تمويلها وهل للحكومة دور في ذلك ....؟

نعم هناك إعانات حكومية إلى جانب مواردها التي تعتمد على رسوم الانتساب، الاشتراك، التبرعات، الهبات، الوصايا، الأوقاف الداخلية والخارجية، وإيرادات طابع الهلال الأحمر، بالإضافة إلى قيام الحكومة بمنح كافة الإعفاءات الضريبية والجمركية للمنظمة.

طلب مني عدد من الشباب إعلامه حول سبل الوصول إلى المنظمة للتطوع خاصة في هذه الأزمة التي تمر بها سورية، كيف السبيل إلى ذلك، مع إعطائنا لمحة عن عدد المتطوعين والداعمين للمنظمة...؟

طالما عملت المنظمة على إنشاء تنظيم شبابي تحت اسم ( المتطوعون الشباب ) يتضمن شرط الانتساب: أن يكون المتطوع قد أتمّ سن الثامنة عشرة وأن لا يتجاوز عمره الثامنة والعشرين، هذا أولاً ومن ثم اجتياز دورتين بعلامات عالية ( دورة تعريفية بتاريخ وقوانين الهلال و دورة إسعافية ) حيث يتم تدريب عناصره على أعمال الإسعاف والإنقاذ والخدمات والإنسانية وفق نظام خاص تحدد فيه مهامهم من قبل مجلس إدارة الفرع لكل محافظة، لذلك أصبح عدد المتطوعين الأعضاء 10,000 متطوع والداعمون لها تجاوز عددهم 2000 شخص.

سيادة الوزير وصلنا إلى أهم سؤال ينتظره الكثيرون حيث قامت المنظمة بالتنسيق مع الحكومة من خلال كوادرها وإمكانياتها بجهد كبير خلال الأحداث الجارية على سورية هل بالإمكان وضع الشارع السوري في صورة ما تقومون به ...؟

تلعب المنظمة دوراً هاماً في مساعدة أولئك الذين هم بحاجة إليه، كونها تحظى بثقة الجميع، وما ما زال الهلال يبذل قصارى جهده ليؤدي دوره رغم صعوبة الأمر، خاصة في المناطق الساخنة وهذا ما جعلنا نواجه مسؤولية جسيمة كتعرض عدد من المتطوعين للاستشهاد والبعض الآخر أصيب بجروح بليغة، المهمة صعبة مما دفعنا لتجهيز عيادات متنقلة جديدة واستدعاء أطباء جدد للمساعدة في الميدان من أجل توفير الرعاية الطبية المناسبة ونقل المصابين والضحايا وتوزيع المواد الغذائية.

أرجو أخذ العلم بأن أولى الجهود التي قامت بها المنظمة إجلاء الجرحى المصابين، وإرسال العديد من القوافل الإنسانية المؤلفة من عيادات متنقلة وفريق طبي وآخر إسعافي من متطوعيها بالإضافة إلى الأدوية الطبية والطعام والبطانيات وحليب أطفال للمهجرين بفعل الجماعات المسلحة الإجرامية، كما قامت بتقديم العديد من السلل الغذائية والصحية منوهين في هذا المقام بالدور الهام الذي تلعبه مع الهلال الأحمر العربي السوري جهات دولية تضطلع بالشأن الإنساني ومنها ( اللجنة الدولية للصليب والاتحاد الدولي للصليب والهلال الأحمر) وباقي الجهات المانحة الأخرى، ونحن نرحب بأي جهد في هذا المجال ولكن بالتأكيد على قاعدة السيادة الوطنية، ومن الأهمية بمكان تبيان أن الشأن الإغاثي في هذه الظروف اضطلعت به كافة مكونات المجتمع السوري بوجدانية ومسؤولية وطنية عالية، تعكس التكافل والتضامن الإجتماعي من خلال حالة تكاملية تشاركية تشتمل على الجهات الحكومية المعنية والجمعيات الخيرية والمبادرات الأهلية والمنظمات الشعبية وجهات أهلية أخرى ( المجتمع المدني ).

وقد لعبت الحكومة الدور الأبرز والأساس من خلال توفير مراكز الإيواء وكافة مستلزماتها اللوجستية وما تقدمه من احتياجات حياتية سواء بشكل مركزي أو سواء من خلال ما يقدمه السادة المحافظون على ساحة كل محافظة.

كما قامت الحكومة بتقديم الدعم المادي للجهات العاملة في الشأن الإغاثي سواء كانت حكومية أو غير حكومية وشكلت لجنة إغاثة عليا برئاسة السيد وزير الشؤون الإجتماعية والعمل والهلال الأحمر العربي السوري عضواً فيها، إضافة إلى باقي الجهات الحكومية والغير حكومية كما هناك ترصد ومتابعة ميدانية لتوفير كافة الاحتياجات الحياتية إلى الإخوة المهجرين سواء المقيمين في مراكز الإيواء أو في خارج الإيواء، ومن الطبيعي أن يكون للهلال دور فاعل في هذه اللجنة، كما دوره الميداني على الأرض.

نعلم بأن عملكم واجه معوقات وصعوبات خاصة في المناطق الساخنة ....هل تضعنا سيادتكم أمام تلك الصعوبات التي أعاقت ذلك..؟

من أهم الصعوبات التي واجهت المنظمة عدم استطاعة وصول بعض المتطوعين إلى المناطق الساخنة بسبب عدم توفر الأمن والأمان لتلك المناطق بفعل الجماعات المسلحة، حيث تمّ استهداف سيارات الإسعاف وسيارات المساعدات وإداريي وكوادر الهلال الأحمر العربي السوري كما أسلفنا، لكننا ماضون في تحمل مسؤولياتنا ومهامنا الوطنية تجاه شعبنا.


في النهاية لا يسعني إلا أن نتقدم بجزيل الشكر للسيد وزير الدولة لشؤون الهلال الأحمر العربي السوري على إتاحته الفرصة لإجراء هذا اللقاء والذي من خلاله يتعرف الجمهور السوري على هذا القطاع وأهميته... وسبل الآلية للخدمات التي ُتقدم من المنظمة مشاركة مع المجتمع الأهلي ومن الحكومة، وفاء منا لأرواح الشهداء الذين قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل عزة الوطن ورفعته ومواساة لذويهم، نتمنى من الحكومة تقديم الرعاية المرجوة لهم أسوة بشهداء الجيش العربي السوري.
بارك الله فيكم وبجهودكم ... وفقكم لكل خير.

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024