السبت 2012-09-01 03:42:38 صحافة وإعلام
الرهان الثالث
د. خلف علي المفتاح

يأتي اختيار الدبلوماسي الجزائري المخضرم الأخضر الإبراهيمي رهاناً ثالثاً في إطار التعاطي الدبلوماسي الإقليمي والدولي مع الأزمة السورية بعد الفشل الذي لحق بمهمتي الدابي وكوفي أنان ولاشك إن المبعوث الأممي الجديد سيواجه تحديات كبيرة ومتعددة أن حسم خياراته باتجاه تحقيق

نجاح ولو على نحو ما يأتي في مقدمتها أن لا يصاب بالإحباط قياساً على ما انتهى إليه سابقوه من فشل الأمر والاستثمار فيما مضى وأخذ العبرة منه ويتمثل ذلك من وجهة نظرنا في تحديد مواقف بعض أطراف الأزمة وخاصة الخارجية على حقيقتها منظوراً إليها بثقلها الدولي المالي أو العسكري الاقتصادي وعدم عرقلتها لمهمته ووضع العصي في عجلاتها وهو ما أدى إلى نتائج عكسية وهنا يصبح من المهم للإبراهيمي التعاطي المتوازن والواضح في السياقات التي تسير وفقها الأزمة بأبعادها المحلية والإقليمية والدولية وإدراك طبيعة العلاقة بينها على قاعدة التأثير والتأثر بين الداخل والخارج على قاعدة أن ما يميز الأزمة في السورية ويعطيها خصوصية معينة هو تحولها إلى أزمة دولية وإقليمية انخرطت فيها قوى كبرى تماماً كما وصفها الأمين العام للأمم المتحدة بقوله إنها حرب بالوكالة، وهذا يعني أن أي طرف فاعل فيها لا يمكن له القبول بالهزيمة في ظل توازن للقوى المنخرطة فيها وهو ما يجعلها مرشحة للاستمرار فترة زمنية طويلة، وهذا يعني المزيد من سفك الدماء وتضاؤل فرص الحل.‏

إن قدرة الإبراهيمي على إقناع الأطراف الدولية على أن الرهان على ما يسمى إسقاط النظام عبر إنهاكه عسكرياً واقتصادياً هو رهان خاسر، يشكل من وجهة نظرنا الخطوة الأولى للنجاح لأن ذلك سيجعلها تكف عن تشجيع المعارضة على رفض الحوار مع السلطة الوطنية وهو ما سيدفعها للقبول بوقف العنف وكل أشكال العمل المسلح ويشجع السلطة الوطنية السورية على ذلك أيضاً، على قاعدة الفعل ورد الفعل والأمر الآخر هو قدرته على إقناع بعض أطراف المعارضة الخارجية التي لا تزال تراهن على التدخل الخارجي بأن ذلك غير ممكن لعدة أسباب منها أن الاتجاه العام في العلاقات الدولية في ظل حالة التوازن في القوى بين أطراف الأزمة لا يسمح بذلك نظراً لتكلفته الباهظة وغياب الحد الأدنى من مبرراته على كافة الصعد.‏

إن القدرة على إقناع أطراف الأزمة بقبول حلول وسط يتأسس على مبدأ التوازن في الخسائر والأرباح، وثانيهما تشكيل قناعة لدى القوى الإقليمية إن نجاح أي فريق من الأفرقاء في ساحة ما من ساحات الصراع لا يعني نجاحه في بقية الساحات بل ربما تحول نجاحه إلى كارثة عليه في مكان آخر، انطلاقاً من واقع أن الإقليم يشكل منظومة أمنية واحدة نتيجة التشابه في البنى الثقافية والدينية والمذهبية والعرقية لمكوناته يمثل أرضية يمكن الارتكاز عليها في ولوج طريق النجاح لمهمة الإبراهيمي.‏

إن إطفاء النيران شيء وإطفاء مصادرها شيء آخر وقد يكون إطفاء مصادر النيران في الأزمة هو العنصر الجوهري لإيقاف الحريق الذي بدأ يمتد باتجاه مصادره، وهنا يمكن لتشكيل حالة خوف مشترك لدى جميع الأطراف والقوى تداعيات الأزمة عليها أمر في غاية الأهمية.‏
ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024